يوم أمس، ذكرت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة أنها أحالت خمسة محلات مجوهرات إلى النيابة العامة، وذلك على إثر ضبطها لهذه المحلات التي تقوم بعرض وبيع لؤلؤ مزروع من غير نواة مصدرُه من المياه العذبة والمياه المالحة ما يُعَدُّ مخالفاً للقانون. الوزارة قالت إن حملاتها التفتيشية تهدف إلى «زيادة الوعي بأهمية تقيُّد محلات المجوهرات بعدم عرض أو بيع اللؤلؤ المزروع حفاظاً على سمعة المملكة في مجال بيع اللؤلؤ الطبيعي».

البحرين كانت المصدر الأساس لأفضل أنواع اللؤلؤ في العالم على مدى آلاف السنين، وهذا يعود لعدة أسباب؛ منها توافر مزيج المياه الحلوة مع المياه المالحة، كما أن مياه الخليج المحيطة بالبحرين ليست عميقة، وبالتالي فإنّ أشعة الشمس تصل إلى المحّار، وينتج عن ذلك بريق خاص وفريد من نوعه. غير أن صناعة اللؤلؤ الطبيعي انهارت بعد دخول اللؤلؤ الياباني المزروع للأسواق، واكتشاف النفط في البحرين في ثلاثينات القرن العشرين. صناعة اللؤلؤ أصبحت الآن نوعاً من التراث أكثر وليست مصدراً للدخل الذي يُحتسَب في الناتج القومي.

اللؤلؤ ذو الجودة العالية، إذن، كان مصدر الثراء للبحرين في قديم الزمان، وحالياً فإنّ أكبر مخزون من اللؤلؤ الطبيعي ربما يكمُن في الهند، وذلك اللؤلؤ جاء في الأصل من البحرين، ومازال صيد اللؤلؤ على الطريقة التقليدية يمارَس في الهند، ولكن على نطاق ضيِّق. وعليه، فإنّ الحفاظ على اللؤلؤ الطبيعي ربما يُعطينا إحساساً بالفخر بتاريخنا، ولكن في الواقع فإنه يوضح لنا كيف أننا نتغنّى بالماضي في أكثر الأحيان، وهذا يبدو واضحاً أكثر بالنسبة لموضوع اللؤلؤ. لقد كانت أسواق البحرين حتى خمسينات القرن العشرين هي الأفضل في الخليج، وكان شارع باب البحرين هو سيِّدُ الأسواق في المنطقة. ولكننا في الوقت الذي ينبغي أن نستمر في الاعتزاز بتلك الحقبة، إلا أن علينا أن ننفتح على خيارات الواقع وأن ننافس بحسب ظروف ومعطيات حاضرنا، وأن ننظر إلى المستقبل أكثر من التغنِّي والتمسُّك بالماضي فقط. إنّ العالم المحيط بنا لم يتوقف عند الزمن الغابر، وإنما تطوَّر بصورة كبيرة، وعلينا أن نلحق بذلك التطوُّر، وأن نتميَّز من خلال تحقيق النجاحات في مختلف المجالات. ليس المقصود بهذا الطرح أن لا نحافظ على التراث، ولكن التحدُّث عن اللؤلؤ الطبيعي - كما لو أنه لازال يمثل مصدراً مهمّاً للدخل - مجرَّد وهم، وعلينا أن لا نعيش في الوهم.