بعد أيام قليلة على صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2249 الذي أجاز للدول استخدام كل الوسائل الممكنة في محاربة تنظيم «داعش»، كشف قيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه الزعيم الكردي مسعود بارزاني لصحيفة "السياسة" الكويتية أن الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة نقل أفكاراً جدية الى بعض القادة العراقيين بينهم بارزاني بأنه يفكر بالقيام بعملية برية كبيرة ضد «داعش» في العراق وسورية في المستقبل المنظور.
وقال القيادي الكردي إن «هذه الأفكار سمعناها من عسكريين أميركيين وفرنسيين وبريطانيين وكنديين وبالتالي فكرة عملية برية عسكرية واسعة ستتم بمشاركة قوات كبيرة من دول الائتلاف من أجل هزيمة داعش بشكل نهائي ودحره من المدن التي يحتلها في العراق وسورية».
وأوضح أن العسكريين الغربيين نقلوا أفكاراً الى مسؤولين عراقيين بأن العملية البرية الدولية ربما تكون خياراً لا بد منه ولذلك يجري توسيع وتطوير السيناريوهات المطروحة في هذا الإطار، لأن الخطط العسكرية السابقة سيما التي وضعها الاميركيون من باب الاحتياط اعتمدت على عمليات برية محدود أو خاصة وليست عملية برية كبيرة، وهذا معناه أن عديد القوات الدولية البرية ربما يفوق 100 ألف عسكري على اعتبار أن جبهات القتال مع «داعش» متعددة، كما أن مرحلة ما بعد داعش في هذه المدن ربما تتطلب تواجداً لقوات كبيرة من الائتلاف الدولي لتأمينها ومساعدة القوات العراقية وقوات المعارضة السورية المعتدلة وأي قوات مقبولة شاركت في دحر التنظيم المتطرف.
وبحسب معلومات القيادي، فإن منطقة عازلة في شمال سورية ستكون قاعدة كبيرة لقوات الائتلاف، كما أن اقليم كردستان ومدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، كبرى المحافظات العراقية غرباً على الحدود مع سورية، سيكونان من أهم المواقع الأرضية لقوات الائتلاف، وبالتالي الهدف من العملية العسكرية الوشيكة هو اقتحام مدينتي الرقة السورية والموصل العراقية، أبرز معاقل قيادات «داعش»، لأن القرار الغربي هو أن تتولى قوات برية اغتيال أو اعتقال هذه القيادات.
وأكد القيادي المقرب من بارزاني أن الغرب بعد اعتداءات باريس الأخيرة غير الغرب الذي كان قبل هذه الاعتداءات، «وبالتالي لمسنا في اليومين السابقين كقيادات كردية وعراقية من العسكريين في الائتلاف نوعاً من الرغبة الشديدة بالانتقام عبر اقتحام الرقة والموصل واعتقال أو تصفية قيادات التنظيم».
وأوضح أن التسوية السياسية في سورية ستفرض بعد هزيمة «داعش» بدعم من المعارضة السورية المعتدلة، وستفضي هذه التسوية في ظل انتشار واسع للقوات الدولية على مساحة كبيرة من سورية الى رحيل نظام بشار الأسد ولكن ليس على الطريقة العراقية، بمعنى رحيل الأسد مع بقاء الجيش العربي السوري كمؤسسة عسكرية ومعظم المؤسسات الهامة في الدولة السورية، على أن يتم حل جميع الأجهزة الأمنية بطريقة هادئة سيما الأجهزة التي كانت ترتكب جرائم تعذيب وقتل جماعي في السجون ضد السوريين.
ولفت الى أن خيار التدخل البري الدولي يتقدم لأن التقييمات العسكرية الغربية في العراق وسورية تفيد بصورة واضحة أن القوات العراقية بينها القوات الكردية، وقوات المعارضة السورية المعتدلة، ليست قادرة على اقتحام مدن كبيرة مثل الرقة والموصل أو خوض حرب برية واسعة في مناطق مفتوحة وشاسعة في البلدين وبمتطلبات لوجستية هائلة، وهو ما يفسر أن معظم الانتصارات التي تحققت على «داعش» في الفترة القريبة السابقة شملت قرى وبلدات صغيرة.
ويخشى الغرب، بحسب القيادي العراقي، من استمرار الصراع العسكري والأمني مع «داعش» لسنوات طويلة، ما يعني استمرار تهديدات التنظيم للأمن في الدول الغربية واستمرار فرص شن هجمات ارهابية ربما تكون أكثر خطورة من الهجمات التي وقعت في باريس، ولذلك الغرب متحمس أكثر من أي وقت مضى لحسم الحرب مع التنظيم ضمن فترة زمنية ليست طويلة.
ولم يستبعد القيادي المقرب من بارزاني، استمرار تواجد قوات الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة سواء في العراق وسورية في مرحلة ما بعد «داعش» لسنوات قد تمتد الى خمسة أو سبعة أعوام لحين نجاح التسوية في سورية وإعادة ترتيب العملية السياسية العراقية على أسس جديدة قد تحمل بعض المفاجآت الكبيرة.