مر عقد على تولي أقوى امرأة في العالم زمام الأمور في ألمانيا، المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل برهنت خلال فترة حكمها عن قدرتها على مواجهة التحديات رغم الانتقادات التي واجهتها.
ووفقاً لتقرير نشره موقع "روسيا اليوم" فإنه بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2005 تولت أنغيلا دوروتيا ميركل، منصب المستشار لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب، وصنفتها مجلة "فوربس" ميركل كأقوى امرأة في العالم لعام 2011، واعتلت تصنيف قائمة أقوى امرأة في العالم خمس سنوات.
لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد السنوات العشر على رأس أقوى دولة اقتصادية في أوروبا، تواجه ميركل وحكومتها مجموعة من التحديات وعلى رأسها أزمة اللاجئين وخطر الإرهاب، ولعل موقفها المفاجئ عندما تدفق مئات الآلاف من اللاجئين من الشرق الأوسط وأفريقيا والبلقان إلى ألمانيا، حين قالت "حق اللجوء لا يوجد فيه حد أقصى"، في حين تعالت الأصوات بضرورة إغلاق الحدود قد يضعها في مرمى منتقديها.
في غضون ذلك زاد موقفها الأخير حول أحداث باريس من تعميق الأزمة، حين قالت: "نحن نعلم أن حريتنا أقوى من أي إرهاب"، مضيفة "دعونا نرد على الإرهابيين من خلال تشبثنا بقيمنا بثقة أكثر ومن خلال تدعيم هذه القيم في كل أنحاء أوروبا أكثر من أي وقت مضى".
كما أظهرت ميركل ديبلوماسيتها وحنكتها في إدارة الأزمات بعد أن طفت على السطح فضيحة تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية على ألمانيا، حين احتجت المستشارة الألمانية على ذلك وأكدت أن التنصت غير مسموح به أبدا بين الأصدقاء، وأن الحرب الباردة قد انتهت.
وتظهر المستشارة الألمانية، كقائد فذ للاتحاد الأوروبي خاصة عندما تمسكت بموقفها وأكدت صلابة المستوى الأوروبي، فمنذ 2008 وهي تدير الأزمة اليونانية وتحاول إنقاذ منطقة اليورو، وشددت على أن السياسة الألمانية تهدف إلى بقاء اليونان في منطقة اليورو، مشيرة حينها إلى أن المبادئ الراسخة تعتمد على الجهود الذاتية من جهة وعلى التضامن من جهة أخرى.
جدير بالذكر أن سياسة ميركل يطلق عليها "الميركيالية" نسبة إلى اسمها، كونها تلتزم الصمت في البداية وبعد ذلك تعبر عن غضبها بوضوح، وهو أمر لاقى انتقادا واسعا حيث عبر العديد من الساسة والمؤرخون بأن ميركل تخفف من حدة كل القضايا الخلافية، بحسب ما ذكره تقرير "روسيا اليوم".
ميركل الواقعية، ويظهر ذلك في قدرتها على مراجعة مواقفها القديمة، فبعد حادث فوكوشيما النووي تحولت ميركل إلى صف المطالبين بالتخلي تدريجيا عن المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية بعد أن كانت تدافع عنها في وقت سابق.
دخول ميركل إلى عالم السياسة جاء بمحض الصدفة وفي وقت متأخر نسبيا، فمنصب نائبة المتحدث الرسمي باسم آخر رئيس وزراء لجمهورية ألمانيا الديمقراطية، لوثر دي ميزير، سمح لابنة الخامسة والثلاثين عاما آنذاك بإظهار إمكانياتها الكبيرة في التواصل والتخطيط، وهي التي كانت قد انضمت إلى الحزب الديمقراطي المسيحي، حيث عرفت باجتهادها وطموحها.
ففي عهد المستشار السابق هيلموت كول تولت ميركل عام 1994 حقيبة وزارة البيئة والسلامة النووية، وهو منصب يتلاءم جيدا مع الدكتورة في الفيزياء، وبعد خسارة كول في الانتخابات البرلمانية عام 1998، رأت أنغيلا ميركل في ذلك فرصة لتعزيز مركزها في حقبة ما بعد كول، وقد تم تعينيها بعد ذلك أمينا عاما للحزب.
وانتخبت المستشارة الالمانية في أبريل/نيسان عام 2000 رئيسة جديدة للحزب الديمقراطي المسيحي، كما تم تقديمها في الانتخابات البرلمانية لعام 2005 كمرشحة لمنصب المستشارية ونجحت في ذلك بعد تشكيلها لتحالف كبير مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي.
وبعودة سريعة إلى تاريخ المستشارة، عملت أنغيلا ميركل نادلة في حانة بينما كانت تدرس الفيزياء في ألمانيا الشرقية وانتقلت فيما بعد للعيش في برلين، هذه بعض التفاصيل التي ظهرت في سيرة ذاتية للمستشارة حملت عنوان "ميركل، السلطة، السياسة"، كتبته الصحفية الألمانية باتريشيا ليسنير كراوس.
وكانت ميركل في طفولتها الطالبة الأولى على مدرستها وكانت ترغب في ان تصبح معلمة، لكن هذا الحلم تبدد بعدما اعتبرت الحكومة الشيوعية أسرتها مشتبها بها، لذلك فقد درست الفيزياء ومارست عملا لبعض الوقت في حانة.
ولم تنخرط ميركل في الحياة السياسية الا بعد سقوط حائط برلين عام 1989 حيث عملت في البداية في المساعدة في ربط أجهزة الحاسوب في مكتب حزب ديمقراطي جديد ثم التحقت فيما بعد بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قبل شهرين من توحيد ألمانيا.
بين البدايات والحاضر تبقى السنوات العشر التي أدارت بها ميركل ألمانيا الفيدرالية رهينة القرارات السياسية التي ستتخذها في موضوع اللاجئين فعلى ضوء قد يتحدد مستقبل مسيرتها السياسية.