يستعد العشرات من الزعماء الأوربيين والأفارقة للتوجه إلى جزيرة مالطا الصغيرة للمشاركة في قمة تبدأ غداً (الأربعاء)، تأمل أوروبا في أن تساعد على الحد من تدفق المهاجرين، غير أنها ستواجه صعوبات على ما يبدو بسبب اختلاف الأولويات بين الجانبين.
ووصل قرابة 800 ألف مهاجر إلى الأراضي الأوروبية عن طريق البحر خلال العام الجاري، مما يعد أكبر تحرك سكاني تشهده القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، وعلى رغم أنه من المتوقع أن يكون لهذا التدفق بعض المكاسب الاقتصادية، فإنه أدى أيضا إلى الضغط على الموارد المحلية وأثار موجة من التوترات السياسية.
ويأمل الاتحاد الأوروبي في أن تمثل القمة بشان الهجرة التي ستعقد في فاليتا عاصمة مالطا فرصة للتعاون مع الدول الإفريقية التي يأتي منها المهاجرون أو يمرون عبرها، وتم دعوة أكثر من 30 دولة من شمال وغرب وشرق ووسط إفريقيا للمشاركة في القمة.
وكان رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك صرح الشهر الماضي قائلاً "إن هدفنا هو أن تساعد هذه القمة على صياغة شراكة أوروبية إفريقية بشأن قضية الهجرة".
غير أن ثمة زعماء يشعرون بقدر أقل من التفاؤل، فالزعماء الأفارقة يواجهون كثيراً من الأزمات الأخرى التي يتعين عليهم الاهتمام بها، كما أن التعهدات الأوروبية بتقديم المعونات قد لا تكون لها نفس القوة التي كانت تتمتع بها في وقت من الأوقات، حيث أن بعض الوعود السابقة لم يتم الوفاء بها حتى الآن.
وعلى سبيل المثال لم تتعهد حكومات الاتحاد الأوروبي سوى بمبلغ 47 مليون يورو فقط من مبلغ 1.8 مليار يورو (1.9 مليار دولار) الذي تعهدت المفوضية الأوروبية بتقديمه لصندوق مالي يهدف لمعالجة الهجرة غير المشروعة في أفريقيا.
ووحذر رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونيكر أخيراً "كيف يمكن لنا أن نجري حواراً جاداً ومسئولاً مع أبناء عمومتنا الأفارقة إذا كنا نحن أنفسنا غير قادرين على الاستجابة بشكل مناسب لتعهداتنا لهم".
أما الخبيرة بمعهد "أفاري إنترنازونالي" للدراسات الإستراتيجية ومقره روما، نيكوليتا بيروزي، فتتوقع بأن المنهاج الذي تدفع به أوروبا لن يروق للشركاء الأفارقة.
وتوضح أن "المنهاج يهدف إلى إعطاء الأولوية القصوى لقضية الهجرة في برامج التعاون التنموي الأوروبية في إفريقيا، مع تخصيص مبالغ مالية كبيرة لهذا الغرض".
وقالت "من الواضح أن هذه مشكلة بالنسبة للنظراء الأفارقة، الذين من المؤكد أنهم سيحاولون إعادة التركيز على مجالات أطول أمداً, وعلى برامج التنمية... وهذا سيكون مجال واضح للخلاف بين الأطراف، وسينتهي الأمر بالتفاوض على مكاسب متبادلة".
وإلى جانب اللجوء إلى المبادرات الدبلوماسية ومنع النزاعات، يأمل الاتحاد الأوروبي أيضاً في إنهاء تيار الهجرة عن طريق المساعدة على تحسين الظروف المعيشة والعمل في إفريقيا.
وجاء في مشروع البيان الختامي المعد لقمة فاليتا، والذي اطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية (د .ب.أ) "يجب أن يكون هدفنا الرئيسي هو إحياء الأمل خاصة بالنسبة للشباب الإفريقي". وتتحدث خطة عمل أعدت للنقاش خلال القمة عن الحاجة لتوفير فرص عمل وتحسين إمكانات الحصول على الغذاء والرعاية الصحية، كما تدعو إلى خفض التكلفة المالية للتحويلات المالية التي يبعث بها المهاجرون لأقاربهم لتصبح أقل من 3 في المئة بحلول عام 2030، حيث أن هذه التحويلات التي يرسلها المهاجرون إلى ذويهم تلعب غالباً دوراً اقتصادياً مهماً.
وتشمل أولويات أخرى دعم الهجرة المشروعة، ومحاربة تهريب المهاجرين وتحسين المراقبة على الحدود.
وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتوليني لـ (د.ب.ا) مؤخرا إن الأوربيين سيقدمون "أكثر من ملياري يورو كمعونة لمعالجة الفقر والأسباب الأخرى التي تدفع إلى الهجرة".