يشهد سوق المنامة المركزي للحوم عزوفاً كبيراً من قبل المواطنين ليس فقط عن شراء اللحوم بل وحتى عن الحظور، فنادراً ما تشهاد بحرينياً يدخل هذه السوق منذ أن ارتفعت أسعار اللحوم نتيجة رفع الدعم عنها مطلع هذا الشهر. بالمقابل يعتمد القصابون على المقيمين من مختلف الجنسيات؛ في بيع ما يستلمونه من ذبائح توزعها عليهم كل صباح شركة البحرين للمواشي. وأغلب هؤلاء المقيمين اضطر للاتجاه نحو تقليص مشترياته منها، بالإضافة لتقليص عدد قطع اللحم في الوجبات. بينما يرى آخرون أن أسعارها مازالت رخيصة بالنسبة لأسعار بلدانهم. بينما توجد شريحة كبيرة منهم لا تستطيع الشراء بهذا السعر.

«الوسط» التقت مع بعض هؤلاء الزبائن واستطلعت آراءهم فيما يخص أزمة اللحوم في البحرين وما الذي تغير بالنسبة لهم بعد ارتفاع الأسعار. فقال الشاب السعودي سلمان الشراح الذي كان ينتظر تسليمه كمية اللحوم التي اشتراها، «هذه أول مرة أدخل فيها السوق من بعد رفع الأسعار. سابقاً عندما كنت أزور البحرين للتبضع أمر على سوق المنامة المركزي لشراء مستلزمات المنزل ومن بينها اللحوم التي كانت تعتبر رخيصة بالنسبة لنا. وعلمت قبل مجيئي أن الأسعار ارتفعت لكن ذلك لم يمنعني من الشراء. فمازال هذا السعر يعتبر أرخص مما لدينا في السعودية».

ففي السعودية حسب الشراح تباع اللحوم الأسترالية بسعر أربعة دنانير للكيلوغرام الواحد. أما اللحوم المحلية فهي أغلى سعراً وتصل إلى 5.500 دينار. في المقابل يعتبر سعر الدجاج لديهم أرخص، لذلك هم لا يشترونها من البحرين وتقتصر مشترياتهم في اللحوم على الحمراء.

الشراح كان يشتري اللحوم كي يعود بها للسعودية، وأمره مختلف مع المواطن السعودي مسلم عبدالله الذي يقيم في البحرين بغرض الدراسة فيشتريها كي يطهوها في مسكنه. يقول «أنا هنا منذ سنتين، كنت أشتري اللحوم باستمرار لرخص سعرها. أما بعد ارتفاعها فتوقفت عن شرائها».

ويضيف عبدالله الذي حضر للسوق بغرض الاستفسار عن الأسعار «أتيت اليوم للتأكد إذا ما عادت الأسعار لما كانت عليه أم لا بسبب الضغوط الشعبية. اكتشفت أنها ماتزال مرتفعة. وعليه سأنصرف ولن أشتري بهذا السعر». منوهاً أنه اشترى من بعد ارتفاع الأسعار مرة واحدة ولم يكررها. مبدياً إعجابه بتكاتف البحرينيين في رفض الأسعار المرتفعة ومقاطعتها، واصفاً إياهم بالقول «الشعب البحريني شعب واعٍ ومتكاتف. وأنا أقف معهم وموقفي كمقيم من موقفهم».

أما شريش باندي، وهو هندي الجنسية، يعمل موظفاً في البحرين، فقد اشترى كيلوغراماً واحداً فقط. يقول إنه كان في السابق يشتري كل أسبوع خمسة كيلوغرامات لعائلته. ولسبب ارتفاع الأسعار الآن اختصرها لكيلوغرام واحد فقط. ويضيف بلهجته المتكسرة «أنا يشتري ألحين لأن ما يقدر ما ياكل لحم. بس ما يشتري واجد. يخلي في الطباخ سبْجي جَسْتي وشوية لحم». و «سبْجي جسْتي» يقصد بها الخضار الكثيرة. أي أصبحوا يزيدون من الخضار في أطباقهم ويقللون من اللحوم كي تكفيهم الكمية التي يشترونها.

الحسنة الوحيدة لدى باندي من بعد ارتفاع الأسعار هي أن اللحوم أصبحت متوفرة. فسابقاً حسب قوله يأتي في أحيان كثيرة للسوق فيجد اللحوم قد نفذت. والآن أصبحت متوفرة باستمرار. وطبعاً هذا لسبب عزوف المشترين عنها.

وأشار إلى أن العديد من أصدقائه الآسيويين توقفوا عن شراء اللحوم منذ ارتفعت أسعاره. وقال بنبرة حادة «مو كل نفر يحصل معاش فوق. واجد نفر معاش كمتي فما يقدر يشتري لحم. فلازم يجي سعر تحت عشان كل نفر يقدر ياكل».

ولا يختلف المواطن النيبالي دان كثيراً عن باندي في التعامل مع أزمة اللحوم. فهو يرى الأسعار ظالمة لهم وبالأخص أن راتبه وزملاءه النيباليين كما يقول، لا يتجاوز المئة دينار. وعليه لم يشترِ قط منذ ارتفعت الأسعار وهذه كانت المرة الأولى، قائلاً إنه سيكتفي بكيلوغرام واحد فقط. وقارن أسعار اللحوم في النيبال والبحرين إذ أشار إلى أن سعر الكيلوغرام هناك يتراوح بين الدينار إلى 1.200 دينار. لكنه أردف بالقول إن طعمها هناك ألذ بكثير.

إبراهيم حسان سائق سيارات ثقيلة من الأردن. كان يريد شراء اللحوم لكنه امتنع قائلاً «أطبخ لي بندورة مع بصل وبيض أرخص». وحسان الذي يعمل في نقل الخضار من الأردن إلى البحرين اعتاد وزملاءه أثناء جلوسهم في البحرين بالأيام لتفريغ شحناتهم، على شراء اللحوم من السوق وطبخها. ويقول إنه كان يعلم بارتفاع الأسعار قبل مجيئه لأن زملاءه هنا اتصلوا له قائلين بلهجتهم الأردنية «جيبو معاكم لحم من الأردن، لأن اللحمة غليت هني».