تجاهلت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز مجموعة من المؤشرات الاقتصادية المهمة للاقتصاد السعودي، إذا ما أخذتها في الاعتبار لم تكن لتخفض التصنيف إلى A+، وتعكس هذه المؤشرات أنه من المستبعد ارتفاع تكلفة ديون السعودية بعد تصنيف الوكالة ، وفق ما نقلت صحيفة "الاقتصادية" اليوم الإثنين (2 نوفمبر / تشرين الثاني 2015).
ووفقا لتحليل أجرته وحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة "الاقتصادية"، فمن أبرز هذه المؤشرات أن قدرة المملكة على سداد ديونها مرتفعة جدا، نظرا لكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في أسوأ الاحتمالات لن تصل إلى 6 في المائة، وهي من أقل المعدلات عالميا ما لم تكن الأقل.
وفي حال استمرت السعودية في إصدار سندات بقيمة 20 مليار ريال شهريا اعتبارا من تموز (يوليو) 2015، سيصل إجمالي ديونها إلى 164 مليار ريال، بما يشكل نحو 5.8 في المائة من الناتج المحلي لعام 2014، البالغ 2.82 تريليون ريال، وهي من أقل المعدلات عالميا ما لم تكن أقلها على الإطلاق حاليا.
أما المؤشر الثاني الذي يظهر قوة الاقتصاد ويدعم استبعاد رفع تكلفة ديون السعودية بعد التصنيف، فالسعودية تلجأ للاقتراض من المصارف المحلية وليس الاقتراض الخارجي.
وسجلت ودائع المصارف بنهاية سبتمبر الماضي أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 1.65 تريليون ريال، بما يعكس قدرة كبيرة للمصارف السعودية على شراء السندات الحكومية وعدم الحاجة لطرح الحكومة لسندات خارجية.
والمؤشر الثالث هو نجاح السعودية في وقف السحب من الاحتياطي العام للشهر الثالث على التوالي، ليستقر حجم الاحتياطي عند مبلغ 659.5 مليار ريال حتى نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، وهو ذات المبلغ خلال شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس) من العام نفسه، وبالتالي فالمملكة لديها احتياطي ضخم يمكنها اللجوء إليه متى احتاجت.
رابعا تملك السعودية أصولا احتياطية، بنهاية شهر سبتمبر الماضي 2.5 تريليون ريال (655 مليار دولار) تضعها الثالثة عالميا في حجم الأصول الاحتياطية.
خامسا ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بالأسعار الحقيقية خلال الربع الثاني بنسبة 3.8 في المائة، مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي، وهو أعلى من معدل نمو العام الماضي البالغ 3.6 في المائة.
وارتفع الناتج المحلي للقطاع الحكومي في الربع الثاني 2015 بنسبة 3 في المائة، والقطاع الخاص بنسبة 3.1 في المائة، والقطاع النفطي بنسبة 5.1 في المائة.
الدين العام
وكانت نسبة الدين العام السعودي إلى الناتج المحلي، هي الأقل عالميا العام الماضي، وتبقى كذلك على الرغم من السندات المصدرة أخيرا.
وتهدف الدولة من وراء إصدار السندات الحكومية الإبقاء على الإنفاق الحكومي عند مستوياته المرتفعة للسنوات الأخيرة بهدف تنفيذ مشاريع اقتصادية ضخمة تجري حاليا، وبهدف الحفاظ على معدلات نمو جيدة للاقتصاد وحمايته من أي انكماش.
كما تحاول الدولة تخفيف الضغط على الاحتياطي العام بعد أن تم سحب نحو 246 مليار ريال منه خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، حيث انخفض إلى نحو 659 مليار ريال بنهاية يونيو الماضي، مقابل نحو 905 مليارات ريال نهاية العام الماضي.
وكانت السعودية قد بدأت الاستدانة للمرة الأولى في بداية التسعينيات من القرن الماضي، وبلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 48 في المائة في عام 1991. ثم أخذت هذه النسبة في التصاعد إلى أن تجاوزت حاجز الـ60 في المائة من الناتج عام 1993، التي تعد الحد الخطر لنسبة الدين العام إلى الناتج، ثم استمر الدين العام في التزايد بعد ذلك حتى بلغ 109 في المائة تقريبا من الناتج في عام 1998، وهو الأعلى في تاريخ الدين العام السعودي كنسبة من الناتج.
ووفقا لتحليل "الاقتصادية"، بلغ الدين العام 660 مليار ريال عام 2003، لكن السعودية نجحت خلال 11 عاما، في سداد 616 مليار ريال، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط، لينخفض الدين من 82 في المائة من الناتج في عام 2003، إلى 44.3 مليار ريال في عام 2014، بنسبة 1.6 في المائة من الناتج.
وكانت أعلى قيمة تم سدادها من الدَّين خلال الفترة من 2004 حتى 2014، في عام 2005 حيث تم سداد 150 مليار ريال، ليصل الدَّين العام إلى 460 مليار ريال بعد أن كان في حدود 610 مليارات ريال في 2004.
وتطورت نسبة الدين من الناتج من 82 في المائة عام 2003، ثم 63 في المائة عام 2004، و37 في المائة عام 2005، و26 في المائة عام 2006، و17 في المائة عام 2007، و12 في المائة عام 2008، و14 في المائة عام 2009.
وفي عام 2010 تراجعت نسبة الدين من الناتج بالأسعار الجارية إلى دون الـ10 في المائة (8.4 في المائة)، ثم 5.4 في المائة عام 2011، و3.6 في المائة عام 2012، و2.2 في المائة عام 2013، وأخيرا 1.6 في المائة عام 2014.
الأصول الاحتياطية
بلغت الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، بنهاية شهر سبتمبر الماضي 2454.5 مليار ريال (654.5 مليار دولار).
ويشمل إجمالي الأصول الاحتياطية لمؤسسة النقد، الذهب، وحقوق السحب الخاصة، والاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي، والنقد الأجنبي والودائع في الخارج، إضافة إلى الاستثمارات في أوراق مالية في الخارج.
وتشكل الاستثمارات في أوراق مالية في الخارج نحو 68 في المائة من الاحتياطيات، بنحو 1672.2 مليار ريال. فيما النقد الأجنبي والودائع في الخارج نحو 30 في المائة بـ 735.7 مليار ريال.
أما الاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي فنحو 11.7 مليار ريال بنسبة 1 في المائة. وحقوق السحب الخاصة 33.2 مليار ريال يشكل 1 في المائة من الأصول الاحتياطية للسعودية. وبلغ الاحتياطي من الذهب 1.624 مليار ريال وهي مستوياته المستقرة منذ فبراير 2008.
وبشأن الميزانية، كانت الحكومة السعودية قد قدرت إيراداتها عام 2015، بقيمة 715 مليار ريال، في ميزانية العام الجاري، مقابل مصروفات بقيمة 860 مليار ريال، في إصرار من الدولة على تكملة مسيرة الإنفاق الحكومي الضخمة التي مما يرفع النفقات عاما بعد آخر.
الناتج المحلي
وارتفع الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بالأسعار الحقيقية (الثابتة) خلال الربع الثاني بنسبة 3.8 في المائة، مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي، وهو أعلى من معدل نمو العام الماضي البالغ 3.6 في المائة.
وارتفع الناتج المحلي للقطاع الحكومي في الربع الثاني 2015 بنسبة 3 في المائة، والقطاع الخاص بنسبة 3.1 في المائة، والقطاع النفطي بنسبة 5.1 في المائة.
ونما الناتج المحلي بالأسعار الثابتة خلال عام 2014 بنسبة 3.6 في المائة، ليبلغ 2.43 تريليون ريال، مقارنة بنحو 2.35 تريليون ريال خلال عام 2013، بزيادة 84.5 مليار ريال.
وجاء الدعم الرئيس من القطاع غير النفطي، الذي نما بنسبة 5.1 في المائة، بقيمة 66.4 مليار ريال، ليبلغ 1.38 تريليون ريال خلال 2014، مقابل 1.31 تريليون ريال خلال 2013، نتيجة لنمو القطاع الخاص بنسبة 5.7 في المائة.
ونما القطاع الخاص خلال 2014، بقيمة 51.8 مليار ريال، ليبلغ 960.6 مليار ريال في 2014، مقابل 908.8 مليار ريال في 2013.
أما القطاع النفطي، فقد نما خلال 2014، بنسبة 1.7 في المائة، بزيادة 17.6 مليار ريال، حيث بلغ 1.04 تريليون ريال في 2014، فيما كان 1.02 تريليون ريال في 2013.
الاحتياطي العام
ونجحت السعودية في الحفاظ على الاحتياطي العام دون سحب للشهر الثالث على التوالي، ليستقر حجم الاحتياطي النقدي عند مبلغ 659.5 مليار ريال حتى نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، وهو ذات المبلغ خلال شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس) من العام نفسه.
ونتيجة استمرارها في الإنفاق الحكومي الضخم في ظل تراجع أسعار النفط، لجأت السعودية إلى سحب 245.1 مليار ريال من الاحتياطي العام خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، ليصل إلى 659.5 مليار ريال بنهاية تموز (يوليو) الماضي، مقارنة بـ 904.6 مليار ريال نهاية 2014، بنسبة تراجع 20 في المائة.
وبحسب التحليل، فقد جاء استقرار الاحتياطي العام نتيجة لتوجه الدولة لخيار تمويل آخر بعيدا عن السحب من الاحتياطي، وهو اللجوء لإصدار سندات لمواجهة الإنفاق الضخم في البلاد، وسد العجز في الميزانية بسبب تراجع أسعار النفط.
وتراجعت أسعار النفط (خام برنت) بنحو 58 في المائة منذ منتصف حزيران (يونيو) من العام الماضي، لتصل إلى 48 دولارا للبرميل لعقود شهر كانون الأول (ديسمبر)، مقارنة بمستوى 115 دولارا 15 حزيران (يونيو) 2014.
والاحتياطي العام للحكومة السعودية هو أحد بنود ما يسمى ودائع واحتياطي الحكومة، الذي يشمل (الاحتياطي العام، وجاري الحكومة، ومخصصات المشاريع الملتزم بها).
وبند "ودائع واحتياطي الحكومة" هو جزء من جانب الخصوم في قائمة المركز المالي لمؤسسة النقد البالغة 2.57 تريليون ريال، التي تعادل الموجودات لدى "ساما" بالقيمة نفسها.
وتشمل الموجودات كلا من استثمارات في أوراق مالية، وودائع لدى البنوك في الخارج، ونقد في الصندوق، ونقد أجنبي وذهب، إضافة إلى موجودات أخرى متنوعة.
وكانت السعودية قد كونت احتياطيات ضخمة مستفيدة من أسعار النفط المرتفعة السنوات الماضية لتستخدمها عند تراجع أسعار الخام، كما هو الحال حاليا.
وكان الاحتياطي العام للحكومة قد قفز بنحو 53.2 مليار ريال خلال العام الماضي 2014، مسجلا مستوى تاريخيا هو الأعلى على الإطلاق، عند 904.6 مليار ريال، مقابل 851.4 مليار ريال عام 2013، مرتفعا بنسبة 6 في المائة في عام.