لا شكَّ في أنَّ سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابيّ على مساحاتٍ شاسعةٍ في سُوريَّة والعراقِ مُنذُ مُنتصفِ العام الماضي سيشغل المؤرخين. لكن إذا كانت هناك من دروس يُستفاد منها، فإنَّ الانتشار السريع للحركات المتطرفة، إنَّما جاء نتيجة فراغ سياسيّ وثقافيّ، أدّى إلى انهيار السُّلطة في عواصم عربيَّة عريقة. ولقد صاحب صعود نجم «داعش» انتشار ظاهرة التحريض الطائفي، وتغليف خطابات الكراهيّة بِغلافٍ دِينيّ، وبسبب ذلك تحوَّلت مَناطقُ عَديدةٌ تقع على خُطوطِ التماس والاستقطاب إلى حواضِنَ للإرهاب.
وعلى رُغمِ تولّي الولايات المتحدة مُهمَّةَ إنشاءِ وقِيادةِ تَحالُفٍ من دُولٍ عالميَّة وإقليميَّة لِمُواجهةِ «داعش»، فإنَّ التنظيمَ واصلَ تمدُّدَهُ حتى وقت قريب، وذلك لأنَّ الحَسْمَ والإرادةَ السياسيَّةَ لم يكونا واضحَي المعالِم، لكنَّ عِندمَا قرَّرت روسيا الدُّخول على خطّ المُواجهة في سوريّة، اتضح الفرق في النتائج وبِسُرعةٍ. ولعلَّ من أهمّ الدُّروسِ، هو أنَّ روسيا كانت واضحة في طريقة تعامُلها مع الواقع السياسي، بينما التحالف الذي قادتْه أميركا كانت خططه مُتضاربةً. فمن المؤكد أنَّ القُدُراتِ العسكريَّة المُتوافرةَ لدى أميركا أكثر من تلك المتوافرة لدى روسيا، لكنَّ الفرق يكمن في الإرادة، وفي الإطار العمليَّاتي، وفي طبيعة التحالفات على الأرض.
غير إنَّ الحسمَ العسكريَّ ليس هو الأصعب في مواجهة تمدُّد الحركات الإرهابيَّة، وإنما الأصعب هو طرح البديل السياسي الذي يملأ الفراغ بِصورةٍ مُقنعةٍ لمن يعيش في الأراضي التي تدمَّرت وتأثَّرتْ بِصورةٍ مُباشرةٍ بِالقتلِ والتوحُّشِ الذي مُورِسَ ضِدَّها.
من الواضح حالياً أنَّ الحدود الجغرافيَّة التقليدية أصبحت في تلك المناطق نظريّةً، وهي تغيَّرت ولا يمكن إعادتُها إلى سابق عهدها. ولأنَّ الشرق الأوسط الحديث الذي بدأ تشكيله قبل مئة عام كان قد انطلق من سوريَّة والعراق، فإنَّ إعادة تشكيله تنطلق أيضاً من هذه المنطقة.
ومن القضايا الشَّائكة التي تَقتربُ من الحسم ما يتعلَّق بالأكراد الذين حُرموا من تكوينِ دولةٍ في مطلع القرن العشرين... والأكراد لن يفوّتوا الفُرصةَ التي توافرت لهم في مطلع القرن الحادي والعشرين، وحاليّاً فإنَّ كلُاًّ من الشمال العراقي والشمال السوري أصبحا مَنطقتين كُرديَّتينِ قرَّرتا مصيرهما من خلال مُقاومةِ الحركاتِ المتوحّشة، ومن خلال التحالف مع أميركا وقوى مؤثّرة أخرى. وأيُّ مفاوضات تُجرَى حاليّاً فإنَّ عليها أنْ تُضمّن حساباتها الوُجودَ الفعليَّ لِسُلطتينِ كُرديَّتينِ قائمتينِ بذاتهما، وهما يُمثّلان جانباً من الأرقام الصعبة، ولا تحتاج السُّلطتان في العراق وسورية إلى الارتباط العضويّ ببغداد أو دمشق، اللّهمَّ إلاَّ من خلال اتفاقيَّات برتوكوليَّة لحفظ ماء الوجه. أمَّا الأكرادُ في تركيا وإيران، فإنَّهم سيبحثون عن مُعادلاتٍ تُناسبُهُمْ بعد استتْبابِ الوضع في سوريَّة والعراق.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4804 - الأحد 01 نوفمبر 2015م الموافق 18 محرم 1437هـ
فعلا
الاكراد يمارسون التطهير العرقي ضد العرب في هذه المناطق يا استاذ تمهيدا لاستقلال فعلي سيؤثر على وضعهم في تركيا و ايران ايضا
لذلك نحن ضد استقلالهم و مع الدول المركزية
احم احم
حسب معرفتي بالاكراد هم الضمير اللي سكن جبال شمال العراق وسوريا وهم العين اللي كانت تراقب وتتاثر بالاحداث في المنطقة ؟
لكن لسوء الحظ عقلية الدول اللي تحكم ما سمحت لهذا الشعب بتقرير مصيره ؟
زائر 1
النظام في سورية وكل الدول العربيه هي كلها نفس الشي ولا فرق بينها الا في اللباس فانتم في سوريه تبحثون عن سراب حتى لو سقط الاسد لا سمح الله راح باتونكم بنظام زي اللي موجود في دولنا العربيه ولا تفتكر ان سوريه ستصبح الجنه الموعوده وانما ستكون صومال او ليبيا اخرى وراح تترحمون على الاسد
داعش
الروس تضرب في اخواننا السوريين وانت يا استاذ تعرف ان الضربات موجه اكثر الى الجيش الخر وليس الى داعش والنظام السوري يريد ان يتخلص من الجيش الحر وليس من داعش وانتم تطبلون للنظام السوري وناسيين الشعب السوري وشكرا