كنت في احدى الصيدليات، ورأيت أحدهم من ذوي الوزن الثقيل من السُمنه يدخل الصيدلية موجوعاً، يسأل الصيدلانية ما اذا كان لديها جرعة اقوى من المُسَكِن الذي وصفته طبيبته؛ لأنه لم يعد يفيده في أوجاعه التي وصلت إلى أسنانه، وهو شيء غريب لم أسمع به قبلاً، وتملكتني الحيرة؛ لأنني شعرت حينها بمعاناة هذا المسكين ليس فقط في أوجاعه ولكن ايضاً مع جهله وبالطريقة التي يشعرها بانتشار مرضه، وكيف لا يرى جسده وما وصل اليه، وبأن علاجه لايكون إلا بالتخلص من وزنه الزائد، أم أنه جاهلٌ بامور الأكل الصحي والرياضة، أو أن هنالك أشياء وآلام نفسية دفعته لما هو فيه وهو لازال في مقتبل العمر!
وكيف له أن يتوقع بأن الأدويه مهما كانت قوتها لن تتمكن من شفائه مع تراكم وتكدس كل تلك الدهون والأثقال على أعضاء جسده، والتي ترهقها وتعيقها عن القيام بأبسط وظائفها وتوجعه، وتألمت أكثر وخاصةً عندما سمعت الصيدلانية تضاعف الجرعة وتبيعه ما يريد ودونما اعتراض (همها البيع وليس النصيحة)!
فلقد انتشرت السمنة كثيراً في مجتمعاتنا صغاراً وكباراً والغريب أن القلة التي تعرف كيفية المحافظه على أجسامها، أما الغالبية فهم لايرون أو يدركون خطورتها وهم يرون ان السمنة شيء اعتيادي ومتوارث في مجتمعاتنا، غير مدركين أنها داءٌ خبيث صامت ولايشعر الفرد به إلا وهو يرى مضاعفاته المخيفة.
وتُعتبر السبب الأول للموت المبكر، وقد يكون أحدها بسبب جلوس الشباب أو الكبار على مكاتبهم لساعاتٍ طوال تزيد على العشر ساعات، ومع قلة الحركة تقل نسبة حرق الدهون وزيادة الوزن، ومع الوجبات السريعة غير الصحية كلها تساهم في ارتفاع ضغط الدم والسكري والكوليسترول والتهابات القولون والمفاصل وحتى السرطانات تزداد نسبتها، والكل يعرف أن كثرة تناول المُسَكنات ليست حلاً او علاجاً بل هو تخدير لمواطن المرض، وأن الأوجاع هي الناقوس الأول والمفيد حقاً للإنذار المبكر لوجود شيء غير طبيعي وخطر في اجسامنا، وعلينا الانتباه، وتشخيص المرض، وتحديد العلاج الطبي مع الطبيعي وخاصةً اذا ما استمر لعدة ايام، والإقلال من المُسكنات للتعرف على اعراض المرض لشرحها للطبيبة.
كوجع الاسنان بسبب التسوس أو مرض اللثة وعلاجهما سهلٌ في بداياته لكن اذا ما تم اهمالها واللجوء إلى لمسكنات فستكون نتيجتها فقدان الاسنان مبكراً.
وأعتقد أن للأطباء دورا اساسيا في المساهمة في ارشاد المرضى، وبأن الوقاية خيرٌ من العلاج وفي تخفيف أوزانهم وعدم الاعتماد على اعطاء الأدويه والمسكنات؛ ولكن يبدو انه في ايامنا لا وقت لديهم لذلك، وقد يكون بسبب كثرة المرضى والضغوط اليومية، وقد ينصحونه بضرورة تنزيل الوزن، ولكن دون اية مُساعدة فعلية، وحيث ان التنبيه وحده غير كافٍ؛ بسبب تعود المرضى على نمطية غذاء وحياة يصعب تغييرها بجهودٍ فردية اضافةً الى الجهل التثقيفي للتنحيف.
لذا أرى أنه من واجب جميع القطاعات المسئولة الانتباه لخطورة مرض السُمنه المنتشر كالوباء بدءا بوزارة الصحة وجمعية الاطباء والجمعيات الأهليه الأخرى والمدارس والجامعات، وعمل حملات وورشات مكثفة وتوعوية لهذا الغرض ومستمرة طوال العام للارشاد على تناول الأكل الصحي والرياضة، وعلى ان يُعلن عنها في جميع الوسائل الاعلامية، ويُسجل فيها المرضى الراغبون من جميع الاعمار والقطاعات، للحد من خطر السُمنة والتي ستساهم في انقاذ الكثير من الأرواح، كما ستوفر الملايين من المبالغ التي تصرف على الأدوية، ويتحتم التعامل مع امراض السمنة كالتعامل والاهتمام للأمراض الخطيرة والوبائية، وياحبذا مشاركة الأطباء النفسيين للتوعية والمساندة النفسية والتي قد لا تكون اسباب الشراهة للأكل هي الجوع والجهل بالغذاء، بل بسبب الاضطرابات النفسية والتي تُعتبر مرض العصر الحديث؛ بسبب ضغوطات الحياة والانغماس في الأكل لنسيان همومهم، وتعويض الاكتئاب وعدم الرضا اوالسعادة، وبأن تقوم الدولة بتقديم دعمها بالإكثار من الأماكن الترفيهية للمشي والرياضة، وفتح الشواطئ المُغلقة لممارسة السباحة والتي هي من أفضل الرياضات لتخفيف الوزن وللصحة النفسية عموماً، مع تمنياتي بان نتعاون جميعاً للتخلص من غزو ذلك العدو الخبيث والذي يعيش صامتاً بيننا.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4803 - السبت 31 أكتوبر 2015م الموافق 17 محرم 1437هـ
في الصميم يا أستاذتنا القديرة
كانت مشكلتي السمنة وما صاحبها من سمنة على وجهي آذتني في مظهري و جعلتني أخجل من وجهي، ودائما كنت أبحث عن حلول ترقيعية ( كريمات ضد التجاعيد أو لشد البشرة ) ، لكن الآن بدأت أدرك أن لا حل حقيقي إلا بمعالجة السبب الحقيقي ، وهو السمنة .
لذلك قللت كمية غذائي و إضافة لذلك سجلت في احدى النوادي الرياضية ، أشعر الآن أنني أسير في الطريق الصحيح .
وشكرا جزيلا لك ...
أحسنت
مشكلتنا أننا نريد حلولا سريعة ، أدوية سحرية تفعل مفعولها ونحن جالسون في اماكننا بلا أي جهد ، هذا الذي نبحث عنه في الصيدليات و لسبب واحد ، أننا أصبحنا كسالى .....
حبذا لو تكتبين في هذا الموضوع أيضا يا أستاذتنا المتميزة .