قبل البدء بمقالي اليوم لأوضح امرا هاما يتعلق بماهية الموضوعات التي احاول ان اطرحها هنا وبكوني اخصائية علاج نفسي، وهو أن المشكلات النفسية التي تصيب الفرد كالقلق والاكتئاب والتوتر والخوف وكذلك المشكلات الاسرية والزواجية والتربوية والسلوكية، ليست باستقلال أو بعيدة عن الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تدور حولنا، ولاعطي مثالا على ذلك، فاذا كان الزوج مثلا يعاني من مشكلة مالية أو فصل من عمله أو يعاني من التمييز في عمله، هل من الممكن أن نتفاجأ أن يصاب بالقلق أو الاكتئاب أو المشكلات الزواجية، أو اذا كانت الزوجة تعمل لوقت مطول لتساعد في تلبية الحاجات الاساسية لاسرتها هل سيذهلنا أو نقوم بلومها على المشكلات السلوكية التي من الممكن أن يتعرض لها أبناؤها، شخصيا أعتقد أننا لا نستطيع أن نجزئ المشكلات أو نتجاهل العامل الاساسي المسبب للمشكلة النفسية، فالبطالة سبب، التمييز سبب، عدم الشعور بالامان والخوف من المستقبل سبب آخر للعديد من المشكلات الشخصية والاسرية التي أصبحت تصدم مجتمعنا البحريني ولا يتخيل وجودها في كثير من الأحيان، لهذا يعتقد البعض أن بعض الموضوعات تعتبر (نغزات) وقد يكون السبب (أن على راسه بطحة).
والشيء بالشيء يذكر فبعض الاشخاص أصبحو يعتقدون انهم أفضل من الجميع لمجرد حصوله على عدد من الامتيازات أو تغير وضعه الاجتماعي والوظيفي فجأة دون أن يستوعب هو نفسه ذلك، أو قد تكون مشكلة نفسية تسمى علميا (البارنويا التخيلية)، والتي تصنف لدى المنظمة العالمية للصحة في خانة «الاضطرابات الهذيانية» المستدامة و»المقبولة non bizarres»؛ أي أنها مرتبطة حقيقة بأوضاع يمكن أن نصادفها أو لا نصادفها.
ويمكننا أن نميز بين مختلف التصنيفات المندرجة في خانة البارانويا حسب مجال الهذيان: بارانويا الاضطهاد، وهو المتوافر والمتواجد بشكل كبير، أو بارانويا الغيرة، أو بارانويا المس الشبقي أو الولع الجنسي (المريض فيه مقتنع بأن محبوب من قبل أحد معارفه أو أنه مشهور) جنون التعاظم (فالمريض يرى أن لديه مهمة تتمثل في إنقاذ الإنسانية) أو المريض بالوهم أو المصاب بوسواس المرض (يعتقد أنه مصاب بجميع أنواع الأمراض والآلام). توجد فيما بين هؤلاء المرضى، رغم اختلاف أمراضهم، قواسم مشتركة؛ فقدراتهم العقلية تظل سليمة، ويظل سلوكهم عاديا خارج مجال مرضهم، حتى أنهم يحافظون دوما على نشاطهم المهني عاديا، فهذيانهم متماسك، وتبدو طريقة تفكيرهم أحيانا جد معقولة ومقنعة، كما يملكون القدرة أحيانا على أن يظهروا أكثر قدرة على إقناع أشخاص آخرين بهذيانهم. إن الميكانيزم الأساسي الذي تعطاه الأولوية من قبل المحللين النفسيين بخصوص مرض البارانويا هو الإسقاط: «إن تصورات المرضى عن أنفسهم هم ذواتهم هو ما يبدو لهم وما يعتبرونه لا يطاق وغير قابل للتحمل».
إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"العدد 4794 - الخميس 22 أكتوبر 2015م الموافق 08 محرم 1437هـ