تخاطب اللوحات الفنية العاشورائية التي تمثل ظاهرة في مختلف قرى ومناطق البحرين خلال موسم عاشوراء بلغة الفن، كل الجنسيات والأديان، فمع اللوحات التقليدية الكربلائية، برزت مضامين وعناوين متعددة تشمل قيمًا ودلالات تحتويها لوحات العديد من الفنانين المحترفين والهواة.
ومنذ تأسيسها في العام 2001، وهي تشعل شمعتها العاشورائية الخامسة عشرة هذا العام، نجحت جمعية المرسم الحسيني للفنون الإسلامية في إضافة نموذجًا جديدًا من التلاقي الحضاري في ذكرى عاشوراء الحسين «ع»، فهذه الذكرى تحمل قيمًا ومبادئ لا تقتصر على المجتمعات الإسلامية، بل تشمل البشرية جمعاء، ولهذا فإن الريشة والألوان وإبداع الفنانين البحرينيين وغير البحرينيين، أقامت جسورًا لإيصال الكثير من الأفكار ضمن إشعاع حسيني يلامس القلوب والعقول.
عطاء في حب الحسين
ويلفت رئيس الجمعية عبدالنبي الحمر إلى أن مجلس الإدارة وضع ترتيباته لاستقبال الموسم في مقر الجمعية ضمن قاعته المعروفة في المبنى المجاور لمأتم العريض بالمنامة، معبرًا عن تفاؤله في أن يكون الموسم الحالي مليئًا بعطاء الناس في حب الحسين «ع»، باعتباره موسم عطاء للدين الإسلامي.
وفيما يتعلق باتساع نشاط المرسم على مدى 15 عامًا وتطوره عامًا بعد عام، يتحدث الحمر باعتزاز بما تحقق حيث أصبح واجهة وأهداف وحضور المرسم الحسيني منتشرة في الكثير من قرى ومناطق البحرين، أما بالنسبة للعاصمة المنامة، فيمكن مشاهدة مشاركات الفنانين في زوايا عديدة على مسار مواكب العزاء.
طاقات واعدة تقدم إبداعها
ويصف ذلك المشهد بالقول: «هناك الكثير من شباب القرى.. فنانون محترفون وهواة.. مختلف الأعمار ومن الجنسين، أصبحوا يحملون أهداف الجمعية إلى مناطقهم ويقدمون عطاءً فنيًا وإنتاجًا شجع الكثيرين على إظهار قدراتهم ومواهبهم، ولهذا أصبحنا نرى سنويًا طاقات واعدة من المبدعين في مجال الفن التشكيلي والديكور والنحت، وأصبحنا نرى ابداعًا في انجاز المجسمات، وعلى مدى السنوات العشر الماضية على الأقل، وجدنا كيف أن الفن التشكيلي الذي كان مختصرًا على نخبة الفنانين، يستقطب في كل عام إضافات جديدة متميزة، واستطيع القول إن هذه من بركات ذكرى سيد الشهداء، فالمرسم يقدم انتاجه للجميع، من كل الأديان والطوائف والملل، وأنت تعلم أن فئة كبيرة من الناس تستمتع بالفن التشكيلي والفنون التعبيرية والمرسم الحسيني أصبح اليوم في مقدمتها».
للإنسانية جمعاء
ويتطرق الحمر إلى جانب مهم، وهو الاستقطاب الذي مثله المرسم الحسيني لكل أطياف المجتمع البحريني، قافزًا على كل ما دونه من أفكار تفرق الناس، فجمال الفن وربطه بذكرى كربلاء الخالدة وارتباطها بعطاء سيد الشهداء وأبطال كربلاء وأهل بيته الأطهار للدفاع عن الدين الإسلامي، ينقل الجميع إلى بوابة أوسع وهي أن مباديء الإمام السبط الشهيد هي لكل الإنسانية جمعاء، لا تفرق بين دين ولون وجنس، وهي بذلك تتجدد وتُخلد وتنتشر كونها من عمق تعاليم القرآن الكريم والدين الإسلامي الحنيف، ولربما أثرت الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد ولاسيما على مستوى مشاركة الفنانين غير البحرينيين، والمشهد العالم في العالمين العربي والإسلامي من أحداث دامية وصدامات، جعلت الكثير منهم يعزف عن المشاركة رغم مواصلته في الحضور والزيارة، ونتوقع أن يزول ذلك خلال هذا العام وتعود درجة مشاركة الفنانين المقيمين من كل الجنسيات بشكل أكبر.
إصرار وصبر وحكمة
ويشير إلى أن استقرار المرسم في مقره الحالي بعد معاناة استمرت لسنين، يكشف مدى اصرار وصبر وحكمة أعضاء مجلس الإدارة ومنتسبي الجمعية وداعموها على أن يبقى هذا المرسم المعلم شامخًا معطاءً عاماً بعد عام، ونود توجيه الشكر إلى إدارة مأتم العريض الكرام لدعمهم وتسهيلهم حصولنا على المقر بسعر مناسب، ووفق قانون الجمعيات، فإن مجلس إدارة الجمعية هو من يدير المرسم بشكل مستقل والتزام بالقوانين والأنظمة.
وفيما يتعلق بالمشاركات المتنوعة للجمعية طوال العام، خارج إطار موسم عاشوراء، فيوضح الحمر أن مما تعتز به الجمعية هو مشاركتها في مختلف المناسبات الدينية والاجتماعية والوطنية، وتنويع الدورات والأنشطة حسبما هو متاح من إمكانيات، ولعل أبرز عناصر النجاح هو الإيمان التام لدى كل أعضاء الجمعية ومحبوها على مستوى الإدارة والمتابعة والأداء، بألا يترددوا في تقديم كل فكرة ومقترح وعمل يسهم في تألق مسيرة الجمعية، وبودي أن أعبر عن عميق شكري للزملاء أعضاء مجلس الإدارة ولكل الفنانين من المحترفين والهواء، ولكل من شارك ويشارك وسيشارك معنا ولو بزيارة خاطفة، فهؤلاء كلهم نضع لهم مكانة فخر وشرف.
وتستعد الجمعية لعقد انتخابات جمعيتها العمومية في الثاني من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل 2015 لانتخاب مجلس إدارة جديد، وأول مسارات الأعضاء استعدادًا للدورة المقبلة هو وضع خطة العمل والاستمرار في تقديم طابع عاشورائي حضاري ميز مملكة البحرين على مدى خمسة عشر عامًا.
العدد 4788 - الجمعة 16 أكتوبر 2015م الموافق 02 محرم 1437هـ