العدد 4784 - الإثنين 12 أكتوبر 2015م الموافق 28 ذي الحجة 1436هـ

من تونس لنتعلم ...

عصمت الموسوي

كاتبة بحرينية

حسب لجنة جائزة نوبل النرويجية في بيانها يوم الجمعة الماضي فإن فوز اللجنة الرباعية الراعية للحوار الوطني في تونس بجائزة نوبل للسلام هذا العام تأتي لإسهاماتها الحاسمة في بناء ديمقراطية تعددية في تونس .

نوبل البخيلة على العرب ذهبت هذه المرة للرباعي الراعي للحوار الوطني والذي أنجز مفاوضات سياسية طويلة وشاقة بين حركة النهضة الإسلامية وبين معارضيها ما أتاح التوافق وتجاوز أزمة سياسية كادت تطيح بكل نتائج ثورة الياسمين.

الرباعي المكون من الاتحاد العام التونسي للشغل نقابة العمال والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والرابطة التونسية للدفاع عنن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين (نقابة المحامين)، تونس تجود بالأمل مجدداً، وتمنح الربيع العربي المغدور والمتآمر عليه فرصة لتدارك الأخطاء والمضي قدماً إلى العمل السياسي التشاركي بين القمة والقاعدة، وحيث لا أمل في التصالح أو الإصلاح السياسي دونه.

وحسب بيان اللجنة فإن التحالف الشجاع لممثلي العمال، وأرباب العمل والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان يؤكد أن الديمقراطية مُمكنة وضرورية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

الرئيس الأميركي أوباما رأى أن الجائزة ذهبت للدور المهم الذي لعبه الرباعي في البناء الديمقراطي في تونس وفي التأسيس لحوار سلمي بين مختلف الأطراف.

فالحوار الوطني الذي أخفقت دول كثيرة في إنجازه ناهيك عن البدء به يؤكد أن لا أمل إلا بانتهاج خريطة الطريق هذه، حيث العبور إلى بر الأمان بالمجتمع المدني ومؤسساته وهو الضامن والمساعد لبناء الدولة ولانتشالها من أزماتها وللنهوض بها نحو الديمقراطية التعددية ، وتداول السلطة والشراكة وحقوق الإنسان، دولة لا تقصي تياراً أو جماعة حزباً أو أفراداً؛ بل تضم الجميع وتحتضن الجميع وتحل إشكالاتها بالمزيد من الحوار والديمقراطية، ولا تلقي بلائمة أخطائها وتعثرها على الآخر.

إنها رسالة تونس إلى كل دول الربيع العربي الخائب بضرورة منح مؤسسات المجتمع المدني وأحزابه وجمعياته السياسية والحقوقية والعمالية والنسائية الدور الذي يستحقه وتمكينه من أداء عمله كي يكون جسراً متيناً تعبر عليه الدولة والمجتمع إلى فضاء الحريات والتوافق الوطني.

عندما انطلق الربيع العربي انطلقت الأصوات المناوئة للديمقراطية، والخائفة والمتوجسة من التغيير، ومن خسارة مكتسباتها في ظل الاستبداد وادعت أن لكل دولة خصوصيتها لا لشيء إلا من أجل تفصيل ديمقراطيات شكلية صورية ومؤسسات سياسية منزوعة الدسم والصلاحيات.

إن الرباعية الفائزة بنوبل جديرة بالمحاكاة، وجديرة بتمثل تجربتها وجهودها في لم شمل التونسيين والفرقاء المختلفين وحملهم على الجلوس على طاولة حوار واحدة والبحث عن المشتركات وتقويتها.

رباعي الحوار تتوسطه امرأة، وتونس هي الدولة العربية التي كرست تمكين المرأة الفعلي، وحاربت كل أشكال التمييز ضدها، وعملت على سن التشريعات والإجراءات لكي تتواجد المرأة في كل مفصل وطني، وتكون جزءاً أصيلاً وفاعلاً في التغيير السياسي، تتكئ تونس على تاريخ طويل من العمل السياسي والحقوقي والعمالي والنسوي الذي لم يعرف الكلل أو اليأس حتى في إبان حقبة الاستبداد.

الجائزة أكبر داعم لربيع تونس وثورة الياسمين وموطن الشاعر الجميل أبوالقاسم الشابي و «إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر»، إنها جائزة من شأنها أن تعطي دفعة أمل لمن أراد تكسير مجاديف الشعوب وإسقاطها، وللمجتمع المدني التونسي ولصحافته التي نهضت من ركام الاستبداد كي تنال المرتبة الأولى عربياً في الحريات.

ما أحرانا بالاستفادة من التجربة التونسية.

إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"

العدد 4784 - الإثنين 12 أكتوبر 2015م الموافق 28 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 11:25 ص

      لايمكن ان نتعلم من التجربة التونسية

      لأن جمعياتنا السياسية الدينية بشقيها السني والشيعي هم محتاجين إلى رباعي يرعاهم إلى الحوار الوطني كي يتحولوا أولا إلى جمعيات سياسية مدنية وينفتحوا ويقبلوا جميع الأطياف وتكون المواطنة هي اساسهم الوحيد أم اذا بقوا على حالهم فلا يمكن أن يلتقوا ولا بمليون رباعية

    • زائر 7 | 9:45 ص

      لا يوجد نقص في مصادر التعلم

      ولا في المعلمين ولا في المتعلمين النقص في اننا لا نريد ان نتعلم اصلا. وهذه هي مشكلتنا الرئيسيه.

    • زائر 5 | 4:28 ص

      لا أمل في الإصلاح السياسي دون المجتمع المدني

      هذا ماتنتهجه دول العالم الديمقراطي وما اتبعه الشعب التونسي ومن أضاع البوصلة من الدول العربية الأخرى أصابه التفكك والكوارث

    • زائر 4 | 4:19 ص

      نعم ياريت نتعلم من الشعب التونسي 1125

      ونستطيع أن نكون مؤسساتنا المدنية الوطنية وأهمها السياسية

    • زائر 3 | 4:14 ص

      التجربة التونسية هي تكوين مجتمع مدني بمؤسساته العاملة

      حتى حزب النهضة الإسلامي رضح للمجتمع المدني مع مؤسساته في بعكس بلدان عربية اخرى لم تستطع تكوين مجتمع مدني

    • زائر 2 | 3:47 ص

      و لماذا لا نتعلم من سنغفورة .

      و لماذا لا نتعلم من سنغفورة . افضل دوله في التعليم في آسيا

    • زائر 1 | 1:20 ص

      صدقتِ بارك الله فيك

      ما أحرانا بالاستفادة من التجربة التونسية.

اقرأ ايضاً