قال بنك الكويت الوطني إن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها السوق السعودية، شهدت تراجعاً حادّاً خلال الربع الثالث من العام 2015 بواقع 14 في المئة، مبدّدةً بذلك جميع ما حققته تلك الأسواق من مكاسب منذ مطلع العام 2015.
وأضاف البنك، في تقرير أن الأسواق العالمية شهدت تراجعاً، متأثرة بتراجع حادّ للأسهم الصينية، إضافة إلى الغموض الذي يعتري سياسة مجلس الاحتياط الفيدرالي، موضحاً أن دول مجلس التعاون الخليجي لم تسلم من هذه التأثيرات لواسيّما مع تراجع أسعار النفط مرة أخرى.
وأشار التقرير، الذي تلقت «مباشر» نسخة منه، إلى أن الأسواق الخليجية خسرت في الربع الثالث من العام 2015 أكثر من 163 مليار دولار من القيمة السوقية لتتراجع إلى 940 مليار دولار بحلول نهاية الربع.
وقال التقرير إن الأسهم الصينية بدأت موجة تراجع بحلول نهاية الربع الثاني من العام 2015 لتتبعها بذلك الأسهم العالمية، موضحاً أن الأسواق اعتبرت اتخاذ السلطات بعض الخطوات التي من شأنها حمايتها من أي تراجع حادّ تأكيداً لقلق الحكومة من ضعف محتمل بالمناخ الاقتصادي. وبحلول نهاية الربع الثالث من العام 2015، تراجع المؤشر بواقع 9 في المئة منذ بداية السنة المالية وبواقع 38 في المئة من أعلى مستوى له.
وأوضح التقرير أن تأثير التراجع في الأسهم الصينية طال الأسواق العالمية التي خسرت معظمها جميع المكاسب التي حققتها في العام 2015. إذ تراجع مؤشر مورغان ستانلي للعائد الإجمالي بواقع 6 في المئة منذ بداية السنة المالية وذلك بحلول نهاية الربع الثالث من العام 2015. كما تراجع مؤشرا داو جونز وستاندرد ان بورز بواقع 5 في المئة و7 في المئة على التوالي وذلك منذ مطلع السنة المالية.
وواجهت أيضاً الأسهم الأوروبية ضغوطاً في الربع الثالث من العام 2015 بعد أن كانت شهدت انتعاشاً خلال معظم النصف الأول من العام 2015. فقد تراجع مؤشر مورغان ستانلي لأوروبا بواقع 5 في المئة منذ بداية السنة المالية.
وتراجعت أيضاً مؤشرات أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. إذ تراجع مؤشر مورغان ستانلي للعائد الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي بواقع 7 في المئة منذ بداية السنة المالية تماشياً مع ما شهدته الأسواق الأخرى.
وأضاف التقرير أن النفط أيضاً لعب دوراً في التأثير على أسواق المنطقة منذ منتصف العام 2014، واستمر هذا التأثير حتى الربع الثالث من العام 2015. فقد ارتبطت حركة الأسهم الخليجية بأسعار النفط منذ أن بدأت أسعار النفط بالتراجع في النصف الثاني من العام 2014. ولم تكن العلاقة بين الاثنين في تناسب، إذ يزداد الارتباط مع تراجع أسعار النفط كالتراجع الأخير في أغسطس/ آب.
ويعدّ تأثير هذا الارتباط على الأسواق الخليجية محدوداً فيما عدا قطاع البتروكيماويات الضخم في السوق السعودية، إلا أن لتراجع أسعار النفط تأثيراً على الاستدامة المالية والنمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي، إذ من الممكن أن يدفع هذا التراجع الحكومات إلى خفض الإنفاق الرأسمالي والتضييق في الالتزامات المالية على رغم اعتزامها دعم النمو في القطاع غير النفطي من خلال السير على خططها التنموية، ومن بين هذه التحركات الحكومية قيام السعودية بإصدار سندات بقيمة 28 مليار دولار هذا العام لسدّ العجز في الموازنة.
وأكد التقرير أنه ما زالت الثقة بالأسواق الخليجية عرضة للتأثر بالتطورات الجيوسياسية. فقد تسببت العديد من الأحداث بإثارة القلق بشأن الأوضاع الأمنية، كالتفجيرات التي شهدتها كل من السعودية والكويت بالإضافة إلى عدم استقرار الأوضاع في الدول المجاورة. وبينما لم يتأثر نشاط الأسهم بصورة مباشرة، فإن الثقة بصورة عامة في الأسواق تأثرت بتزعزع الأوضاع الأمنية.
كما استمرت أيضاً بعض العوامل المحلية في التأثير في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، من بينها القلق بشأن تراجع محتمل في سوق العقار الإماراتي. ولايزال أيضاً مشروع استضافة قطر لكأس العالم في العام 2022 يثير قلقاً بشأن احتمال إلغائه أو إبقائه دون ظهور أي تطورات أخيرة بهذا الشأن.
وفيما يخص الكويت، لاتزال السيولة في الأسواق أقل من مستوياتها التاريخية، كما أن تداول الأسهم لايزال عند مستوى أقل من القيمة الشرائية. وقد قامت العديد من الشركات المدرجة في سوق الكويت للأسواق المالية بطلب إلغاء الإدراج، لكن جميعها تعد شركات صغيرة نسبيّاً وليس لها تأثير يذكر على القيمة السوقية.
وفي الوقت نفسه، شهدت الأسواق بعض الأمور الإيجابية التي حجبتها التقلبات في الأسواق العالمية. فقد بدأت السعودية في فتح أسواقها للتملك المباشر للمستثمرين في (يونيو/ حزيران الماضي)، ومن المفترض أن يكون لهذه الخطوة تأثير كبير على السوق السعودية، ولاسيما أنه نتج عن ذلك إدراج الأسهم السعودية في المؤشرات العالمية بالإضافة إلى التغيرات في آليات التداول والتملّك.
كما من المفترض أن تستفيد أسواق قطر من زيادة الاستثمار الأجنبي بعد رفع تصنيف السوق في نهاية الربع الثالث من العام 2015 إلى الأسواق الناشئة من قبل مجموعة «فوتسي» البريطانية والتي تصدر بعض المؤشرات المعتمدة عالميّاً.
وقال التقرير إنه على رغم تراجع جميع الأسواق الخليجية، فإن السوق السعودية كان لها النصيب الأكبر من التراجع. فقد تراجع مؤشر تداول بواقع 19 في المئة خلال الربع بعد أن كانت السوق السعودية الوحيدة التي حققت انتعاشاً من بين الأسواق الأخرى في مطلع العام بعد إقرار فتح السوق للمستثمرين الأجانب. كما تراجع مؤشر دبي السعري بواقع 12 في المئة خلال الربع، بينما شهدت سوقا أبو ظبي وقطر أداء جيداً مقارنة بالأسواق الأخرى في الربع الثالث من العام 2015 مسجلتين تراجعاً بواقع 5 في المئة و6 في المئة على التوالي.
وأرجع التقرير هذا التراجع، جزئياً إلى قوة الأوضاع المالية في تلك الأسواق التي تعدّ إضافة، إلى الكويت، من أقل الأسواق عرضة للتراجع في أسواق النفط. فقد تراجعت مؤشرات أسواق عمان والكويت والبحرين بواقع 10 في المئة و8 في المئة و7 في المئة على التوالي.
وأضاف التقرير أنه على رغم ترقّب أداء الأسواق هذا العام، فإنها شهدت تراجعاً ضخماً في الربع الثالث من العام 2015 والذي لايزال بعض أسبابه يعود لأداء أسواق الصين ومجلس الاحتياط الفيدرالي. فقد تسبب قرار مجلس الاحتياط الفيدرالي بعدم رفع الفائدة في التأثير في الأسواق وزيادة القلق بشأن أوضاع الأسواق العالمية وتعافي سوق أميركا. إذ من المفترض أن يظل مجلس الاحتياط على هذه الخطوة نتيجة تراجع التوظيف في أميركا بحسب التقرير الأخير في سبتمبر/ أيلول.
كما سيكون اقتصاد الصين أيضاً محط اهتمام الأسواق العالمية. إذ لايزال المستثمرون يراقبون البيانات في ثاني أكبر الاقتصادات في العالم. ولاتزال هناك العديد من التطورات الجيوسياسية على المستوى الإقليمي. ولا بد من الأخذ في الاعتبار التدخل الروسي الجديد. كما سينصب الاهتمام أيضاً على إعلان الأرباح للربع الثالث من العام 2015 بينما ستظل أسعار النفط عاملاً أساسيّاً في التأثير على الأسواق الخليجية خلال الأشهر المقبلة ولاسيما إن استمرت البيانات الاقتصادية للصين وأميركا في التراجع. وعدا ذلك، فإن الأسواق الخليجية في مأمن ومن المفترض أن تسجل أداء جيداً ولاسيما في قطاعاتها غير النفطية.
العدد 4779 - الأربعاء 07 أكتوبر 2015م الموافق 23 ذي الحجة 1436هـ