اسمٌ يعرفه الطفل والكبير والعجوز، اسمٌ موجود على كل رف من رفوف متاجر بيع الأغذية في العالم الأجمع، من منّا لم يتذوق حليب نيدو وهو صغير؟ أو لم يأكل شوكولا كيت كات الشهيرة؟ بالطبع لا يوجد أحد لم يسمع بشركة نستله حتى لو في الإعلانات، وفقا لموقع "اراجيك الاكتروني".
ولكن وراء هذا النجاح العظيم رجل صنع تاريخ شركة نستله، ليس بهدف ربحي وإنما بهدف إنساني، اليوم في هذا المقال سنذهب في جولة لنتحدث عن أهم المحطات في حياة هنري نستله.
ولِد هاينرش نستله في عام 1814 في مدينة فرانكفورت أم ماين "Frankfurt am Main" الألمانية وكان ترتيبه بين أخوته الـ 11 من أصل 14، ونصفهم قد توفوا وهم صغار. كان والده "أورليش نستله" يعمل في صناعة الزجاج وتركيبه، وكما هي العادة سابقاً فقد ورث مهنة أبيه ليصبح عاملاً في صناعة الزجاج.
في عام 1836 انتقل هاينرش إلى مدينة فيفي السويسرية والتي تقع على بحيرة جنيف، وكان عمره آنذاك 22 سنة. كان هاينرش شاباً طموحاً لا يعترف بالهزيمة أبداً، لذلك فقد انضم إلى دورة تدريبية مهنية ليعمل بعد تخرجه منها مساعداً في إحدى الصيدليات.
وسبب تغيير اسمه وهو أن مدينة فيفي كانت منطقة ناطقة باللغة الفرنسية، ومن الصعب نطق اسمه من قبل السكان، لذلك اضطر إلى تغييره إلى هنري ليتناسب مع المجتمع هناك وليصبح فيما بعد “هنري نستله” .
بعد انهائه لفترة التدريب المهني، أذنت له شهادته التي حصل عليها رسمياً بأن يقوم بإعداد العقاقير والوصفات الطبية وبيعها، وفي عام 1843 جمع هنري بعض المال من عمله واشترى مصنعاً صغيراً كان يصنع ويبيع من خلاله زيت الجوز والبندق وكان عمره حينها 29 عاماً.
كان في تلك الفترة ينتشر موت الأطفال الرضع بشكل كبير الذين لا تستطيع أمهاتهم أن ترضعهم، وكان متأثراً بهذه الفاجعة، لذلك فقد اتخذ هنري قراره بأن لا يقف مكتوف الأيدي وأن يجد حلاً يستطيع من خلاله الحد من تلك المأساة. وبالفعل وفي منتصف ستينيات القرن الـ19 قام بمحاولات عدة بأن يبتكر بديلاً لحليب الأم عن طريق تجفيف الحليب البقري وخلطه مع دقيق القمح والسكر، وبالفعل فقد نجح في ذلك في عام 1867.
لكنه لم يكن يعلم بأن باختراعه هذا سيقوم بوضع حجر الأساس لأهم الاختراعات والتي غيرت طرق التغذية إلى زمننا هذا، ولم يكن يعلم بأن اسمه سيخلد عبر التاريخ وسيذكر في جميع أنحاء العالم.
في بداية الأمر وجد هنري صعوبات كبيرة للترويج لفكرته بين الناس، ولأجل الحظ فقد ولِد طفل لجيرانه قبل أوانه وكانت حالته ميؤوساً منها حسب رأي الاطباء، إلى أن جاء دور هنري واستطاع انقاذ حياة الطفل بفضل اختراعه الجديد، حتى أن مصنعه لم يكن قادراً على تلبية الطلبات التي انهمرت عليه بعد تلك الحادثة .
من أهم العوامل التي ساعدت هنري في اختراعه هذا هو أن زوجته كانت ابنة طبيب بشري ولديها بعض الخبرة في هذا المجال، وأيضاً كونه عمل مساعداً في صيدلية، ولكن العامل الأهم هو هدفه النبيل وضميره الحي الذي أرشده إلى هذا الاختراع.
أطلق على مصنعه اسم Farine Lactee Nestle وتم تصميم الشعار على شكل عش للعصافير بما يتناسب مع معنى اسمه Nestle والتي تعني العش الصغير.
كان هنري يعلم أنه على الطريق الصحيح في تأسيس شركته وقد صرح قائلاً بأن شركته سيكون لها مستقبل عظيم، وبالفعل كانت شركته أول شركة تبيع غذاء الأطفال الرضع وأول شركة تبيع الحليب المكثف في أوروبا وتصنع الحليب مع الشوكولا والقهوة المجففة “النسكافيه”.
عندما بلغ هنري نستله 61 عاماً، قرر أن يتقاعد وأن يبيع الشركة لشخص يدعى جول مونيرا وباعها مقابل مليون فرنك سويسري، والذي كان يشكل ثروة آنذاك.
توفي هنري في عام 1890 في مدينة غليون أثر نوبة قلبية.
وفي بداية القرن العشرين أصبحت منتجات نستله ومشروباتها المجففة منتشرة في جميع دول العالم، من اندونسيا إلى مصر ومن الولايات المتحدة إلى الأرجنتين.
تملك نستله في رصيدها اليوم أكثر من 8500 منتج غذائي وصحي أهمها : نسكافيه – ميلو – نيدو – سيرلاك – حليب نستله – سمارتيز – نيسكويك – نان "حليب الرضع" – ماجي – كت كات – بولو وغيرها الكثير، ولا تستغربوا أيضاً أن لها مساهمة في شركة لوريال لمستحضرات التجميل!.
وقد صنفت نستله في بالشركة رقم واحد في قائمة فورتشن "Fortune" العالمية باعتبارها الشركة الاكثر ربحية، والتي تبلغ قيمتها السوقية حوالي 210 بليون فرنك سويسري، ولها اليوم تأثيراً كبيراً على الاقتصاد السويسري إذ أنها تحتل المركز الأول في البورصة السويسرية والمركز الثاني في بورصة "Euronext".
يبلغ عدد مصانعها حوالي 490 مصنعاً حول العالم، وطاقم من الموظفين يبلغ عدده 330 ألف شخص موزعين حول العالم.
ومازالت نستله منذ عام 1967 إلى يومنا هذا تحصد النجاحات واحداً تلوى الأخر رغم أنها لاقت الكثير من الصعوبات والتحديات في مسيرتها على مدى أكثر من 140 عاماً.