(كلمة القاها بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي لكبار السن بتاريخ 1 أكتوبر/ تشرين الأول)
شيخوخة السكان والتوسع الحضري هما من القضايا العالمية الرئيسية في القرن الحادي والعشرين. ومع نمو المدن، يزداد أيضا نصيبها من السكان الذين يبلغون من العمر 60 عاماً فأكثر. وتشكل معدلات التوسع الحضري السريعة تحديًا على مستوى الحكومات الوطنية والمحلية، في مجال تطوير المدن المتكاملة والشاملة للجميع.
وإننا إذ نحتفل اليوم بذكرى اليوم الدولي لكبار السن، لابد لنا من كفالة أن تلبي المدن احتياجات الأشخاص في جميع الأعمار، وأن يحظى كبار السن بالقدر نفسه الذي يحظى به نظراؤهم من الشباب في تشكيل الحياة الحضرية.
وموضوع الاحتفال باليوم الدولي لكبار السن هذا العام هو»الاستدامة وشمول البيئة الحضرية لجميع الأعمار»، وهو موضوع يتفق تماماً مع أهداف خطة التنمية المستدامة للعام 2030 التي تم اعتمادها مؤخرا، وفحواها: ألا يتخلف أحد عن الركب! وعلينا سويّاً أن نكفل الإدماج التام لكبار السن في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمدن.
فما الذي يمكننا القيام به لكي نجعل مدننا شاملة للجميع؟ يمكننا البدء من النقطة التي نكفل فيها شمول أجيال الشباب وكبار السن معاً في عملية التخطيط الحضري، وإيلاء الاعتبار، على قدم المساواة، لقضاياهم واحتياجاتهم وشواغلهم.
إننا في حاجة إلى الأخذ بنهج إزاء التخطيط الحضري يركز على تحقيق الرفاهية في كامل دورة الحياة. وينبغي لنا أن نستثمر في الشباب اليوم من خلال تعزيز العادات الصحية، وكفالة التعليم وفرص العمل، وتوفير فرص الحصول على الخدمات الصحية وتغطية الضمان الاجتماعي لجميع العمال. فهذا هو أفضل استثمار يمكن القيام به من أجل تحسين حياة الأجيال المقبلة من كبار السن.
وفي الوقت نفسه، لابد لنا من توفير خدمات الرعاية الصحية الميسورة التكلفة، وفرص التعلم وإعادة التدريب مدى الحياة، جنباً إلى جنب مع توافر فرص العمل المرنة لكبار السن؛ من أجل تحسين مستوى رفاهيتهم، وتيسير إدماجهم في نسيج مجتمعاتهم المحلية.
ومن شأن تعزيز رأس المال البشري عن طريق ضمان تمكين المواطنين، وتعليمهم، وتوفير فرص العمل لهم أن يحقق عائداً كبيراً للاستثمار، وأن يساعد البلدان على جني ثمار العائد الديموغرافي الذي يمكن أن ينتشل الملايين من هوة الفقر.
إن تهيئة الآمال والفرص أمام الشباب؛ لكي يتمكنوا من تنمية قدراتهم وإمكاناتهم يمكن أن تدفع بعجلة التقدم إلى الأمام خلال السنوات المقبلة، وأن تسفر في نهاية المطاف عن تحقيق عائد ديموغرافي آخر يتمثل في توفير جيل من كبار السن الأكثر صحة وثراء وأكثر قدرة على الإنتاج.
وإننا اليوم نهيب بمقرري السياسات والمخططين الحضريين أن يعملوا معاً على ضمان بيئة حضرية شاملة لكل الأعمار. ويعني ذلك إيلاء اهتمام خاص للأركان المهمة التي تقوم عليها الحياة الحضرية، مثل الإسكان، والنقل، والخدمات الاجتماعية الأساسية، والرعاية الصحية بحيث يمكن جعلها ملائمة لجميع الأعمار. وهو يعني إقامة مجتمع دائم الشباب يتميز ببيئة عمرانية حضرية تسهل الحركة الشخصية والأمان والأمن. وهو يعني تهيئة بيئة اجتماعية حضرية تشجع وتحترم الشمول الاجتماعي والمشاركة الاجتماعية. وهو يعني حماية الموارد الطبيعية، والاستعداد للكوارث الطبيعية، والحد من المخاطر على نحو يتيح للأجيال المقبلة أن تتطلع قدمًا إلى تحقيق مستقبل مستدام.
وإننا اليوم نهيب بالقادة الحضريين أن يعملوا على ضمان حماية حقوق الإنسان لجميع سكان الحضر، بمن فيهم كبار السن، الأكثر عرضة لمظاهر الضعف، وأن ينفذوا مبدأ عدم التسامح مطلقاً إزاء تعرض كبار السن للتمييز أو الإهمال أو العنف أو سوء المعاملة.
إن ضمان الاستدامة وشمول كل الأعمار في البيئة الحضرية إنما يعني تهيئة مجتمع لكل الأعمار يتيح سماع الأصوات من كل الأجيال، وتلبىَّ فيه احتياجات الشباب وكبار السن على السواء. وهو يعني تمكين الشباب والكبار من المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لمجتمعاتهم المحلية. وهو يعني أيضا جمع البيانات عن سكان المدن وعن احتياجاتهم والعمل على ضمان تلبيتها على النحو الواجب. وهو يعني كذلك تقاسم الخبرات بشأن الأسباب التي تجعل من المدينة مكاناً رائعاً للعيش للشباب والكبار على السواء.
إن المدن المواتية لكل الأعمار لا يقصد بها أن تكون مواتية لكبار السن فقط. إنها مدن أفضل للجميع.
إقرأ أيضا لـ "باباتوندي أوشيتمين"العدد 4772 - الأربعاء 30 سبتمبر 2015م الموافق 16 ذي الحجة 1436هـ