حضرة الرئيسين الموقّرين لمؤتمر القمة لما بعد عام 2015،
السيد رئيس الجمعية العامة،
حضرات رؤساء الدول والحكومات الموقّرين،
أصحاب السعادة،
حضرات الضيوف الأفاضل،
حضرات السيدات والسادة،
لقد دخلنا حقبة مفصلية في تاريخ البشرية، فشعوب العالم طلبت منا أن ننير لها معالم السبيل نحو مستقبل ملؤه الأمل والفرص السانحة، ولبّت الدول الأعضاء النداء بصوغ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، فالخطة الجديدة وعدٌ قطعه قادة العالم مع الناس في كل أرجاء المعمورة. إنها تحمل رؤية عالمية متكاملة، حبلى ببذور التغيير من أجل عالم أفضل. إنها خطةٌ محورها الناس، خطة تهدف إلى القضاء على الفقر بجميع أشكاله. خطة للكوكب، موئلنا المشترك. خطة ترنو إلى تقاسم ثمار الرخاء والسلام والشراكة. خطة تجسّد الحاجة الماسّة إلى اتخاذ إجراءات لحماية المناخ، خطة تضرب جذورها في صميم المساواة بين الجنسين واحترام حقوق الإنسان للجميع. وفوق هذا وذاك، إنها خطة تتعهد بعدم ترك أي أحد يتخلف عن الركب.
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إن المحكّ الحقيقي للالتزام بخطة عام 2030 هو وضعها موضع التنفيذ، فنحن بحاجة لأن يشمّر الجميع عن ساعد الجدّ حيثما كانوا، وستكون أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر نبراساً لنا في هذا المسعى. فهي بمثابة قائمة بالإجراءات اللازم اتخاذها لما فيه مصلحة الناس والكوكب، وخطة لإحراز النجاح.
ولتحقيق هذه الأهداف العالمية الجديدة، سنحتاج إلى التزامكم السياسي الرفيع المستوى، وسنحتاج إلى تجديد الشراكة العالمية.
ولقد أظهرت الأهداف الإنمائية للألفية ما بوسعنا تحقيقه عندما نعمل معاً، يداً في يدٍ، ولقد منحتنا خطة عمل أديس أبابا إطاراً تمويلياً وطيداً، فهلمّوا للعمل على أساس هذه الركائز، لكن العمل بشكل أفضل يستوجب العمل بأسلوب مختلف.
إن خطة عام 2030 تحثنا على مدّ بصرنا وبصيرتنا إلى ما هو أبعد من حدودنا الوطنية ومصالحنا القصيرة الأجل، وعلى العمل بروحٍ من التضامن على المدى الطويل، ذلك أنه لم يعد بوسعنا قط أن نفكر ونعمل بعقلية انعزالية، وسيتعين على المؤسسات أن تصبح مؤهلة لتحقيق هذه الغاية السامية الجديدة.
أما منظومة الأمم المتحدة، فتلتزم التزاماً ثابتاً بتقديم الدعم للدول الأعضاء في هذا المسعى العظيم الجديد.
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة،
علينا أن نبدأ هذه الحقبة الجديدة بدايةً صحيحة، وأدعو الحكومات كافةً إلى اعتماد اتفاق عالمي قوي بشأن المناخ في باريس في شهر ديسمبر/ كانون الأول. ومما يشجعني أن العديد من البلدان تعكف بالفعل على إدماج خطة عام 2030 في صلب استراتيجياتها الإنمائية الوطنية. بيد أنه ليس بمقدور أي أحد أن يفلح في مسعاه إذا ما ظل يعمل بمفرده، فلابد من إشراك جميع الأطراف الفاعلة أسوة بما فعلناه عند صوغ الخطة، ولابد من استقطاب البرلمانات والحكومات المحلية والعمل مع المدن والمناطق الريفية، ولابد من حشد المشاريع التجارية وأصحاب المشاريع الحرة، ولابد من إشراك المجتمع المدني في رسم السياسات وتنفيذها، مع منحه ما يلزم من حرية التحرك لمحاسبتنا، ولابد من الإصغاء لعلمائنا وأوساطنا الأكاديمية، وسنحتاج إلى تحقيق ثورة في مجال البيانات، والأهم من ذلك كله، لابد من الشروع في العمل، الآن وليس غداً.
أصحاب السعادة،
حضرات السيدات والسادة،
لقد انبعثت الأمم المتحدة على أنقاض الحرب منذ سبعين سنة خلت، عندئذ، اتفقت الحكومات على وضع ميثاق تنتظمه رؤية متبصرة، ميثاق مكرس لنا «نحن شعوب» الأمم المتحدة، والخطة التي أنتم بصدد اعتمادها اليوم تخدم أهداف الميثاق، فهي تجسد تطلعات الناس في كل مكان إلى حياة يعمّها السلام والأمن والكرامة في كنف كوكب سليم، فهلمّوا نتعهّد اليوم بإنارة السبيل صوب تحقيق هذه الرؤية القادرة على إحداث التغيير المرتجى.
وشكراً لكم.
إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"العدد 4768 - السبت 26 سبتمبر 2015م الموافق 12 ذي الحجة 1436هـ