إن الأهداف مهم أن يفصح عنها، ولكن هذه الأهمية تصبح غير ذات فائدة إذا لم تُذكر ماهية الاستراتيجيات والسياسات التي تضعها الشركة حتى تكون الطريق إلى تحقيق الأهداف مرسومة وواضحة. فلكل هدف استراتيجية مختلفة ولكل نشاط استراتيجية تختلف كذلك تبعا لنوعية الشركة والقطاع الاقتصادي. والسياسات هي المكملة للاستراتيجيات إذ تبين الآلية التي تتبعها الشركة في سبيل الوصول إلى أهدافها.
ولذلك يلزم توضيح سياسات الشركة التسويقية وسياسات التوزيع وكيفية تقديم الخدمة أو المنتجات وخدمة ما بعد البيع.
ومن السياسات المهمة والتي لا تحظى بالاهتمام اللازم هي السياسة البيئية للشركة وكلفتها، إذ إن الشركة يجب أولا أن تكون لديها سياسة بيئية واضحة وأن تكون كلفة هذه السياسة معروفة، وفي الغالب تكون كلفة السياسة البيئية تشمل استخدام المواد الخام الأولية واستهلاك الطاقة والمياه وتوفير أماكن العمل للمحافظة على صحة وسلامة العاملين، وكذلك المجتمع المحيط بالشركة وكلفة معالجة التالف والتخلص من النفايات والتعويضات عن الأضرار البيئية وغيرها.
الخطط
يهم الجمهور معرفة الخطط التي تتبعها الشركة في سبيل تنفيذ الاستراتيجيات والسياسات التي تضعها لنفسها وكذلك الخطط البديلة لتحقيق الأهداف في حالة التغييرات السوقية.
السياسات المحاسبية
السياسات المحاسبية أصبحت في الوقت الحاضر من أهم متطلبات النظم المحاسبية العالمية، كما أن الجهات الرقابية والإشرافية على عمل الشركات جعلت الإفصاح عن هذه السياسات جزءا لا يتجزأ من التقارير السنوية للشركات، وفي الواقع لا تقبل من دونها. كما أن مراجعي الحسابات بدورهم لن يوقعوا التقارير والحسابات الختامية إن لم تتضمن السياسات المحاسبية المفصلة. والسياسات المحاسبية في بعض قطاعات الشركات تكون متطلباتها أكثر من غيرها وخصوصا في القطاع المالي والمصرفي والاستثمار، لما لهذه القطاعات من أهمية خاصة. وفي الغالب تشمل السياسات المحاسبية التي يجب الإفصاح عنها في تقارير الشركات التجارية والصناعية الأمور الآتية:
- المخزون من المواد والسلع والبضائع وطرق احتسابه وتسجيله في الدفاتر، من مواد خام ومواد مصنعة أو نصف مصنعة أو تحت التصنيع أو لدى الغير برسم البيع.
- الإيراد العاجل والآجل وطرق تسجيله.
- المصروفات الإدارية والتسويقية.
- الأصول الثابتة، ومنها المباني والعقارات والتركيبات ومعدات المصانع وتجهيزات المكاتب والمعارض والمخازن من أثاث وأجهزة كمبيوتر وبرامج تشغيل كمبيوتر وطرق تسجيلها محاسبيا ومدد الاستهلاك لكل نوع من أنواع الأصول الثابتة.
- كلفة البحث والتطوير وطرق معالجتها في الدفاتر.
- الاستثمار وأنواعه وطرق التقييم والتسجيل الخاصة به.
- معالجة الفروقات في العملات وطرق تقييمها.
- المخصصات للديون المعدومة والمشكوك في تحصيلها.
- الضرائب وتفاصيلها.
- المصروفات أو الإيرادات غير العادية وطرق معالجتها في الدفاتر.
- سياسات الرهونات.
أما السياسات المحاسبية للشركات المالية ومنها المصارف التجارية ومصارف الاستثمار، فإن متطلبات الإفصاح عن هذه السياسات كبير جدا ويغطي أمورا كثيرة تزداد بمرور الأيام، وتشمل الآتي:
- بيان المعايير المحاسبية المتبعة كما هو منصوص عليها من قبل الجهات الرقابية أو المعايير الدولية الموحدة، وكذلك العرف المحاسبي المتبع كمبدأ الكلفة التاريخية ومبدأ الاستحقاق.
- سياسة المحافظ التجارية والمحافظ الاستثمارية وطرق التقييم المتبعة.
- سياسات مخصصات خسائر القروض والسلف.
- سياسة الموجودات الثابتة وأنواعها وعدد سنوات الاستهلاك وطرق تسجيلها محاسبيا.
- سياسة تسجيل الإيرادات والمصروفات.
- سياسة تقييم المعاملات التي تتم بالعملات الأجنبية.
- سياسة تدوين الأوراق المالية وتقييمها.
- سياسة إدارة المخاطر الائتمانية.
- مخصصات مكافأة ترك الخدمة للعاملين ونظم التعويضات والتقاعد الأخرى.
- سياسة الضرائب، إن وجدت.
- طرق تسجيل ملكية الشركات التابعة والفروع الخارجية والسياسات المتعلقة بالموازنات المجمعة.
- سياسة إدارة المحافظ المالية والاستثمارية.
يجب ملاحظة أن السياسات المحاسبية المذكورة أعلاه تختلف بين شركة مالية وأخرى تبعا لنوعية النشاط ورخصة العمل، فالمصرف التجاري مثلا قد يفصح عن سياسات مختلفة عن المصرف الاستثماري، وشركة التأمين تفصح عن سياسات متعلقة بنشاطها، وهكذا.
تقرير مجلس الإدارة
هذا التقرير في الغالب يعرف بتقرير رئيس مجلس الإدارة، ولكن بعض الشركات تصدر تقريرا لرئيس المجلس وآخر لمجلس الإدارة. وسنعتبرهما تقريرا واحدا بغرض التبسيط على القارئ.
يجب أن يتضمن التقرير كلمة المجلس بخصوص الخطوط العريضة لنتائج العمليات المالية للفترة التي يغطيها التقرير والإنجازات التي تحققت والمصاعب التي تعرضت لها الشركات والخطوات التي اتخذتها الشركة للتعامل مع هذه المصاعب.
تعطى - كذلك - في التقرير نبذة عن الحالة الاقتصادية في البلد أو البلدان التي تعمل فيها الشركة وخصوصا ما يتعلق بالتأثير على نتائجها المالية. ويتطلب أيضا أن يعطي المجلس فكرة وافية عن الخطط المستقبلية للشركة بما فيها أية تغييرات في الأهداف أو الاستراتيجية أو الدخول في أنشطة أو أسواق جديدة. ويجب على مجلس الإدارة تأكيد تقيّد الشركة بكل القيم والأخلاقيات المهنية التي وضعها المجلس لعمل الشركة، وكذلك التقيّد بكل متطلبات حسن الإدارة وممارسة السلطة وتطبيق جميع القوانين واللوائح المتعلقة بنشاط الشركة والصادرة من قبل الجهات الرقابية والإشرافية.
إن مسئولية رئيس المجلس والمجلس ككل كبيرة جدا في كل ما يتضمنه هذا التقرير من معلومات، إذ إن المستثمرين يبنون قرارات الاستثمار على هذه المعلومات، فإذا لم تكن المعلومات دقيقة قد يحق للمستثمرين مقاضاة أعضاء المجلس على عدم دقتها.
تقرير الإدارة التنفيذية
يشمل التقرير السنوي للحسابات الختامية عادة تقرير الإدارة التنفيذية ممثلة في العضو المنتدب أو الرئيس التنفيذي أو المدير العام والذي يتضمن شرحا تفصيليا لأنشطة الشركة خلال العام الماضي وكذلك النتائج المالية والخطط المستقبلية لعمل الإدارة التنفيذية والتوقعات السوقية المستقبلية للسنوات المقبلة. كما يجب أن يؤكد أن جميع أنشطة الشركة تتم طبقا لمبادئ حسن الممارسة وطبقا للقوانين وكيفية إدارة المخاطر والاستعداد للطوارئ. يجب أن يبين التقرير التغييرات الرئيسية في أفراد الإدارة العليا أو رؤساء الأقسام والتغييرات في الهيكل التنظيمي والمستويات الإدارية، وكذلك في حال إضافة أقسام جديدة إلى الشركة أو فتح فروع جديدة داخل أو خارج البلد.
تقرير العمليات والأنشطة
قد يُقسّم هذا التقرير إلى تقارير مختلفة عن كل قسم من أقسام الشركة، كقسم العمليات وقسم المبيعات وقسم الصيانة وقسم الخدمات وغيرها من الأقسام. ويتحدث رئيس كل قسم عن نشاط قسمه ونتائجه والخدمات الجديدة والتغييرات التي أجريت والخطط المستقبلية والمنتجات أو الخدمات الجديدة. كما يجب التطرق إلى الأساليب الجديدة للعمل وإدخال الأجهزة والمعدات والتغيير في طرق تقديم الخدمة إلى العملاء.
الموازنة العمومية وقائمة الدخل
إن التقرير السنوي لأية شركة يشتمل أيضا على الموازنة العمومية التي تعطي تفاصيل الأصول والخصوم، وكذلك حسابات الأرباح والخسائر لعدد معين من السنين لتسهيل إجراء المقارنة بين النتائج بين سنة وأخرى. في الغالب تعطى النتائج لسنتين فقط، ولكن هناك بعض البلدان التي تنص على نتائج خمس سنوات.
ويتم الإفصاح الكامل عن مكونات الموازنة وحسابات الأرباح والخسائر في الملاحظات التي يتضمنها التقرير على النتائج المالية وقائمة التدفقات النقدية وبيان أسباب الاختلافات.
تقارير المراجعين
من المعروف أن التقارير السنوية والموازنات لكل شركة يجب أن تراجع من قبل شركات مراجعي حسابات معتمدة من قبل الجهات الرقابية في كل بلد، إضافة إلى كون هذه الشركات ذات سمعة عالية ومعترف بها عالميا.
ولذلك، يجب أن يبين تقرير مراجعي الحسابات أن هذه الحسابات تعكس بصورة صحيحة الوضع المالي للشركة، وأن الشركة قامت باتباع كل القوانين والأنظمة المطلوبة. كما يجب على المراجعين بيان تفاصيل المخالفات والأمور التي لم تتقيد بها الشركة إن وجدت، وتلك التي لها تأثير مباشر على نتائجها.
ومن المعلوم أن بعض البلدان تشترط تعيين أكثر من شركة مراجعة لتدقيق حسابات الشركات، كما تتطلب بعض البلدان تغيير شركة المراجعة بعد عدد معين من السنوات وذلك لإيجاد الحيادية في التقارير.
أمور أخرى
هناك مجموعة من الأمور التي يجب أن يفصح عنها في التقارير السنوية إضافة إلى ما ذكرناه أعلاه، منها:
- تفاصيل المعاملات التي قامت بها الشركة مع الأطراف ذات العلاقة بالشركة أو مع مساهمي الشركة أو مع أعضاء مجلس الإدارة أو مع الشركات المملوكة كليا أو جزئيا من قبل الشركة.
- بيان سياسات تضارب المصالح للشركة، وان المعاملات التي أجريت خلال العام لم تتعارض مع هذه السياسات.
- سياسات القيم الأخلاقية والمهنية ومبادئ العمل والسلوك للشركة.
- سياسات التقيّد بأمور إدارة المخاطر والمعايير المحاسبية ومعايير تقديم الخدمات والمنتجات.
- برامج وسياسات التوظيف والتعويضات للعاملين.
- برامج وسياسات السلامة والأمان لأماكن العمل والعمال.
- سياسات وبرامج المحافظة على البيئة.
- سياسات المسئولية الاجتماعية المتبعة.
فاعلية الإفصاح والشفافية
مما لا شك فيه أن الأمور التي شرحناها في هذه الورقة تساعد على تهيئة المناخ المناسب لزيادة فاعلية الإفصاح، وتوجه نظر المهتمين بأمور الشركات إلى أهمية هذه الأمور والاستفادة من المعلومات المعطاة لاتخاذ القرارات المناسبة للاستثمار في الشركة المعنية أو التعامل معها أو شراء منتجاتها وخدماتها.
وحتى تكون مسألة الإفصاح والشفافية ذات فاعلية أكبر فيجب أن تكون المعلومات الخاصة بالشركة:
- متاحة بصفة دورية وفي الوقت المناسب.
- شاملة وذات صدقية وأمينة.
- تعكس واقع الحال وتظهر الحقائق من دون تضليل.
- تبين الخطط المستقبلية لتفادي حالات الإخفاق.
- تراعي متطلبات المسئولية الاجتماعية للشركات.
- يمكن مراجعتها وتدقيقها.
نرجو صادقين أن نكون وفقنا في طرح الموضوع أعلاه بطريقة معقولة تساعد القارئ على الاستفادة ومعرفة الأهمية لموضوع الإفصاح والشفافية من قبل الشركات
إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"العدد 476 - الخميس 25 ديسمبر 2003م الموافق 01 ذي القعدة 1424هـ
