لم أكن لأفوّت حضور فعالية تدشين كتاب التربوي المخضرم الدكتور علي أحمد هلال: (الدَّير.. سيرة ذاتية) ضمن الأماسي الثقافية الرائعة التي يحييها بين حين وآخر مركز جدحفص الثقافي، شمعة الأندية الثقافية في سديم التصحر والظلام الثقيل الذي يكاد يخنقنا.
كتاب (الدَّير)، حصيلة سنين عشر من الجمع والتدوين والبحث عن المعلومات عن قرية تُعدّ - تاريخيًّا - ضاحية من ضواحي سماهيج وقطعة من التمدد الجغرافي الذي اتسع وتنامى على مر السنين، وتسمية (الدَّير) ذاتها تعود لوجود (دَيّر) قديم فيها يحيل إلى أثر مسيحي عميق الجذور ضارب العراقة في المنطقة، كما يوحي بالصلة العميقة بين الدَّير و(سماهيج) القرية الواقعة على الجنوب الشرقي منها، فسماهيج كانت قبل الإسلام وبعده بقليل إحدى أشهر معاقل المسيحية النسطورية في شرق الجزيرة العربية أو ما كانت تُعرف بالبحرين سابقاً.
ويرى المؤرخ الإنجليزي ج. ج. لوريمر (ت 1914م) في موسوعته الفريدة (دليل الخليج) أن الدَّير في الفترة من 1903 - 1915م، وهي ذاتها الفترة التي استغرق العمل فيها على تأليف موسوعة دليل الخليج بقرار من حكومة الهند البريطانية، يرى أنها كانت محاطة بمزارع النخيل وحقول البرسيم ويأتيها الري من آبار كبيرة عدة، ويوجد بها نحو 300 منزل من الطين والحصر عدا عن ثلاثة جوامع. وسكانها يعملون في صيد اللؤلؤ ولهم مركب (بكارة) واحد و25 شوعياً يستخدمون منها 21 في صيد اللؤلؤ، ويوجد بها من الحيوانات 30 حماراً و13 رأساً من الماشية ونحو 1700 نخلة ويقال إن الاسم الكامل للمكان هو (دير الراهب). ولايزال بها بعض الآثار المسيحية.
ويصرح محمد علي التاجر (ت 1967م) بعراقة هذه المنطقة، ويقول إن «مما يظهر من اسمها أنها كانت قديمة وأن أهلها السابقين نصارى ولهم فيها دير العبادة فغلب عليها فعرفت به».
والدَّير هو بيت يتعبد فيه الرهبان ويعيشون، وعادة ما يكون في المناطق النائية عن السكن وحياة الصخب وحركة الناس، حيث يصفو ذهن المتعبد. ويحدثنا صاحب معجم البلدان الحموي أن الدَّير «لا يكون في المصر الأعظم (محل الكثافة السكانية) وإنما يكون في الصحارى أو رؤوس الجبال، فإذا كان في المدينة تسمى كنيسة أو بيعة».
والدَّير الذي تسمت باسمه القرية يقع على ربوة كبيرة فيها، وكانت هذه الربوة مقصداً للأهالي للنظر إلى السفن القادمة من البحر حسبما يروي أحد كبار السن من أهالي القرية.
والإصدار الحالي هو الجزء الأول من كتاب ربما يكتمل بجزئه الثاني، حيث يعكف المؤلف على كتابة مباحث ومواد إضافية ترتبط بتاريخ قرية الدَّير بعد النصف الثاني من القرن الماضي متقصياً ما أسماه «بصدمة التغيير» عبر رصد أبرز التحولات الاجتماعية التي شهدتها القرية، كما سيكتمل مشروعه البحثي بالحديث عن أبرز رجالات الدَّير «رجال تحت الشمس» من الذين كانت لهم بصمات خالدة في سيرة القرية التي تغسل وجهها بماء البحر الأزرق، وتتخذ من غابة النخيل نمارق تتوسد عليها بخيلاء وطمأنينة.
وللدكتور علي أحمد هلال (من مواليد 1949م) أكثر من إسهام في الكتابة التاريخية، فهو أحد المساهمين في وضع المادة العلمية لموسوعة (تاريخ البحرين) الذي أشرف عليه محمد حسن كمال الدين، كما ساهم مع نخبة من الباحثين في إعداد كتاب (المشهد ذو المنارتين) ويأتي عمله الحالي تتويجاً لخبرته الأكاديمية الثرية.
ولعل من أبرز المزايا التي يتمتع بها الكتاب، خلافاً لعدد من الإصدارت البحرينية المشابهة، عدم التهيّب والإحجام في الحديث عن دور المرأة في الحياة العامة، فهي حاضرة في بعض ثنايا الكتاب كبنت محمد بن مدن التي برزت في مجتمع القرية كواحدة من أشهر المشتغلات بتجبير الكسور ومزاولة الطبابة التي تعد ميراثاً عائلياً اشتهرت به هذه الأسرة.
وعلى رغم شمولية العمل وعظم الدور المبذول فيه، فإنه - كأي جهد بشري - لا يخلو من بعض الهنات التي أملتها ظروف التعجل والرغبة اللحوحة في سرعة إصدار العمل، فقد كان بودي أن يتضمن عنوان الكتاب ما يدل على أن الدَّير «قرية بحرينية» وليست قرية تقع في بلاد العراق أو الشام أو مصر، الانطباع ذاته يخرج به القاريء عندما يقرأ حول (الإرث العلمي) للقرية، فقد كُتب بلغة تتسم بالعمومية وأقرب ما تكون إلى الإدانة والنقد الصريح في حين أن القاريء يبحث عن معلومة لا إلى رأي انطباعي.
على رغم ذلك، أعتقد أن المؤلف ذَلّلَ الكثير من الصعوبات أمام الباحثين الذين سيأتون لاحقًا لبحث تاريخ هذه القرية الوادعة، والصعوبة دائماً تكمن في البدايات التأسيسية، فقد أماط الباحثُ اللثامَ عن حقائق تاريخيّة في غاية الأهميّة، وطريق البحث التاريخي شاق وطويل، والمعرفة بطبيعتها تراكمية، جيل سابق يُعطي وجيل لاحق يُضيف في عمليّة تركيب وإضافة وتشذيب ومراجعة وكشف متواصل، وباب البحث التاريخي والاجتماعي مفتوحٌ دائماً، وخصوصاً إذا ما ارتبط بقرية مساحتها في تمدد مستمر من جهة الشمال البحري وعدد سكانها يتجاوز الآن الاثني عشر ألفاً.
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 4756 - الإثنين 14 سبتمبر 2015م الموافق 30 ذي القعدة 1436هـ
10 سنوات من الجهد
الاستاذ وسام السبع ..استغرق الكتاب المعني أعلاه حوالي العشر سنوات من البحث المضني وسنوات من التقصي وما جادا به ذاكرة بعض المعنونين به من ترجمات لسيرهم الذاتية فهذه الكتاب أيضا اشترك به عدد من النخب المثقفة من القرية وذلك لتنويع مصادر البحث والمعلومة أصم صوتي معك بالنسبة إلى اسم الكتاب ولكن الكتاب يوثق لعدة ازمنه متعاقبة على هذه القرية ومعلومات جمه عن تاريخ قرية الدير .
الكتاب قيم جدا
اتفق معك تماما.. ولذلك كتبت عنه، لا شك في قيمته العلمية ابدا.. والملاحظات اعلى لاتقلل من فائدته ابدا..
ولكن كيف استشيع النصارى !!
شكرا لكم جميعا ونتمنى ان يتطرق الباحث لمراحل ومخاضات والأجواء التي صاحبت تحول ديانة اهالي القرية من النصرانية الي الاسلام والتشيع خصوصا وهذا تحول كبير ودراماتيكي في العقيدة .. شكرا مرة اخرى
جهد مشكور
لا شك أن البحث التاريخي يتطلب من الباحث أن يبذل جهود كبيرة ومضنية ،وقد يصادف في طريقه الكثير من المعوقات والمنغصات والمحبطات والمثبطات ،ولكن بالإرادة يتخطاها ويتجاوزها ويحقق أهدافه الخيرة ،فالشكر الجزيل للدكتور علي هلال على عمله الرائع ،والشكر موصول لكاتب المقال الأستاذ والباحث الأستاذ وسام السبع على تسليطه الضوء على هذه الزاوية التاريخية المهمة التي تبين أصالة وعراقة أبناء قرية الدير الكرماء
الدير
يستوحى من كلمة دير ان بها ديرا وان سكانها كانوا نصارى. وهذا كله لا دليل عليه
خوش
قريتى الدير وسماهيج ضاربه فى عمق التاريخ كسائر القرى البحرينيه هذى دليل على عراقه الشعب البحرينى الااصيل
شكرا للكاتب القدير
اوافق راي الكاتب بان الكتاب كتب على استعجال وكثرة السرد وخلوها من التحليل الدقيق لبعض الامور المهمه في تاريخ القريه وتفادى الكاتب قول رايه في بعض المواضيع هريا من الاحراج او الدخول في سجلات عقيمه لمن لا يتفق معه بالراي
خوفه من تحسس البعض
الدير
شكرا لتسليط الضوء على الكتاب وعلى قريتي الحبيبه
احسنت
أحسنت خويك
عاشت الدير
عاشت الدير والاهلها
هكذا ..
يصر البعض عبثا وتعمدا على ان اهل تلك القرية الجميلة والناس الطيبون والودودين والموحدين لله سبحانه انما هم بقايا نصارى او مسيحين وما يتعبدون به اليوم اشبه بالترانيم .
التكملة:ههههه
فبحسب النسطورية لا يوجد اتحاد بين الطبيعتين البشرية والإلهية في شخص يسوع المسيح، بل هناك مجرد صلة بين إنسان والألوهة، وبالتالي لا يجوزإطلاق اسم والدة الإله على مريم العذراء بحسب النسطورية، لم تلد إلها بل إنساناً فقط حلت عليه كلمة الله أثناء العماد وفارقته عند الصليب، فيكون هذا المذهب بذلك مخالفاً للمسيحية التقليدية القائلة بوجودأقنوم الكلمة المتجسد الواحد ذو الطبيعتين الإلهيةوالبشرية ...........
صباح الدير
الف تحية واحترام لاهلنا في الدير العزيزة .. لكم كل الحب يالاجاوييد يا اكرم واشرف الناس ، وشكرا لك استاذ على المعلومات والمقال الرائع
شكرا لمرورك
شكرا لمرورك عزيزي.. اهل الدير يستاهلون