العدد 4754 - السبت 12 سبتمبر 2015م الموافق 28 ذي القعدة 1436هـ

نشر ثقافة التغيير... أجواء اليوم الدراسي الأول مثالاً

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لا تُغير القناعات والسلوكيات إلا بنشر ثقافة مغايرة، واكتساب هذه الثقافة لا يأتي إلا بممارسة جماعية مقنعة وغير مفتعلة؛ ليكون تأثيرها قوياً ودائماً حتى تترسخ الثقافة الجديدة الإيجابية وتأخذ مداها وتصبح سلوكاً شائعاً. فاجأنا الشباب البحريني سواء المنتمين للكادر التعليمي أو خارجه بمجموعة من المبادرات انطلقت مع شروق صباح أول يوم دراسي للطلبة وذلك لإضفاء جو المرح والتفاؤل بهذا اليوم وتغير الشعور النمطي السائد في هذا اليوم المليء بالملل، أو ربما جاءت لتعزيز من يمتلك شعوراً إيجابياً بمزيد من النشاط والحيوية، ومعها يكون تغيير ثقافة أجواء اليوم الدراسي الأول هي صناعة بحرينية بجدارة، لنتساءل بعدها كم من السلوكيات نحن بحاجة إلى نشر ثقافة مقنعة لتغييرها؟

يشار إلى أن مصطلح الثقافة مصطلح طارئ على الفكر العربي، تم اقتباسه من فعل ثقف الشيء، أي حذقه وفهمه، وقد عرفت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الثقافة بأنها «المخزون المعرفي، ومستودع قيم المجتمع وأعرافه وأحكامه ومفاهيمه السائدة التي يتأثر بها أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم، المتعلم، والجاهل، الكهل والطفل، المرأة والرجل، وذلك بدرجات متفاوتة وفق استيعاب كل منهم، وحسب اتساع مداركه، وبالتالي يكون للثقافة الدور الأبرز في تحديد سلوكيات الأفراد، وردود أفعالهم وطرائق تفكيرهم».

تغيير ثقافة في أي مجتمع يعتمد على القاعدة الجماهيرية العريضة المتفاعلة مع أي روح من المبادرة والابتكار المتولدة من الدوافع الذاتية لحب الخير لخلق مناخ مغاير وجرئ في التغيير نحو الأفضل. هي مهمة صعبة لأن محاربة العوائق الاجتماعية فيها تضحية وإقدام غير مسبوق، لكن لا بد منها، إذ إن تغيير المفاهيم والسلوكيات الخاطئة بنشر ثقافة جديدة ومغايرة بطريقة ريادية هي أبرز المحطات النوعية في حياة المجتمعات إذ يكون تطورها الإنساني قائماً على بناء غايات منطلقة من أساسيات اختيار أفضل البدائل والغير مكلفة لتحقيق أهداف التغير والتي تؤدي لتوفير احتياجات ومتطلبات الحياة المثلى بتغيير نمط العيش.

كثيراً هي القصص الفردية والجماعية التي تحاكي محاولة نشر ثقافة تغيير مفاهيم وسلوكيات لا تقوم على نظريات بقدر ما تقوم على مبادرات نوعية، فها هي رقية فوزي بائعة الكتب العراقية، تفترش الأرض لبيع الكتب في شارع المتنبي المعروف، وهو أشهر شوارع بغداد يعج بمكتبات لبيع الكتب، رقية ليست بحاحة إلى المال فهي محامية، لكن لديها رسالة، تحاول من خلالها نشر ثقافة حب الكتاب عملياً، فهي تبيع الكتب في يوم الجمعة وهو يوم إجازتها الأسبوعي لصالح مكتبة ودار نشر، ولا تتقاضى في ذلك أجراً مادياً على عملها، إنما تأخذ كتابين مقابل بيع الكتب، كما أنها عقدت قرآنها بمهر مقدمه 500 كتاب، وبمؤخر 1000 كتاب، لأن الكتب لديها على حد قولها «أثمن من المال».

تغيير أجواء اليوم الدراسي الأول للطلبة كان هماً بحرينياً أراد فيه البحرينيون خلق ثقافة حب التعليم وتعزيز روح الانتماء للمدرسة، وتثبيت قيمة التعليم كقيمة مجتمعية كبيرة وهامة، وهذا يعكس بطبيعة الحال، حيوية المجتمع وقدرته على الابتكار والمبادرة والتي من المفترض أن تطال جوانب عديدة خاصة في الثقافات القائمة على الاستهلاك الغير مجدي في حفلات الزواج، والتعزية، والضيافة، كما طالت اللبس والمأكل والأثاث ناهيك عن ثقافة استهلاك الوقت والجهد في مجالات غير معوضه من باب الترويح وتغذية حب الاستطلاع الذي غذى جل حياتنا، بدلاً عن استغلالهما في تنمية الذات ومساعدة الآخرين.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 4754 - السبت 12 سبتمبر 2015م الموافق 28 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:50 ص

      أحسنتِ

      كل الشكر والتقدير لأصحاب الفكرة المبدعة، ونتطلع إلى أجيال مثقفة مبادرة ومبتكرة ان شاء الله.

    • زائر 1 | 12:46 ص

      أمة اقرأ

      مقال اكثر من رائع

اقرأ ايضاً