دعت روسيا اليوم الجمعة (11 سبتمبر/ أيلول 2015) الولايات المتحدة إلى استئناف التعاون العسكري المباشر لتفادي وقوع "حوادث عارضة" قرب سوريا في وقت يعتقد فيه مسئولون أميركيون أن موسكو تحشد قوات لحماية حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وتقود الولايات المتحدة حملة غارات جوية ضد مقاتلي تنظيم داعش في سورية ومن شأن وجود روسي أكبر أن يثير احتمالات وقوع مواجهة في ميدان المعركة بين خصمي الحرب الباردة.
وقالت كل من موسكو وواشنطن إن عدوهما هو تنظيم داعش. لكن روسيا تساند حكومة الأسد بينما تقول الولايات المتحدة إن وجوده يزيد الأوضاع سواء.
وفي الأيام القليلة الماضية تحدث مسئولون أميركيون عما قالوا إنه حشد للقوات والعتاد من جانب روسيا.
وفي أحدث التقارير قال مسئولان غربيان ومصدر روسي لـ"رويترز" إن موسكو سترسل صواريخ متقدمة من طراز إس.إيه-22 مضادة للطائرات إلى سورية. وذكر المسئولان الغربيان أن القوات الروسية أقدر على تشغيله من القوات السورية.
وكانت مصادر لبنانية أبلغت "رويترز" أن جنودا روسا بدأوا المشاركة في عمليات قتالية لمساندة حكومة الأسد. ورفضت موسكو التعقيب على هذه التقارير.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مؤتمر صحفي إن بلاده ترسل عتادا لمساعدة الأسد على التصدي لتنظيم داعش. وأضاف أن الجنود الروس موجودون في سورية في الأساس للمساعدة في تشغيل هذه المعدات وتدريب الجنود السوريين على استخدامها.
وتابع قائلا في مؤتمر صحفي إن روسيا تجري أيضا مناورات بحرية في البحر المتوسط قائلا إنه كان مخططا لها منذ فترة طويلة وتجري بما يتماشى مع القانون الدولي.
وقال مصدر قريب من البحرية الروسية لـ"رويترز" إن مجموعة من خمس سفن روسية مزودة بصواريخ موجهة أبحرت للقيام بمناورات في المياه السورية.
وأضاف المصدر "سيتدربون على صد هجوم من الجو والدفاع عن الساحل وهو ما يعني إطلاق نيران المدفعية وتجربة أنظمة الدفاع الجوي قصيرة المدى" مضيفا أنه تم الاتفاق على هذه المناورات مع الحكومة السورية.
وألقى لافروف باللوم على واشنطن في وقف الاتصالات العسكرية المباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي بعد الأزمة في أوكرانيا العام الماضي وقال إن مثل هذه الاتصالات "مهمة لتجنب وقوع حوادث عارضة غير مرغوبة."
وأضاف "نحن ندعم دائما فكرة تحدث العسكريين معا بطريقة مهنية. إنهم يفهمون بعضهم البعض جيدا... لكن لو كما قال (وزير الخارجية الأمريكي) جون كيري مرارا إن الولايات المتحدة تريد أن تكون هذه القنوات مجمدة فالأمر متروك لهم."
ويقول مسئولون أمريكيون إنهم لا يعرفون ما هي نوايا موسكو في سوريا. وجاءت التقارير عن الحشد الروسي في وقت تحولت فيه دفة القتال ضد القوات السورية في الحرب الأهلية الدائرة منذ أربع سنوات إذ عانت دمشق من هزائم ميدانية هذا العام على يد مجموعة من الجماعات المسلحة المختلفة.
ولموسكو حليفة الأسد منذ الحرب الباردة قاعدة بحرية في ميناء طرطوس السوري وهي قاعدتها العسكرية الوحيدة في البحر المتوسط وتعتبرها هدفا استراتيجيا.
وفي الشهور الأخيرة أثارت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي احتمالات أن تلعب قوى خارجية دورا أكبر في سوريا حينما اقترحت اقامة "منطقة آمنة" قرب حدودها خالية من قوات الأسد أو من مقاتلي تنظيم داعش.
وأودت الحرب بحياة أكثر من 250 ألف شخص وأجبرت نصف سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون نسمة على النزوح عن ديارهم. وسافر البعض إلى دول أوروبية مما سبب أزمة للاجئين هناك.
ويأتي إرسال صواريخ متقدمة مضادة للطائرات مثل (إس.إيه-22) التي قال المسئولان الغربيان إنها في طريقها إلى سوريا لكنها لم تصل بعد ليضعف حجة موسكو التي تقول إن هدفها الوحيد هو مساعدة دمشق في محاربة "داعش" اذ لا يملك التنظيم المتشدد أو أي من جماعات المعارضة طائرات.
وقال دبلوماسي مطلع على تقديرات المخابرات "هذا النظام نسخة متقدمة تستخدمها روسيا وسيشغله روس في سوريا."
وقال مصدر روسي قريب من البحرية إن هذه لن تكون المرة الأولى التي ترسل فيها موسكو صواريخ (إس.إيه-22) الى سوريا. وذكر المصدر أنه تم إرسال النظام عام 2013 وأضاف "هناك خطط الآن لإرسال دفعة جديدة."
لكن الدبلوماسي الغربي قال إن الصواريخ الجديدة ستكون اكثر تقدما من تلك التي نشرت فيما مضى.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اليوم الجمعة إن من السابق لأوانه الحكم على نوايا روسيا بالضبط تجاه سوريا في الوقت الراهن لكن "إضافة حرب إلى حرب" لن يساعد في حل الصراع السوري".
وتابع "إذا كان من أجل الدفاع عن القاعدة في طرطوس فلم لا؟ لكن ماذا لو كان الهدف هو الدخول في الصراع..." دون أن يكمل جملته.
*القدرة على المساومة
يقول دبلوماسيون في موسكو إن الكرملين سعيد بان الغرب يعتقد أنه يحشد قواته في سوريا ظنا منه أن ذلك سيمنحه قدرة أكبر على المساومة في أي محادثات دولية بخصوص بقاء الأسد في السلطة.
وساندت دول عربية وغربية مطالب المعارضة السورية بضرورة رحيل الأسد ضمن أي تسوية للصراع يتم التفاوض عليها. ويرفض الأسد التنحي وانهارت كل الجهود الدبلوماسية من أجل التوصل الى حل حتى الآن.
وتلقى أنصار الأسد دفعة هذا الأسبوع بعد تغير في نبرة بعض الدول الأوروبية.
وقالت بريطانيا وهي واحدة من أقوى المعارضين الغربيين للأسد إنها قد تقبل ببقائه في السلطة لفترة انتقالية اذا كان هذا سيساعد في حل الصراع.
وقالت فرنسا يوم الاثنين إنه يجب أن يترك الحكم في إحدى المراحل. وذهبت بعض الدول الأصغر إلى أبعد من ذلك فقالت النمسا إنه يجب أن يكون للأسد دور في محاربة "داعش" وقالت اسبانيا إن هناك حاجة للتفاوض معه لإنهاء الحرب.