يكاد يكون هناك وجه شَبَه كبير في الاشتغال على الموضوعات التي لا يُريدها الساسة الأميركيون أن تكون شائعة في الأوساط الأكاديمية والثقافية، بين الروائي والكاتب المسرحي الأميركي دون ديليلو، والمفكِّر اليساري والألسني الأميركي الشهير نعوم تشومسكي. الأول اتجه إلى الرواية والمسرح والقصة، وأحياناً إلى السينما، مُعالجاً موضوعات المؤامرة والإرهاب ونوبات الفوضى عموماً، والفوضى المناهضة للرأسمالية خصوصاً، وتوحُّش رأس المال، والعوْلمة، والفساد السياسي، والكوارث البيئية، وجاذبية التقنية، وسيكولوجية الجماهير، والنزعة الاستهلاكية، والرياضة، ولم يبتعد تشومسكي كثيراً عن تلك الموضوعات بمشْرط وأدوات الباحث والمفكِّر؛ وإن جاءت أكثر تركيزاً ومباشرة لديه؛ بحكْم الجنس الأدبي والفكري الذي يتناولها.
كأن مهمة ديليلو الرئيسة من وراء الكتابة، هي تشريح الذعْر والخوف والقلق في الحياة اليومية الأميركية. كل ذلك وسْط عزلة ارتضاها، وفرَضَها على نفسه منذ أكثر من ثلاثة عقود. ببصيرة نفَّاذة يكتب، وباستفزاز يتم استقبال تلك الكتابة. لا يحظى بشعبية في أوساط القرَّاء جميعاً، لسبب بسيط أيضاً يرتبط بعدم استسلامه للدخول في تواؤم وتوافق مع التيار المهيمن في الثقافة الأميركية.
أمر آخر، أن الاثنين ظلاَّ في ما يشبه العزلة عن التيار السائد في الثقافة الأميركية. الثقافة التي لم تنظر بعين الرضا لإنتاج الرجلين، وحتى مواقفهما في الحياة. ديليلو عاش عزلته طولاً بعرض لأكثر من ثلاثة عقود. أحجم عن إجراء اللقاءات الصحافية؛ باستثناء لقاءات نادرة مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، بمناسبة صدور روايته «نقطة النهاية»، و «The Australian»، وأحجم عن إلقاء المحاضرات، وتدريس ما يُبدعه لطلبة الجامعات، كما هو الحال مع كثير من الكتَّاب والروائيين. كما ظل بمعزل عن جاذبية التقنية. لا يوجد بريد إلكتروني للرجل، وإلى اليوم ينجز أعماله على آلة كاتبة قديمة من نوع «أولمبيا».
المفاجئ والجديد، أن المؤسسة الوطنية للكتاب في الولايات المتحدة، قرَّرت منحه ميداليتها للدورة المقبلة، عن إنجازه الروائي الفاعل والمؤثر في مسار ونهضة الأدب الأميركي؛ على رغم حجْبها أو إغفالها.
براين ثيل من صحيفة «الغارديان»، كتب تقريراً يوم السبت (5 سبتمبر/ أيلول 2015)، غطى جوانب من أعمال ديليلو، وعمد محرر «الوسط» إلى اختيار أهم ما جاء في تقارير متفرقة، وجانب من سيرته الذاتية، وأهم آرائه التي تناولت الكتابة وتقنياتها، وإضاءات مهمة وردت في لقاء مع «وول ستريت جورنال».
40 عاماً من الكتابة
أعلنت المؤسسة الوطنية للكتاب في الولايات المتحدة الأميركية، مؤخراً، أنها ستمنح ميداليتها للروائي والكاتب المسرحي الأميركي دون ديليلو، لمساهمته المتميِّزة في الأدب الأميركي. يأتي هذا القرار النادر بمثابة مفاجأة، نظراً لما قدَّمه ديليلو من إنجازات وجهود استمرت 40 سنة من الكتابة، وتقديراً لكتبه التي تمَّ حجْبها أو إغفالها على مدى عقود أيضاً، وهنا تكمن المفاجأة.
تدعم سمعة ديليلو مجموعة من الروايات ذات الحضور والاعتبار، من بينها «ضجَّة بيضاء»، ويتناول فيها قصة عالِم جامعي يحدث تسرُّب كيميائي في معْمله يقلب حياته رأساً على عقب، فيفقد زوجته، إلا أنه يقوم بالاتصال بها روحياً من خلال ظاهرة إلكترونية صوتية يكتشفها فيما بعد، ولكن باعتباره صاحب أسلوب له حضوره المهمّ في المشهد الإبداعي الأميركي، غالباً ما يكون من الصعب تحديد المكانة التي يجب أن يكون عليها؛ أو ما الذي يمكن قوله عن بنْية أعماله عموماً.
موضوعات متنوعة تتناولها رواياته وكتبه، فهنالك مثلاً: الإرهاب في روايته «الرجل الساقط» الصادرة في العام 2007، وتتناول الهجوم على مركز التجارة العالمي، واعتبرها النقَّاد عملاً محدودَ الخيال، و «اللاعبون»، الصادرة في العام 1977، والاغتيالات في «الميزان»، ونوبات عنيفة من الفوضى، والفوضى المناهضة للرأسمالية «في المدينة العالمية»، تعمُّ عمله وتقود إلى (المؤامرات). ولكن من الإنصاف أن نقول، إن عمله قد يحاصرنا في نهاية المطاف بذلك القدر من محورية تداعي الأحداث الدرامية المتعلقة بالمؤامرة التي تبدو قليلة، مقارنة بمحورية الذعْر فيها.
في عمل ديليلو، وأياً كان الوقت والظرف، يكاد يكون كما لو أن الجميع يعلم بأن ردود أفعال شخصياته بذلك الكمّ من العنف والدمار، محكوم وبلا معنى في مواجهة النظم المعوْلمة التي تلتهمهم، ولكن يبدو أنهم عاجزون عن تصوُّر أي نوع آخر من الردِّ على ذلك.
المعنى... المعرفة... الحقيقة
في جميع القضايا والموضوعات المتنوِّعة التي بحثها: دور وسائل الإعلام ومشهديتها، الإرهاب والأداة السياسية، ما يُلقى على كاهل المعلومات، النفايات والاستهلاك الشامل؛ السعي الذي لا نهاية له لتحديد وتنويع أنماط المحكوم عليهم بالموت، المعنى والمعرفة والحقيقة، كل تلك الموضوعات حاضرة عبر مجموعة كاملة من أعماله، وهي بمثابة صوت ونبرة تسود الحياة الأميركية، بما تحمل من ذُعْر في ثناياها، من ذلك النوع الذي لا يتزعزع. إنها تتحدَّث عن كل ذلك من خلال العديد من الرواة والشخصيات الرئيسة في أعماله.
إنه الصوت شبه الجماعي ذلك الذي يتلمَّس - إلى حد ما - ضيق الديموغرافيا، كما يفهمه ديليلو: معظمهم من البيض، المتعلمين، ممن يمكن تصنيفهم ضمن الطبقتين المتوسطة والعليا، وغالباً ما يعملون بمجالات متداخلة في وسائل الإعلام، والتمويل، والفنون والثقافة، والأوساط الأكاديمية والسياسة. وبالتأكيد هنالك استثناءات ملحوظة، ولكن بصفة عامة، الراوي النموذجي أو الشخصية بالنسبة إلى ديليلو توظف لهجة يكتنفها الأسلوب الثقافي المميز بطابعه المهذب، الذكي، البارع، وذي الحمولات الغامضة في بعض الأحيان، وحتى في بعض الحالات التي تهدِّد فيها المؤامرات بتقويض السبب الكامن وراء ذلك... النظام... وحتى الهوية. باختصار، نجد أن العالم غالباً ما يشكِّل الظروف لكل النماذج تلك، والتي هي بيننا ومنا، والتي تشعر بطريقة أو أخرى بأنها خارجة من تلك النماذج، ويتم فصلها أو عزلها عنها، وتجاهل أعمالها الضمنية، حتى ولو شعرنا بصلتنا السرية معها.
هذا الهَوَس في محاولة لاستيعاب - بشكل عبثي - مصير الروح المتآكلة يتم ربطه بالعديد من المؤامرات المغايرة على خلاف: أزمات الحرب الباردة في عمله «العالم السفلي»، المؤامرات الإرهابية في «اللاعبون»، عذابات الأسرة في «ضجَّة بيضاء». مراراً وتكراراً، تبدو شخصيات ديليلو مُجْبَرة على تعميم الأدوات الخاطئة الميؤوس منها، تلك المتعلقة بالطيش المرَضي، وحضور البديهة في محاولة لفهم شيء عن العالم الذي هو في الغالب غير مفهوم، وغير قابل لأن يتاخمه أحد.
التصرُّف الفردي لشخصياته
هكذا نجد ديليلو يعود مراراً وتكراراً في أعماله، ومن خلال شخصياته، إلى التصرُّف الفردي العنيف: إطلاق النار... التفجير... والاغتيال. نجده في المتاهة العلمية الخيالية «Ranter›s Star» ، والأسطورة الفائضة لأسواق المال العالمية - التي تبدو وقد تم إقحامها - في «المدينة العالمية»، وفي الدراما العائلية التي تحويها رواية «ضجَّة بيضاء»، وتقريباً في أعمال أخرى.
عالمه الخيالي، خيراً كان أم شراً، هو أولاً وقبل كل شيء، إدراكي ودنيوي. ثمة أناس معذبون يسعون يائسين للفهم والتحكُّم في خوفهم والرهبة المبثوثة في كل مكان. الخوف هناك كما يبدو، سُحباً تنهمر بلا هوادة على المستقبل... حيث الأصداء تتبدَّى من خلال «العالم السفلي» و «المدينة العالمية»؛ في السحب السامة، والمعنيين بتركيب وتصميم المخدرات، تلك التي تتخلَّل «الضجة البيضاء»... في حالة الذُعْر بعد كارثة نيويورك، وتفجير مركز التجارة العالمي في العام 2001، تلك التي نقف على معالجة ديليلو لها في «الرجل الساقط»؛ وفي بيان الخوف من الفضاء الخارجي في «Ranter›s Star». وكما قال: «موضوع هذه القصة هو ألمي؛ كما في آهات (بابيت) في رواية (ضجَّة بيضاء)، ومحاولاتي وضع حد لها».
قد لا يكون ذلك هو الألم الأكثر خطورة مما عرفه العالم الحديث، ولكنه ليس أقل من الحقيقي، وأعمال ديليلو باعتبارها - كلها - رسوماً بيانية، ومساراً؛ حيث القصة في سعيها إلى إنهاء هذا النوع المحدد من الألم الذي يتم سرده وقوله مراراً وتكراراً.
إذا كان هناك أمر أميركي واضح حول الموضوعات المتنوعة التي يتناولها ديليلو، تلك التي تتعلق بتجاوز الفشل، فإنه قد يكون مجرد إصراره على اللعب بها، مثل فيلم لا نهاية له في لقطات «ساميزدات»، والسجال المزيف بين الأمل واليأس، والسبب الكامن وراءه، الخلاص والفناء.
يُشار إلى أن الساميزدات «نوع من الكتابة والنشر، مارسه المنشقُّون في الاتحاد السوفياتي ودول الكتلة الشرقية تحدياً للرقابة على الكتابات المعارضة. كانت المطبوعات المحظورة تُكتب باليد وتُمرر من قارئ إلى آخر. كانت هذه الطريقة محفوفة بالخطر، وكل من تتم إدانته بنشر أو تداول مثل هذه المنشورات يُواجِه عقوبات قاسية».
لخَّص فلاديمير بوكوفسكي فكرة الساميزدات بقوله: «أخلقها بنفسي، وأحرِّرها، وأراقبها، وأطبعها، وأوزِّعها، وأُسجن من أجلها»!
في «المدينة العالمية»، له قصة رشيقة حول انهيار الأسواق العالمية. يعود ديليلو إلى الصورة التي ظهرت بشكل بارز في «اللاعبون»، التي كُتبتْ قبل ربع قرن من الآن. في كلا الكتابين، نواجه صورة رجل أميركي يائس وذي دوافع سياسية، يجلس القرفصاء في الشارع، يصب البنزين على أنحاء جسمه، وبهدوء يشعل النار. بالنسبة إلى ديليلو يبدو هذا العمل المروِّع والمذهل بالتضحية بالنفس ثمرة منطقية للمجتمع المختل لدينا، في عالم حيث نعرف الكثير للقيام به؛ ولكننا لا نفعل شيئاً.
«ضجَّة بيضاء»... «الميزان»
ولد الروائي وكاتب المسرح والمقال، دونالد ريتشارد «دون» ديليلو في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 1936. نشأ في عائلة كاثوليكية إيطالية من الطبقة العاملة، في موليز، وترعرع في حي إيطالي - أميركي في برونكس بمدينة نيويورك. كان للتربية الكاثوليكية أثرها في كثير من كتابات وأعمال دليليو. الدِّين له حضور في صورة أو أخرى، وفي هذا الصدد يشير في أحد لقاءاته النادرة إلى أن لتلك التربية «تأثير بطرق يصعب عليَّ تحديدها. الشعور بالأشياء الأخيرة. الإحساس بالدِّين الذي يوشك في بعض الأحيان أن يكون فَنّاً».
غطَّتْ أعماله موضوعات متنوِّعة مثل التلفزيون، والحرب النووية، والرياضة، وتعقيدات اللغة، وفنون الأداء، والحرب الباردة، والرياضيات، وبدء العصر الرقمي، والسياسة، والاقتصاد، والإرهاب العالمي.
عُرف أساساً ككاتب في مجال العقيدة، وبنشره في العام 1985 كتابه «ضجَّة بيضاء» حقق اعترافاً وحضوراً واسع النطاق، وتبعه في العام 1988 كتاب «الميزان»، الذي صُنّف ضمن أكثر الكتب مبيعاً.
وصل ديليلو مرتين لقائمة الترشح النهائي لجائزة بوليتزر للرواية عن عمله «ماو الثاني» في العام 1992، والتي يتناول فيها الإرهاب الدولي و «العالم السفلي» في العام 1998. فازت روايته «ماو الثاني» بجائزة «PEN/Faulkner» في العام 1992، وتلقَّى المزيد من الترشيحات من قبل الجائزة نفسها عن عمله «الملاك إزميرالدا» في العام 2012.
تم منحه جائزة «PEN/Saul» للإنجاز في مجال الرواية الأميركية في العام 2010، وحصل على جائزة مكتبة الكونغرس للرواية الأميركية في العام 2013.
وفي هذا السياق، قال عنه أمين مكتبة الكونغرس جيمس بيلينغتون: «ديليلو يبحث عميقاً مثل دوستويفسكي في الحياة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية، وقد حقَّق أعمالاً رائعة على مدى حياته المهنية الطويلة والمهمة».
العيش في الأوقات الخطرة
وصف ديليلو رواياته بأنها كانت تُعنى بـ «العيش في الأوقات الخطرة». وصرَّح في مقابلة العام 2005 بأنه «يجب على الكتَّاب معارضة الأنظمة. من المهم أن يكتبوا ضد (...)، والشركات، و (...)، ونظام استهلاك الترفيه المُنهك برمَّته (...) أعتقد أن الكتَّاب، بحكم طبيعتهم، يجب أن يعارضوا الأشياء، ومعارضة كل ما تحاول السلطة فرضه علينا».
قدَّم في مقابلة العام 2010 مع «The Australian» صورة عن الفترة المبكِّرة من حياته، بالقول: «وقتها كان لي عصر ذهبي شخصي في القراءة، في العشرينات من عمري، وفي بدايات الثلاثينات، ثم بدأت كتابتي تستغرق الكثير من الوقت».
قرأ ديليلو لعدد من الكتَّاب وتأثَّر بهم في تلك الفترة، ومن بينهم: جيمس جويس، ويليام فولكنر، فلانري أوكونور، وإرنست همنغواي، الذي كان له تأثير كبير على محاولاته المبكِّرة في الكتابة أواخر سنوات المراهقة، كما تأثر بالموجة الروائية الحداثية، وقد استشهد أيضاً بالتأثير الذي أحدثته موسيقى الجاز «رجال من أمثال أورنيت كولمان، ومينغاس وكولتراين ومايلز ديفيس»، إضافة إلى تأثره بسينما ما بعد الحرب «أنطونيوني وغودار وتروفو»، ثم في السبعينات من القرن الماضي جاء الأميركيون، وكثير منهم تأثروا بالأوروبيين: كوبريك، ألتمان، كوبولا، سكورسيزي وهلم جرا.
وهنا يقول: «لا أعرف كيف أثَّروا على طريقتي في الكتابة، ولكن لدي حس بصري». وفي تأثير السينما، وخاصة السينما الأوروبية، على عمله، قال ديليلو: «شكَّلت السينما الأوروبية والآسيوية في ستينات القرن الماضي، الطريقة التي أفكِّر وأشعر بها حول بعض الأمور. في ذلك الوقت، كنت أعيش في نيويورك، لم يكن لدي الكثير من المال، كما أنه لا عمل كثيراً لديَّ، كنت أعيش في غرفة واحدة ... رجل في غرفة صغيرة. وارتدْتُ السينما مرات عديدة، لمشاهدة بيرغمان، أنطونيوني، غودار. عندما كنت صغيراً، في برونكس، لم أذهب إلى السينما، ولم أفكر في الأفلام الأميركية. كل ما رأيته عبارة عن أعمال فنية. ربما، بطريقة غير مباشرة، أتاحت لي السينما أن أصبح كاتباً».
من رواياته: «نقطة النهاية (1972)، «اللاعبون» (1977)، «الأسماء»، (1982)، «ضجَّة بيضاء» (1985)، «الميزان» (1988)، «ماو الثاني» (1991)، «العالم السفلي» (1997)، «فنان الجسد»، (2001)، «المدينة العالمية» (2003)، و «الرجل الساقط»، (2007). يذكر، أن المؤسسة الوطنية للكتاب، التي ستمنح ميداليتها للروائي دون ديليلو، تم تأسيسها كمؤسسة أميركية غير ربحية، تهدف إلى تقدير الجهود الثقافية والأدبية التي تُقدَّم في أميركا. تأسَّست العام 1989 من قبل «جوائز الكتاب الوطني»، المؤسسة المسئولة والراعية للجائزة الوطنية للكتاب، وهي مجموعة متنوِّعة من الجوائز الأدبية، استهلَّت نشاطها في العام 1936، واستمرت منذ العام 1950. كما تنظِّم وترعى البرامج العامة والتعليمية.
العدد 4751 - الأربعاء 09 سبتمبر 2015م الموافق 25 ذي القعدة 1436هـ