وارت حشود بحرينية، صباح أمس الأحد (6 سبتمبر/ أيلول 2015)، جثمان شهيد الواجب العريف عبدالمنعم علي حسين، في مثواه الأخير في مقبرة الحنينية بالرفاع.
وحظي التشييع، بحضور عسكري رفيع المستوى، تقدمه القائد العام لقوة دفاع البحرين المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، وقائد الحرس الملكي العميد الركن سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، وقائد قوة الحرس الملكي الخاصة بالحرس الملكي البحريني الرائد سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، إلى جانب التواجد الغفير والمهيب لأفراد قوة الدفاع، والمواطنين، والتغطيات الإعلامية، وسط مطالبات من مجلس بلدي الجنوبية بإنشاء جامع وتسمية أحد شوارع المحافظة باسم شهداء الواجب.
«الوسط» كانت حاضرة في قلب المشهد، الذي التصقت فيه الأكتاف بالأكتاف، وتزاحم من أجله المعزون الذين ملأوا ساحة المقبرة والساحات الخارجية لها، فيما كان والد الشهيد الذي أظهر رباطة جأش وهو يتلقى التعازي، دائم الحمد والشكر لله، معبراً بذلك عن فخره واعتزازه بابنه الذي قال عنه «كان يطلب الشهادة، ويدعو الله لكي ينال هذه المنزلة، ونحمد الله الذي بلغه ما كان يتمناه».
والد الشهيد، الحاج علي حسين، وخلال حديثه للصحفيين، عقب انتهاء مراسم العزاء بقاعة التعازي بالمقبرة، أوضح كيفية تلقيهم خبر الاستشهاد بالقول «ردة الفعل إزاء الخبر كانت مزيجاً من الفرحة والحزن، فأن تفقد شخصاً عزيزاً عليك هذا مدعاة للحزن، وأن يكون هذا الفقد بسبب الاستشهاد في الحرب، والدفاع عن تراب مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، فإننا أمام خبر مفرح من دون شك».
وبين أن»تأثر الإنسان في مثل هذه المواقف، أمر مؤكد وطبيعي، لكننا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل ابننا ويجعله من أهل الجنة، ونحمد الباري على كل حال»، مبتهلاً إلى الله بأن يثبت الشهيد، ومضيفاً «نتمنى أن ننجز شيئاً من أجل الشهيد».
وتعقيباً على مشهد التشييع، قال والد الشهيد «عبدالمنعم لم يعد ابني فقط، بل هو اليوم ابن لجميع البحرينيين، ولكل من تعز عليه البحرين، داعين له بأن يغفر له الله وأن يحشره مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً».
ورداً على مطالبات بتخليد ذكرى الشهيد عبدالمنعم عبر إطلاق اسمه على منشآت أو شوارع، قال والده «الشهيد مخلد عند الله سبحانه وتعالى، سواء أطلق اسمه على مدرسة أو شارع أو غيرها، فإن كل ذلك أمور زائلة، والتخليد الحقيقي قد ناله بعد أن حظي بوسام الشهادة»، ونوه إلى أن وجود الشهيد عبدالمنعم في الجنة، هو أثمن دعوة تستجاب.
كما لفت إلى أن «الشهيد عبدالمنعم كان فداءً للبحرين وللخليج، ونسأل الله أن ينال المغفرة»، مطالباً زملاء الشهيد في الحرب بأن لا يؤثر فيهم هذا الموقف، فهم في الجهاد وهو أمر عظيم، داعياً لهم بالثبات على إصرارهم وعزيمتهم، وصولاً لتحقيق النصر والعودة سالمين.
بدوره، تحدث عم الشهيد، الحاج جبر حسين، عن لحظة تلقيهم نبأ استشهاد العريف عبدالمنعم، «من الطبيعي أن يتأثر المرء وهو يتلقى خبراً من هذا النوع، وهو يحمل فقد عزيز على قلبه، لكننا نحمد الله الذي اختاره شهيداً، حيث قضى فداءً لمملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، وأتمنى من الله أن يجعله من الشهداء الأبرار، ويثبته في آخرته».
وتعليقاً على مشهد التآخي الذي خيم على شعب البحرين وهو يستقبل نبأ استشهاد عدد من أبنائه في محافظة مأرب باليمن، قال «الحمد لله رب العالمين، ومشهد التشييع كان أبلغ من أي تعبير وأي كلام، وهو أمر يمثل لنا مفخرة بحيث أن الشهيد عبدالمنعم لم يعد ابننا فقط، بل هو ابن كل البحرينيين، وهو فداء لهم ولوطننا الغالي».
وأضاف «بهذه المناسبة، فإنني أخاطب إخوان الشهيد وزملائه المرابطين هناك في المواقع، أن لا يتأثروا بما حصل، فزميلهم اختير من قبل الله شهيداً، وهذه أمنية لهم»، داعياً الله لهم بتثبيت الأقدام وأن يجعلهم من المنصورين، وأردف «فرحتنا حين يعودون للبحرين، وهم يرفعون راية النصر».
وخاطب عم الشهيد، القيادة ممثلةً في عاهل البلاد وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد والقائد العام لقوة دفاع البحرين، مؤكداً أن «الشهيد عبدالمنعم لن يكون أول شهيداً لنا، فنحن على أهبة الاستعداد للتضحية فداءً للبحرين ليس بأولادنا فحسب، بل بأولاد أولادنا».
من جانبه، قال رئيس مجلس بلدي الجنوبية أحمد الأنصاري لـ «الوسط»: إن المجلس سيفتتح أعماله، يوم غد الأربعاء (9 سبتمبر الجاري)، وعلى رأس أولوياته واهتماماته، المطالبة بتخصيص عقار في المحافظة الجنوبية لإنشاء جامع باسم شهداء الواجب، ويتضمن الجامع صالة مخصصة للمناسبات، حيث سيمثل ذلك صدقة جارية للشهداء وتخليداً لذكراهم.
وأضاف «إلى جانب ذلك، سيطالب المجلس بتسمية أحد شوارع المحافظة الجنوبية، باسم شهداء الواجب، الذين سقطوا في الأحداث»، مشيراً إلى أن «المجلس يقدم تعازيه للقيادة وللحكومتين السعودية والإماراتية بالحدث الجلل، والذي يأتي في سبيل الدفاع عن الوطن».
بدوره، قال النائب محمد العمادي «نهنئ شهداء الواجب بالشهادة في سبيل الله، وأتوقع أن كل إنسان يفكر الآن في مستقبله ومستقبلنا بعد الموت، وفي ذلك فإن الشهادة هي من أفضل الخواتيم، سائلين الله لشهدائنا بحسن الخاتمة وأن يتقبلهم عنده».
وأضاف «هي مسيرة وطن، بين من يموت في المعركة ومن يموت في الميدان، والعهد أن يواصل الجميع السير على هذا الدرب، عبر حماية الوطن الذي هو أغلى ما يملك الإنسان، فها نحن نرى اليوم معيشة الشعوب الذين شردوا من أوطانهم، ما يدعونا للإشارة مجدداً إلى أن غياب الأمن يعني غياب التنمية والإصلاح والاستقرار»، وتابع «جنودنا هم المرابطين والساهرين ونحن في بيوتنا آمنين، ونسأل الله أن يواصل من يأتي بعدهم لذات المسيرة والمنهج».
ووصفاً لمشهد التشييع، قال العمادي «المشهد مهيب جداً، فحضور المواطنين من جميع فئات الشعب البحريني في المقبرة لدفن الشهداء وتوديعهم، جاء ليعزز من التلاحم الوطني بين القائد العام لقوة دفاع البحرين وأبناء القيادة، وبين رجال الأمن وقوة الدفاع والمواطنين والمسئولين كافة، ما يشكل برهاناً على أننا نعيش وحدة واحدة وحقيقية لا تقبل القسمة على اثنين».
العدد 4748 - الأحد 06 سبتمبر 2015م الموافق 22 ذي القعدة 1436هـ