التقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض أمس الجمعة (4 سبتمبر/ أيلول 2015) سعياً لمزيد من الدعم في مواجهة إيران، في حين تسعى الإدارة الأميركية للاستفادة من الزيارة في تحسين العلاقات بعد فترة من التوتر.
والزيارة هي الأولى للملك سلمان إلى الولايات المتحدة منذ اعتلاء العرش في المملكة في يناير/ كانون الثاني 2015، وتأتي بعد الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة مع إيران في يوليو/ تموز؛ ما أثار قلق دول الخليج العربية التي تخشى أن يؤدي رفع العقوبات عن طهران إلى تمكينها من مواصلة سياسات زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
وشاب التوتر العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية؛ بسبب ما تصفه الرياض بانسحاب أوباما من المنطقة وعدم قيام الولايات المتحدة بتحرك مباشر ضد الرئيس السوري بشار الأسد في سورية، فضلا عما تراه السعودية ميلاً أميركياً نحو إيران منذ أحداث الربيع العربي العام 2011. لكن البلدين يتشاركان الكثير من الأهداف الاستراتيجية وتعتمد كل منهما على الأخرى في عدد من القضايا الجوهرية على الصعيد الأمني والسياسي والاقتصادي.
وقال أوباما للصحافيين وإلى جواره الملك سلمان قبل اجتماعهما في المكتب البيضاوي أمس (الجمعة): «سنناقش أهمية تطبيق الاتفاق (النووي مع إيران) بفاعلية لضمان ألا تملك إيران سلاحا نوويا إلى جانب التصدي لأنشطتها التي تزعزع استقرار المنطقة».
وأضاف «نتقاسم الشعور بالقلق بشأن الأزمة في سورية، وستتاح لنا الفرصة لمناقشة كيف يمكننا السماح بعملية انتقال سياسي في سورية تضع في نهاية المطاف حدا للصراع المروع هناك».
وإلى جانب الملك سلمان وأوباما، حضر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس ووزير الدفاع آشتون كارتر ووزير الخارجية جون كيري.
وكتب المحلل في شئون الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أنتوني كوردسمان أن السعودية والولايات المتحدة «شريكان استراتيجيان بشكل وثيق رغم خلافاتهما».
لكنه أضاف أن إدارة أوباما «بحاجة إلى طمأنة حلفائها وتعزيز التزامها بهذه الشراكة» وخاصة في ضوء مخاوف السعودية بشأن الاتفاق النووي مع إيران.
ولم يحضر الملك سلمان قمة جمعت أوباما بقادة دول الخليج العربية في كامب ديفيد في مايو/ أيار، في خطوة اعتبرت على نطاق واسع رفضا لاستراتيجية أوباما تجاه إيران رغم نفي الحكومتين ذلك التفسير.
وضمن أوباما انتصاراً سياسياً هذا الأسبوع بعدما دعم عدد كاف من الأعضاء الديمقراطيين بمجلس الشيوخ الاتفاق النووي مع إيران ليضمن تأييدا لفيتو هدد باستخدامه لنقض أي قرار من الكونغرس ضد الاتفاق.
ويقول منتقدون إن الاتفاق سيعزز موقف إيران اقتصادياً بشكل يساعدها على زيادة الدعم لمجموعات مسلحة في المنطقة.
وتتعارض السياسات السعودية والإيرانية حول عدد من القضايا الإقليمية وخاصة بشأن الحرب الدائرة في سورية منذ 4 سنوات ونصف والاضطرابات في اليمن، إذ يقاتل تحالف عربي تقوده الرياض بدعم من الولايات المتحدة ضد قوات الحوثيين الموالين لإيران.
وقال أوباما أمس إنه والملك سلمان يشتركان في الشعور بالقلق بشأن الوضع في اليمن وضرورة إعادة تنصيب حكومة فعالة ومواجهة الموقف الإنساني هناك. وقال الملك سلمان إن المملكة عازمة على التعاون مع الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار في اليمن.
وتركز إدارة أوباما على تقديم دعم وعد به أوباما في قمة كامب ديفيد يشمل مساعدة الدول الخليجية على التكامل في أنظمة دفاعية بالصواريخ الباليستية وتعزيز الأمن الإلكتروني والبحري.
ومازالت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وساعد التزامها بضخ النفط رغم تراجع أسعاره مؤخراً على استمرار تعافي الاقتصاد الأميركي. وقال أوباما للصحافيين إنه والملك سلمان سيناقشان الاقتصاد العالمي وقضايا الطاقة.
كما انضمت السعودية إلى الولايات المتحدة ودول عربية أخرى في شن غارات جوية على تنظيم داعش المتطرف في سورية.
وقال أوباما: «سنواصل التعاون الوثيق في مواجهة الأنشطة الإرهابية في المنطقة وحول العالم وبينها المعركة ضد داعش».
وقطعت السعودية شوطاً طويلاً في مناقشاتها مع الحكومة الأميركية لشراء فرقاطتين في صفقة قد تتجاوز قيمتها مليار دولار.
ويمثل بيع الفرقاطتين حجر الزاوية لبرنامج تحديث بمليارات الدولارات تأخر كثيرا لسفن أميركية قديمة في الأسطول السعودي وسيشمل زوارق حربية أصغر حجماً.
العدد 4746 - الجمعة 04 سبتمبر 2015م الموافق 20 ذي القعدة 1436هـ