لم يعد أي مواطن عربي في بقعة من بقاع العالم بمنأى عن الأزمات التي لابد أن تصيبه ولو ببعض من ارتداداتها، فإن كان ذلك المواطن العربي يعيش في بلد غربي أو آسيوي في الشرق أو الغرب فإنه سيعاني جراء ما تقوم به الجماعات التكفيرية في كل بقعة من بقاع الأرض، ما ينعكس على سلوكيات التعامل مع كل العرب والمسلمين، فضلاً عن أنه قد يكون معنياً بشكل مباشر بواحدة من هذه الأزمات إن كان ينتمي لأحد البلدان العربية التي تعاني ما تعاني من الحروب والقتل والدمار، كما هي سورية والعراق واليمن وليبيا.
أما الإنسان العربي والمسلم الذي يعيش داخل بلده فهو إما أن يكون صاحب معاناة كبيرة فيه من الأزمات التي تحيط بالبلدان العربية سواء المعيشية أو الحروب أو التكفير أو غيرها من الأزمات التي كتب العرب والمسلمين على أنفسهم أن يعيشوها بشكل مستمر ومن دون أي تقدم أو تخلص منها وبدعم وغطاء غربي يساعد على تغذيتها بصورة أو بأخرى.
نتقدم خطوات، لكن هذه الخطوات هي باتجاه المزيد من المعارك الجانبية والبينية، هي لمزيد من تدمير الثقافة والتراث الذي يجمع الجميع، وتدمير عقول الصغار والشباب بدل أن تستغل لتقدم الأمة كل الأمة.
إذ إنه بدلاً من أن يفكر الشاب في الكيفية التي من خلالها يتمكن من خدمة الإنسانية والأمة التي ينتمي إليها فضلاً عن المجتمع والدولة اللذين يعيش فيهما، ينصب تفكيره في الكيفية التي يمكنه من خلالها قتل أكبر عدد ممكن من المختلفين معه، بل يصل الأمر إلى الكيفية التي يمكنه من خلالها قتل أهله وجيرانه وأصدقائه، ويكون ذلك كذباً من أجل «التقرب لله». والدين والقيم السماوية بريئة مما يحمل.
والغريب العجيب أن الكثير من هؤلاء «يتقربون إلى الله» بقتل عباد الله والمصلين والأبرياء، لكن عندما تنظر إلى أدبياتهم فإن هدفهم ليس القربة إلى الله بل «حورية» يحظون بها، فلذلك لم يتوانوا عن سبي النساء واغتصابهن وقتلهن من أجل الوصول إلى مأربهم وهو «الجنس»، فالحديث وإن غلف بغلاف ديني فإن النية والهدف الأساس هو شهوة يطفئونها بأي طريقة كانت.
ما وصلنا إليه اليوم هو نتيجة غياب الهدف الحقيقي والواضح في المنطقة العربية، فالباحث والمخترع ورجل الدين الواعي والمفكر والطبيب العالمي إنما يهربون من دولهم إما خوفاً من حكومات أو هرباً من عدم تقدير، ليصبحوا على الرعاية في الغرب ويبدعون ويحصلون على الجوائز العالمية وليكونوا رؤساء ومدراء ومخترعين.
لا أعلم متى تستيقظ أمتنا مما هي فيه، ففلسطين تحت الاحتلال ودول عربية أخرى تدمَّر ودول إسلامية في محرقة منذ عقود والحال دون تقدم، بل هو إلى الوراء يسير وبكل قوة وانحدار. ليبقى المواطن العربي وبعده المسلم محاصراً بين الأزمات التي لا تنتهي.
إقرأ أيضا لـ "مالك عبدالله"العدد 4732 - الجمعة 21 أغسطس 2015م الموافق 07 ذي القعدة 1436هـ
انا اقول لك متى
عندما تتحرر تملك زمام امورها تدير شؤن نفسها بنفسها تعتمد على قوتها إذا تحقق ذلك فستخلص من ازماتها.