قيل إن الماركسيين في روسيا انتظروا سبعين عاماً حتى يجلسوا على مائدة الطعام، وعندما جلسوا لم يجدوا شيئاً يأكلونه، فهل ننتظر طويلاً للجلوس على طاولة الحوار عندها لا نجد شيئاً نتفق عليه بعد أن أدمى بعضنا بعضاً؟ الأفق فسيح ومتشعب يتسع لتعدد الناس طيفاً وفكراً، والأزمات ذات وجوه لا تحصر في نفق واحد وليس لها نهاية واحدة، الجميع هنا في مركب واحد ومن المجحف حقاً أن ينبري البعض بالمسارعة إلى الفصل والاستعجال إلى نهاية الآخر، النهاية التي يراها هو دون سواه، النهاية التي تفضي إلى تضييق الخناق وتأزيم الأوضاع. نحن في أمس الحاجة في هذا الوقت إلى تقبل المختلفين معنا في الشأن الوطني بدلاً من تضييق الفسيح أملاً في وهم أن يكون نهاية الآخر.
يعرف الاختلاف على أنه التباين، وهي فطرة بشرية وقاعدة كونية من مشيئة الله تعالى، فكل ما حولنا من كائنات حية أو جامدة هي مختلفة في التكوين والمظهر والدور، وفي الوقت ذاته متكاملة ضمن نسيج خلقي رائع، فالبشر خلقوا مختلفين في الطباع والأهواء، فالاختلاف ناتج عن تفاوت في فهم الناس وتباين مداركهم، وهو شعور تحدٍ للإنسان منذ ولادته يدفعه ليكون متميزاً ومتفرداً في عالم متنوع، عالم لا يشار إلا لمن يحقق وينجز عملاً مبدعاً، وينجح فيما عجز عنه الآخرون. لذا لم يخلق الإنسان ليكون صورةً مطابقة لمن سبقه، وبحكم التجربة لن يكرّّر ما فعله الآخرون. الاختلاف هو نتيجة لقناعات شخصية للفرد المكوّن للجماعات التي ترى بأنها مختلفة عن الآخرين بحكم عقائدها وتأثرها بمحيطها وتراثها الإنساني.
الاختلاف في حقيقته تنوع وليس تضاداً، يراد به للمجتمعات أن تصل إلى حالة من الارتقاء بقبول التنوع بالتراضي، التراضي النابع من النفس وليس القبول بالأمر الواقع كرهاً، إنما يكون بالفهم والإنصاف بحفظ دور وحق المختلف معنا حتى ولو جاء بما لا نهواه. فالتعصب مدعاة للشقاق المفضي للتنافس بين الأطراف؛ التنافس الذي يستشري ليتحوّل إلى انتقام وغضب، لينهي المطاف إلى حرب، والتي لا تصل إلا من ينتصر ومن يكتوي بنار الألم في وطن واحد.
في مجتمعنا الصغير جداً، نجد الاختلاف تحوّل إلى تضاد، بل انطلاقاً نحو النيل من الآخر وإلغائه، فهل الاختلاف يسلبنا فضيلة الإنصاف والأخلاق النبيلة؟ وهل أصبح تدافع المصالح هو العنوان السائد والعملة الرائجة؟ ومن قال إن تباين الآراء والاتجاهات يعطينا الحق في إخراج الغير من الوطنية والملة والدين؟ ومتى كانت المواطنة مواقف مفصّلة؟
وهل لأحدٍ الحقّ بأن يقرّر أو يكتب نهاية الآخر؟ فكلنا أهل هذه الأرض، البحرين، وطن الآباء والأجداد، الذي يعني وجودنا وحريتنا وكرامتنا ومحور انطلاقنا في الحياة. نختلف نعم، ونعيش كطوائف متعايشة متسامحة كاسمها بحرين المثنى التي احتضنتنا وستبقى بالجميع.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 4730 - الأربعاء 19 أغسطس 2015م الموافق 05 ذي القعدة 1436هـ
شكرا اختي
نعم نحتاج للعودة للعقل و الحوار من اجل مسستقبل ابنائنا
لا
لا يريدون حوار لا يريدون حكومة منتخبه لايريدون الامان لايريدون ايراحة المواطن عندهم شعب جديد وينفد الاوامر واى واحد من الشعب العتيق يتكلم بالحق مصيره السجن والي ما يعجبه يهاجر ويترك البلد المشتكى لله هو الذي راح ياخد الحق
السلم الاجتماعي والأمان والثقة بين المواطنين أهم من أي شئ
الديمقراطية الطائفية دمرت العراق ولبنان نريد ديمقراطية الاكفئ على أساس المواطنة التي تجمع الشعب ولا تفرقه
اتمنى ان يستوعب الجميع
اتمنى ان يستوعب الحميع ان البحرين هي لكل ابنائها و يتخلى المتطرفون عن خرافاتهم و خصوصاً خرافة السكان الأصليين من جهة و من جهة اخرى خرافة اختزال الشرف و الولاء في طائفة واحدة
لقد اسمعت
لقد اسمعت لو ناديت حياً و لكن لا حياة لمن تنادي
مقال رزين
أستاذة رملة أحييك على هذا المقال الرائع الذي ينم ثقافة واعية وفكر نير ،لقد أبرزت مفهوم الحوار بمعانيه الراقية ،التي لو تقيد بها الجميع لكان الحال أفضل بكثير من هذا ،ولما وصلت الأمور من التعقيد إلى هذا الحد المخيف ،بارك الله فيك وفي قلمك الواعي الرزين
الاختلاف المزعج بل الاختلاف المدمر اذا احضرناه في السياسة
الاختلاف في السياسة شئ طبيعي في الدول الديمقراطيه بس الاختلاف في المعتقد والمذهب اذا احضرناه وأقحمناه في السياسة هذا ما مرت به شعوب غيرنا من سفك دماء بينهم بسببه
المحترمة رملة ماحاجتنا لإحضار مانختلف فيه ونترك ما يجمعنا وهي المواطنة
ولماذا لانشترك جميعاً في جمعيات مدنية وطنية كباقي دول العالم ونتعض مما يحدث في لبنان والعراق اختاروا طوائفهم لتكوين الأحزاب والنتيجة التفرقة وعدم الثقة ببعضهم وحلة الكراهية والتحارب بينهم
شكرا لكم.
ارجوا من من تهمه هذه البلد ان يقرأ هذا الموضوع الهام فعلا . انه موضوع العقل السليم فعلا فشكرا لكاتبتنا وشكرا لمن يتمعنى بقرائته.