تقوم القوات الاميركية بتدريب عناصر من الجيش الافغاني في قاعدة كونيلي شرق البلاد في حربه ضد متمردي طالبان في اجواء من الشك تدفعها للبقاء في الظل، بعد سلسلة من الهجمات التي استهدفتها من جانب عسكريين افغان.
وفي قاعدة كونيلي تقدم القوات الاميركية الاستشارات والتدريب للواء 201 في الجيش الافغاني في حربه ضد حركة طالبان بعد سبعة اشهر على انتهاء المهمة القتالية لقوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان.
ويدرب الاميركيون القوات الافغانية في اجواء من المفاخرة والحيرة والشك في آن.
ويبدو شعور الشك واضحا من مجرد النظر الى هذه القاعدة المؤقتة في ولاية ننغراهار حيث يفصل سياج شائك بين الجيشين.
وفي عملية "مثلث الحديد" التي انتهت يوم السبت، نأت القوات الاميركية بنفسها حيث نشرت الكلاب المدربة والسلاح الرشاش عند مدخل الجزء الاميركي من القاعدة لتوجه رسالة بسيطة الى القوات الافغانية وهي: لا تدخلوا.
ويقول الجندي الاميركي جون ويتن من على برج المراقبة في القاعدة "احيانا يطلقون النار في الهواء، ولا نعلم السبب"، في اشارة واضحة لغياب الثقة تجاههم بعد سنوات من الهجمات "من الداخل" التي استهدفت القوات الاميركية.
وكانت مجموعة من المستشارين العسكريين ترافقها حماية مشددة تذهب مرتين يوميا الى الجزء الافغاني من القاعدة لتقديم استشارتها حول الطريقة الافضل لطرد حركة طالبان بالكامل من ثلاث مناطق بالقرب من الحدود الباكستانية.
وتقتصر مهمة الفي جندي افغاني، من الشرطة والاجهزة الاستخبارية، في عملية "مثلث الحديد" على مواجهة طالبان في ولاية هيسارك الواقعة غرب القاعدة العسكرية.
وصعدت طالبان من حملتها في العاصمة كابول اثر تعيين الملا اختر منصور على رأسها بعد تأكيد وفاة الملا عمر ما ادخل الحركة في ازمة داخلية لوجود معترضين على زعامة منصور.
وفي غرب افغانستان، لا يبدو ان حركة طالبان مستعدة للتراجع بل ان عناصرها يلجأون اليوم الى عبور الحدود الباكستانية، وفق ما يقول الجنرال محمد زمان وزيري، قائد القوات الافغانية المحلية.
ويؤكد ان "العدو يأتي من باكستان"، ليكرر بذلك ما قاله الرئيس الافغاني اشرف غني الذي اتهم الاسبوع الماضي اسلام آباد ببعث "رسائل حرب" الى افغانستان.
ولطالما اتهمت باكستان، واحدة من ثلاث دول اعترفت بحكومة طالبان بين 1996 و2001، بدعم تمرد الحركة لمصالح خاصة بها، وهو امر دائما ما تنفيه اسلام آباد.
ومنذ نهاية كانون الاول/ديسمبر، اختصرت مهام 13 الف جندي اجنبي على تدريب القوات المحلية.
ويشرح ادوارد بانسكتون، رئيس المستشارين الاميركيين في قاعدة كونيلي، معظم العمل يختصر "بالمشاركة، نقول لهم: هذا ما كنا سنفعله نحن. لا يعنيني اذا اتبعوا طريقتنا، نحن فقط نقدم لهم توصيات".
اما اللفتانت ايلين غروسز، التي تساعد الرائد رسول قائد الدعم الجوي الافغاني في العملية، فتبدو اكثر تفاؤلا، مشيرة الى ان التدريبات اسهمت في حصول تحول في التعاون بين القوات البرية والجوية.
وتقول "انه نجاح كبير، قبل ذلك كانوا يقومون بقصف جوي وبري، ثم يسألون عن النتيجة".
اما رسول، الذي تقدم في رتبته بعد مشاركته في الحرب ضد القوات السوفياتية في الثمانينات، فيقول "وقتها كان لدينا معدات جديدة، اما اليوم فليس لدينا معدات جديدة كافية لمواجهة طالبان".
ومنذ سقوط نظام طالبان في العام 2001 شكلت مسألة غياب المعدات قضية اساسية للجيش الافغاني.
وفي هذا الصدد، يعتبر ضابط افغاني، طلب عدم الكشف عن اسمه، ان المسألة تتعلق باهتمام القوات الافغانية بالسلاح.
ويضيف "على سبيل المثال، انظف سلاحي كل صباح، لكن هنا لا يقوم احد بذلك، والصيانة سيئة جدا هنا".
وميدانيا، تسجل القوات الافغانية خسائر ضخمة، وبين بداية كانون الثاني/يناير واواخر تموز/يوليو، فقدت 4302 جندي مقابل 3337 في الفترة ذاتها من العام الماضي، وفق حلف الاطلسي.
وبحسب الضابط الافغاني، نجحت عملية "مثلث الحديد" بمهمتها "تطهير" المناطق الثلاث قرب الحدود الباكستانية من طالبان كما تم اكتشاف 150 عبوة يدوية الصنع.
وبالنسبة للكولونيل جي بي فاول، رئيس المستشارين الاميركيين، فان القوات الافغانية استجابت لكافة تدريباتها في سلاح المدفعية والجو والاستخبارات، ولكنه حذر من ان اي انتصار لا يمكن الحفاظ عليه من دون عملية سياسية طويلة المدى تلبي مطالب المواطنين.