حدثتني سيدة في منتصف العقد الخامس بأسى عن معاناتها الزوجية، ومما أفاضت به عرفت أن مأساتها الأولى تتمثل في خطأ الاختيار وسوء في التوقيت؛ فيوم اقترنت بزوج قبل نحو 22 عاماً تربطها به صلة نسب لم تكن على قناعة تامة به، فقد كانت صغيرة في السن، لكن دخول القفص الذهبي بالنسبة لفتاة في بداية ربيعها السابع عشر له إغراء وسحر لا يقاوم. فهو منتهى أمل المراهِقَة، وبداية التحرر والانعتاق من وصاية الأسرة والتحقق المنتظر لأحلام الحياة السعيدة مع شريك العمر حيث الاستقلالية واكتمال الأنوثة وإغراء الأمومة أقصى أماني المرأة في الحياة.
تفاقمت المشكلات سريعاً بعد الزواج، شخصية الزوج كانت تتسم بخشونة الطباع، كان عبوس المزاج، ناشفاً في تعامله، انطوائياً بشكل مزعج، يقتله الشك وتذبحه الغيرة من أدنى تصرف تبديه الزوجة المسكينة. تمضي السنوات رتيبة وموحشة، الأيام تتشابه والمشاكل تتفاقم دون أن يُبدي كلا الزوجين أو أحدهما حرصاً على إصلاح الأخطاء ومداواة الجروح. مع الوقت - والوقت هنا سنوات طويلة - نشأ بينهم تفاهم غير معلن أكده الصمت وباركته البَلادة والتغافل والنفور النفسي، عقد ينص على أن المآسي والخسارات كلما كبرت كلما قلّت القدرة على مواجهتها، وأن التعامل مع كل هذا «الدمار الشامل» عبث لا طائل منه ولن ينقذ علاقة ولدت ميتةً. مضت سنوات العمر والهوة بينهما تزداد اتساعاً.
وفي الوقت الذي كانت فيه الزوجة شديدة الجوع والعطش لمشاعر وعواطف طالما اعتقدت أن كل زوجين في الدنيا لاشك ينعمان بها حدّ الاكتفاء؛ كانت هذه الزوجة عرضة لسخرية يومية من شريك حياتها، عنف رمزي كثيراً ما يتحوّل إلى تطاول باليد يُفضي في الغالب إلى رضوض وكسور في مناطق مختلفة من جسدها الضعيف.
تقول: «تصور! لم يكن يقبل أن أدلل أولادي بكلام عاطفي، لم أكن أجرؤ على التلفظ بكلمات تفيض بالحب مثل (يا حبيبي) أو (يا حياتي)، وإذا حدث مرة وخانتني قدرتي على كبح عواطفي وغلبني شعور الأمومة، كانت الشتائم والكلمات البذيئة تنهمر على سمعي أمام الأولاد، وفي غالب الأحيان تتواصل العقوبة بالضرب المبرح بعد أن ينفرد بي»!
وتضيف: «كان يردد أمامي: إذا اعتاد لسانك على إطلاق هذه الكلمات المتغنجة فسيلازمك هذا الطبع وتعتادين إطلاقها على كل من هم حولك، وهذا تصرف لا يليق بامرأة محترمة»!
تصل تبعات قمع النساء إلى أكثر من الدمار النفسي البالغ الذي يشعرن به جراء ما يتعرضن له، بل يتعداه إلى الأبناء الذين ينشأون في بيئة تفتقر إلى الأمان العاطفي ويعوزها الاحترام، تاركاً ندوباً عميقة في نفسية الطفل لا تمحى بيسر.
تشرح السيدة هذا الجانب من قصتها فتقول: «كبر أولادي بعيداً عني، وعلى رغم أننا نعيش معاً في منزل واحد لكن مسافات شاسعة تُبعدني عنهم وتُبعدهم عني. صلتي بهم لا تتجاوز توفير المستلزمات المادية وإجابة طلباتهم.
الكلام بيننا بحدود والابتسامات بحساب، أما الضحك فنادرٌ جداً. نشأوا انطوائيين بشخصيات ضعيفة، يفتقدون مرح الأطفال وحيوية الشباب، كبروا وهم حانقون على محيطهم الأسري، تنقصهم الثقة بالنفس وحس المبادرة ويفتقدون لعلاقات الصداقة علىى رغم تفوقهم الدراسي».
قصة هذه السيدة واحدة من القصص المرعبة التي يحفل بها مجتمعنا الذي تُكبح فيه النساء ويتعرضن لإساءة معاملة منظمة، وكم في مجتمعنا من قصص تجسّد محناً وويلات تنسج فصولها المأسوية داخل أسوار البيوت على يدّ «جانٍ» قد يكون زوجاً مستهتراً، أو زوجة لامبالية، لكن المجني عليه في غالب الأحيان «أسرة بأكملها».
وفق أحدث إحصاءات وزارة العدل والشئون الإسلامية، فإن عدد حالات الطلاق خلال العام الماضي (2014) بلغ نحو 1795 حالة مقابل 7673 حالة زواج، ما يعني أن نسبة الطلاق خلال العام الماضي تصل إلى 23 في المئة مقارنة بعدد الزيجات.
وبالطبع فإن هذه الأرقام تتحدث عن حالات الطلاق الرسمية، أما حالات الطلاق «المقنعة» فحدّث ولا حرج؛ فالأرقام بشأنها - لو وُجدت - لأذهلتنا، وحسبنا ما يتسرب همساً - وأحياناً صراخاً - من قصص مروعة لتلك الأسر المصدّعة.
نحتاج الكثير من التدريب والتهيئة من أجل الوصول إلى مصاف الشعوب التي عثرت على إنسانيتها وأجادت إتقان أدوار حسن التعامل والتصرف في الحياة الزوجية. نحن شعوب تربت على القمع ونشأت على الأنانية والتقتير العاطفي وحب السيطرة والاستبداد، لا مكان للعواطف والكلمات الرقيقة والتصرفات التي تثري شعورنا الإنساني بالانتماء والحب والسلام النفسي.
وأعتقد أن جزءاً من هذا التردّي الخطير يرجع إلى استغراقنا البشع في نفاق اجتماعي بائس، وشكليات ومظاهر جوفاء نحسب أنها ترفعنا عند الناس وتعزز مكانتنا أمام المجتمع؛ لكنها في واقع الأمر لا تزيدنا عن السعادة والرضا الذاتي والتوافق الأسري إلا بُعداً. سفرات صيفية في كل عام فيما ترزح الأسرة تحت وطأة الديون وتضطر للعيش بقية أشهر العام في إفلاس دائم وتقشف اقتصادي مؤلم، ينعكس على الزوج في صورة سلوك عدواني مستمر وعنف مُدمّر.
مدارس خاصة للأولاد تكبد أموالاً طائلة فيما الجيب يئن من وطأة الإفلاس والفاقة. سيارات فارهة نصرف عليها ببذخ لا يتناسب مع العائد المادي الزهيد الذي نتقاضاه.
ضغوطات وأعباء مالية نراكمها دون تبصر وبلا وعي، والنتيجة كارثة في حياتنا الخاصة، وحياة زوجية منكوبة عاطفياً، ووضع أسري مضطرب تعبث فيه العصبية وتسيطر عليه الانفعالات المريضة.
فمتى نستيقظ؟ ومتى نعيش حياتنا بشكل صحيح ومتوازن؟
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 4728 - الإثنين 17 أغسطس 2015م الموافق 03 ذي القعدة 1436هـ
حور العين
الاغلب من الرجال هذا الزمن والخصوص حديثي الزواج ما عنده حس المسؤولية للاسف فهو همه لذهاب للبسطات والمقاهي واهوائه مثل السفر والعناية بالسيارات وو وتارك كل شي على الزوجه هي تعمل وهي تربي الاولاد وهي تتكفل بالامور للمنزلية والعائلية وهو اسم زوج واب وفوق كل هذا جفاف عاطفي قاتل
هل من مفر
حسبي الله هو نعم الوكيل شقول شخلي عاييشين في مجتمع يجبرني على الموت بصمت.حسرة والم تفتت قلبي.
ترى اصير بالعكس
انه وياك انه فى نساء مظلومات فى الدنيا من رجالهم ولاكن ايضا فى رجال مظلومين من نسائهم الله يصلح الجميع وانه اقول للرجال رفقا بالقوارير واقول للنساء اذا كان زوجك فقير لاتطغطين عليه وعيشى معاه على قد حاله والله يغنى الجميع ويصلح البشر ويهديهم والله كريم
يا استاذ
وفي ناس تبغي الزوجة تقول له حبيبي وتتغنج وبيعطها هدية بعد ما تشوف ، هههه واللي عنده الدلع يتفلسف ، دنيا مقلوبه .
الطلاق في صالح الزوجه والاطفال
في حالة عدم بذل الجهد من قبل الزوج هناك ازواج تاركين الخيط والمخيط،للزوجه الصرف من راتبها على الاولاد والبيت وتربية الاولاد وهو وجوده صوري فقط ، في حاله الطلاق سيوفر على الزوجة كل هذه الضغوط،الاولاد تصبح مسئوليته وحتى توفير السكن والمصروف
اتفق معك
في حالات كهذه.. أتفق معك ان الانفصال - وهو خيار قاسي - أسلم وافضل للاولاد وللمرأة
التفاوت بين الزوجين هو السبب
ربما يكون التفاوت هو احد اكبر الاسباب فغالبا الزوج يكون ذو حالة مادية بسيطة بعكس الزوجة التي ستتدرج المشاكل تباعا من المادية الى العاطفية ووو . معظم حالات الطلاق ناتجة عن الضغوط المادية وعدم استطاعه الزوج توفير الازم
التغيير مهم
لا يجب علينا اتباع اساليب اباءانا والحكم بإنها الصحيحه يجب علينا اخد الصح منهم فقط ، ولا نتخد كل ما هو غير صحيح منهم
المرأة
وماذا عن عنف الاسري الذي تقوم به الزوجة تجاه زوجها خصوصا أن كانت تتمتع بشخصية قوية أمام زوج لا يمتلك تلك الشخصية وقد تصل تعديات تلك الزوجة الى مرحلة الضرب والشتم والاهانة المستمرة وهو لا يقدر ع رد تلك الاساءات ويخاف من شبح الطلاق خصوصا عندما يكون لديهم أبناء.
ازمة حقيقية
العنف الاسري مشكلة سواء كان عنف مصدره الزوج المتسلط.. أو الزوجة المستبدة.. ونتائجه كارثية في كلا الحالين
ويح قلبي
هذي،هي الرجال وهو المره
المجتمع الذكوري
ينشا الولد طبعا بعض الاولاد على اخواته البنات كبدايه بالسيطره عليهم والتدخل في كل صغيره وكبيره في شئنهم ومعاملتهم بخشونه وكل ذلك تحت مرئى ومسمع الابوين وحتى سيطرته على الابوين والتمرد عليهم احذروا يابنات من هالنوع من الازواج
المجتمع والخيارات المحدوده للمراءهوالطفل
لماذا المجتمع لا يكون فيها عدة طرق لفك مشاكل الاسره سواء خيارات قليله اما ابيض اواسود لمذا لا نحذوا حذو الدول المتطوره في حل مشاكل المراءه والطفل كونهم الحلقه الاضعف حتى لا تهدر المرءه كرامتها والطفل يكون مشوش لان لو وضع عدة طرق وعدة لون ومسلك واختيار افضل للطرفين
اين الحلول؟
مقال رائع و يحاكي واقع كثير من الاسر، لكن يبقى السؤال الاهم، ما هي الحلول لكل زوجة وأم ابتليت بهكذا رجل مريض نفسياً ومعقد ولا يؤمن بالحوار و عصبي وعنيف، خصوصاً مع وجود الابناء الابرياء الذين سيتأثرون سلباً سواء بخيار الانفصال او بخيار البقاء مع اب بهذة الصورة؟؟؟؟؟
لا يوجد حل
هناك رجال يجهلون الجانب العاطفي تماما ، فتتجه الزوجة الى كبح مشاعرها وشيئا فشيئا تموت الموده بينهما
اساس التربيه
اذا اساس التربيه قائم منذ نعومة اظافر الانسان على المبادئ والقيم والعتدال والوسطيه وبان الدنيا اخذ وعطاء وليس اخذ فقط ولا انانيه فان الفرد ينشا متوازن اخلاقيا ويقولون له رحم الله والدين هذا الشخص لان عرفوا يقومونه ويحسنونه باخلاق الاسلام والانسانيه واما التجاهل اخلاق الطفل والتعامل معه باللا مبالات والخشونه يجعله وحش ومسخ في المجتمع
سيرة النبي في اصحابه
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس رضي الله عنه أبصر النبى -صلى الله عليه ووآله- يقبّل الحسن ، فقال: "إن لي عشرةٌ من الولد ما قبّلت واحداً منهم"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله- : ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) متفق عليه.
واقع مر نعيشه
نعم كل ما تم ذكره للأسف صحيح، غابت الثقافة وغاب الوعي ، أعتقد أن حتى الثقافات والعادات تغيرت وهذا سبب أيضاً ، هناك قرى عاداتها وتقاليدها ما زالت راسخة وهناك قرى أصبحت بلا عادات ولا تقاليد ،اللباس والمكياج والعبائة والأنفتاح المبالغ فيه،قد تتزوج فتاة متدينة من شاب يجبرها علئ التبرج ، وقد يتزوج شاب متدين فتاة متبرجة، أعتقد سبب حالات الطلاق هو أختلاف الناس في الأنفتاح ! فهناك من منفتح(كل شي فري)! وهناك منغلق(مال أول)! والصراع لن ينتهي إلا بالرجوع الى الأسلام المحمدي الأصيل والى تعاليم أهل البيت ع
حاولت الخروج
من عباءة اسرتي فتعلقت صغيراتي بان الطلاق شي مرعب وقررن البقاء مع أب سيجلب الشقاء والانكسار لهن رجل لا يحترم النساء وقلن بأني سأمدهن بالقوة كما فعلت دائما فبات لابد من ان استسلم لرغبتهن واقبل البقاء سنوات اخرى مع والدهن ليكبرن وهن معرضات عنه ببصرهن منحنيات امام جبروته
حرام والله
الاسلام ما جبر الزوجة على هذه الحياه ، واخطاء المجتمع،لابد ان تتغير هذه الحياه مرض،عضال ولابد من علاجه
أنا مطلقة بصمت
نعم انتمي لعائلة من العار لديها أن تطلق بناتها فتذرعت بمصلحة الأبناء لا تدري بأن الأجواء غير الصحية تمثل الخلل الأكبر في تنشأة الأبناء فأصبح لابد من مخرج من هذا المأزق زواج غير متوافق واختيار الأهل وعشرون عام مضت لم يكبر الصغار وتهالك الصحة من جراء العنف والفتور والصراخ
الله يعينج
الطلاق،هو الحل شنو اللي مصبرك على هالعيشه في اي لحظة بيتزوج عليك وينساكم انت والعيال
الآهات
لعلها مئات الأسر المسحوقة والتى لها أطفال أخرس الشقاء طفولتهم لا يكاد الواحد منهم يرفع عينيه حتى لا يتكشف للمجتمع حجم الالم والمعاناة التى يذوقها انه عدم الأمان والرعب من صرخات تصم الاذان
حقيقة
توجهت بعض الدول الخليجية الحد من الطلاق وتوفير مخرجات مجتمعية متزنة من فرض ورش تدريبية للأفراد المقبلين ع الزواج وتوافرت بعضها ايضا في البلاد لدعم الحقوق والواجبات ونشر الوعي بين الطرفين وتهيئة الأفراد لحياة اسرية متزنة
العنف الاسري
مقال اكثر من رائع شكرًا للاستاذ الموقر على الموضوع