كشفت مرشحات للمجالس البلدية السعودية عما اعتبرنه عوائق للتجربة النسائية الأولى في المجالس البلدية، ناخبة ومرشحة، مثل «الأنظمة وآليتها، ونظرة المجتمع بعاداته وتقاليده»، مطالبات بالتركيز على المرأة لتقليص فارق التجربة بينهن وبين الرجال، الذين خاضوا تجربتين انتخابيتين سابقتين، حسبما أفادت صحيفة "الحياة" في عددها الصادر اليوم الإثنين (17 أغسطس/ آب 2015).
وأكدت المرشحة لبلدي محافظة القطيف نسبة السادة أن «أساليب التوعية المستخدمة في الانتخابات افتقرت إلى التدريب التخصصي الذي يقدم بشكل موجه إلى فئات محددة لتطويرها وإشراكها في العملية الانتخابية، مثل مراقبة الانتخابات وإدارة الحملات والأنظمة القانونية، والتوعية الجماهيرية الشعبية عبر الجامعات والمدارس، وهي أعمق أثراً من إعلان يُعلق في الشارع».
ورأت حاجة ملحة إلى «تحشيد جماعي مُركَّز للسيدات برفع وعيهن ودفعهن إلى المشاركة بفعالية في الانتخابات». وأعادت ذلك إلى أنه «لا فرق في الأنظمة بين الرجل والمرأة، غير أن تهيئة السيدات لمواكبة خبرة الرجال في دورتين سابقتين ضرورة، وهو ما لم يتم».
وعن عدد المراكز الانتخابية للنساء مقارنة بالرجال، قالت: «مراكز الانتخاب للسيدات أقل بنحو 15 في المئة من نظيرتها الرجاليــة، ففـــي محافظــــة القطيف هناك أربعة مراكز للسيدات، في مقابل ٢٦ للرجال».
وتشير السادة إلى أن ذلك يجعل التوعية النسائية في حاجة إلى «جهد إضافي، لإقناع السيدات بالمشاركة، وتمكينهن من الذهاب إلى مراكز الاقتراع، وتبعاً لذلك فنحن نطالب بزيادة عدد المراكز، لتغطية أشمل للمنطقة، وخصوصاً أننا في التجربة الأولى للانتخابات، وتواجهنا تحديات كثيرة وأسئلة، فمن الضروري وجود جهة استشارية في اللجنة المحلية للتوجيه».
وترى أن «عدم توفير بيانات ديموغرافية وإحصائية للمنطقة من واقع الانتخابات السابقة، يجعل من الصعب استهداف الناخبين ومن ثم حفزهم».
وأما آلية التواصل مع اللجنة المحلية، فقالت إنها حاولت التواصل عبر الرقم الانتخابي، وعبر أمانة المنطقة الشرقية، إلا أن الأخيرة «أحالتني إلى اللجنة المحلية، ولم أحصل على أي رد، فبات من الواضح عدم وجود آلية مباشره للتواصل مع اللجنة المحلية عند الحاجة، لاستشارتها في بعض المعلومات، وهنا خلل واضح». ووصفت السادة الموقع الانتخابي بأنه «غير واف، فمراكز الانتخاب غير محددة بدقة».
الفتاوى والعيب الاجتماعي
من جانبها، ترى المرشحة إنعام العصفور «ترشح المرأة السعودية حقاً من حقوقها الأساسية بوصفها إنسانة ومواطنة، ولا يمكن مناقشة مشاركة المرأة في المجلس البلدي ناخبةً ومرشحةً بمعزل عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والشرعية التي تواجه المرأة».
واعتبرت «الثقافة السائدة ثقافة تقليدية محافظة، تعتمد على منظومة قيم وعادات وتقاليد ترسم صورة نمطية للمرأة، من طريق التنشئة الاجتماعية، وتحدد المعتقدات الثقافية، وما هو مناسب وغير مناسب لأدوار الرجال والنساء. وهي ثقافة ترسّخ في الأذهان أن ما يناسب المرأة اهتمامها ورعايتها لأطفالها وزوجها وأسرتها، والمناسب للرجال تولي المناصب والمراكز التشريعية».
ورجحت العصفور أن «البناء الاجتماعي السعودي بناء تقليدي يمتاز بهيمنة السلطة الأبوية بمساندة من المؤسسات الاجتماعية الأسرية والدينية والاقتصادية والتعليمية التي تعزز الأدوار التقليدية للنوع الاجتماعي»، في إشارة إلى ما يتركه ذلك من أثر سلبي في المشاركة النسائية.
وبين العوائق التي تؤمن المرشحة الانتخابية بتأثيرها، ما تسميه العصفور بـ«العوائق الشرعية، التي تمثل بالتأصيل الشرعي للمشاركة، وخصوصاً في ظل وجود فتاوى شرعية تحظر الاختلاط بين الرجال والنساء، تساعد في امتناع الناخبين من الإقبال على انتخاب النساء، نظراً إلى اهتمام المجتمع السعودي بالفتاوى الدينية المتعلقة بمثل هذه القضايا، وافتقار المرأة إلى الخبرة في العمل العام خصوصاً، إضافة إلى غياب الوعي لدى المرأة نفسها، إذ لا يتوقع أن تعطي بعض النساء أصواتهن للمرشحات من بنات جنسهن، وذلك لعدم وعي النساء بأهمية أن تمثلهن من تنوب عنهن».
وزادت بين العوائق «عدم وجود حركة نسائية نشطة أو مؤسسات فاعلة، تُمكّن المرأة من تصدر المجتمع والدفاع عن حقها في المشاركة، كما أن تبعية المرأة الاقتصادية للرجل، بسبب تدني مشاركتها في النشاط الاقتصادي وملكية الرجل للموارد والمصادر النادرة في المجتمع عائق آخر، وعدم توافر المواصلات للنساء وقلة المراكز الانتخابية النسوية، معوقات عن الذهاب إلى المراكز الانتخابية، مرة لاستخراج بطاقة ناخب ومرة أخرى للاقتراع، الشروط الواجب توافرها عند استخرج بطاقة ناخب معوق آخر يجب العمل على تجاوزه، في ظل وجود حكومة إلكترونية، وضعف الدور التوعوي الذي ينتظر أن يقدم من الدولة، ناهيك عن البيروقراطية في استخراج التراخيص الخاصة بالفعاليات التوعوية في شأن العملية الانتخابية».
واعتبرت العصفور كذلك «عدم إيمان بعض النساء بذواتهن وقدراتهن على خوض هذه التجربة الديموقراطية معوق آخر، يضاف إليه الخوف على سمعتها أثناء المنافسة التي لا تعتبر شريفة لدى البعض». يذكر أن عدد المرشحات في محافظة القطيف ارتفع إلى خمس مرشحات، والعدد قابل للزيادة، فيما لم تكشف بعض الأسماء النسائية عن نيتها خوض التجربة الجديدة، على رغم قرب موعد الترشح للانتخابات، في الـ15 من ذي القعدة، الموافق 29 آب (أغسطس) الجاري.