الموقف واضح ومتكرر في كل توقيت يفرض نفسه في استنكار ورفض وشجب سفك دماء أي إنسان على هذه الأرض، سواءً كان من أفراد رجال الأمن أو المواطنين، وسواء كان ذلك بفعل جماعات شعبية أو قوات أمنية، فالموقف البيّن في ذلك رفض سفك الدماء وحرمة النفس البشرية، مهما كانت المبررات والأسباب أو الاختلافات.
هذا الموقف لا يحتاج منا إلى إعادة وتكرار، في كل مناسبة ولإرضاء غرور جماعات تأزيمية تعيش على الفتات، وتُقاد في اتخاذ المواقف واستنكارها.
طالما كان الموقف لدينا واضحاً، في رفض سفك الدماء وتحويل البلاد إلى ساحة حرب وقتل، وجر الشعب إلى هاوية الدمار. تحدثنا من قبل عن «سرايا الأشتر» وكذلك عن «داعش» وأكّدنا الموقف الواضح على أن التطرف مرفوض من أي طرف مهما كانت مطالبه أو توجهاته، وكذلك رفضنا العنف بكل أشكاله من قبل السلطة الموثقة في تقارير محلية ودولية أو من قبل جماعات شعبية، فالعنف مرفوض من أي طرف وضد أي طرف.
استنكرنا التدخلات الإيرانية من قبل عضو شورى إيراني، ورفضنا بشدة دعوته إلى «الكفاح المسلح» في البحرين، كما استنكرنا دعم مجلس النواب البحريني لمنظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية التي تنتهج الحراك المسلح في إيران. رفضنا التدخل العراقي الداعي للتسلح في البحرين، ورفضنا أيضاً التدخل البحريني في الشأن العراقي عبر جماعات «داعش» والمقاتلين والانتحاريين البحرينيين الذين يُرسَلون إلى هناك لسفك دم العراقيين، دون الحاجة لأحد أن يطلب منا ذلك، وهنا نحن نستنكر أيضاً ونشجب أي عمل يستهدف رجال الأمن لقتلهم، أو يستهدف مواطنين لتصفيتهم.
مواقفنا واضحة وضوح الشمس، في رفض العنف والقتل والخروج عن خانة الحراك السلمي لتحقيق المطالب الشعبية العادلة، إذ لا نحتاج لوصية أحد بقوله: استنكر واشجب، أو اسكت واصمت في أي موقف.
جماعات تتخذ من مواقع التواصل الاجتماعي، وتمارس هواياتها عبر كتاباتها البائسة في التشكيك والتخوين الدائم الذي اعتادت عليه منذ سنوات لتحقيق أجندات آخرين يقتدون أو ينقادون وراءهم، فقط لمن لا يسير في فلكهم وهواهم.
بعضهم يعيش بطالة مقنعة في وظيفته الرسمية، إذا يمارس هوايته السابقة في 2011 بوضع الدوائر على الصور والكلمات وممارسة إسقاطاته «الغبية» على المواقف والحقائق، والبعض الآخر يمارس عبر كتاباته محاولاته الفارغة في إسكات الآخرين والضغط على الجهات الرسمية من أجل قمع من يخالفها الرأي والتوجهات، هو أو هي تعلم بأنها لا تمثل ثقلاً ولا وزناً لدى تلك الجهات وما هي/ هو، إلا بوق يستخدم للصراخ فقط والتأجيج الطائفي لزيادة الاحتقان في البلاد، ويتم إخراسه وقت ما يشاءون، وقد شهدنا ذلك عندما أعلن عن حوار ولي العهد في يناير/ كانون الثاني 2014، كيف أخرسوا وتسارعوا للبكاء والنياح.
الحقيقة واضحة، إنه مهما فعلت الأطراف المخالفة للسلطة سواء صمتت أو استنكرت، فإن ذلك لن يرضيهم، وقد سبق قوله تعالى: «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم»، فإن هذه الجماعات المتسلقة و«الساقطة» في مجتمعنا لن ترضى أبداً عن أي موقف يتخذه أي طرف يعارض توجهات السلطة أو ينتقدها، حتى يقبل أن يكون مثلها، يعيش ويقتات على الفتات الذي يرمى له.
إن صمتت جماعةٌ عن الاستنكار والشجب، سيقولون مؤيد، وصمته «خيانة»، وإن استنكرت ورفضت ذلك العمل، سيقولون: انظروا إنها «التقية»! هذه «سلواهم» وطبيعتهم التي لا ترى الصواب إلا في أنفسهم، يمارسون هوايتهم المعتادة في «التخوين» والتسقيط وتمزيق الوطن.
الحل في البحرين يعرفه الجميع، عبر الحوار الحقيقي والجاد بين مختلف الأطراف. الحل في البحرين يكمن في خروج الجميع من ذلك الحوار معتقدين وجازمين بنصرهم وربحهم وعدم خسارتهم، إذ لا مجال للخاسرين فيه. حوار ينقلنا من الظلام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه، إلى أوضاع أكثر أمناً واستقراراً.
نؤكد دائماً على الحراك السلمي، ورفض العنف من أي طرف كان، في أي موقف أو ظرف، ونرفض حالة الاحتقان السياسي والحالة الأمنية المتوترة الحالية، ونرفض توجه أي طرف لسفك دماء الطرف الآخر تحت أي ذريعة أو مبرر، فلا مبرر أبداً لسفك دماء البشر.
البحرين بحاجة لانفراج أمني وسياسي، والعمل على تسوية سياسية لتدشين دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، وتشرّع للحرية والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة ونبذ سياسات التمييز والإقصاء والتهميش بجميع أشكاله، بعيداً عن المتملقين الذين يدعون حالياً لإعادة قانون أمن الدولة.
هذه مواقفنا ومبادئنا الواضحة، التي لا تحتاج لتوضيح كلما جد جديد أو وقعت حادثة أو سفك دم على هذه الأرض، ولسنا بحاجة إلى إقناع الآخرين من المتملقين والمتسلقين، الذين لم يرضوا عنك من قبل لكي يرضوا عنك الآن، ولا تنتظر رضاهم أصلاً، فما هم إلا أصفار على الشمال في معادلة هذا الوطن.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 4711 - الجمعة 31 يوليو 2015م الموافق 15 شوال 1436هـ