العدد 4701 - الثلثاء 21 يوليو 2015م الموافق 05 شوال 1436هـ

«صديقك من صدَقَك»... يا إعلام الخليج

أنس زاهد

كاتب سعودي

‏بعد الاتفاق النووي بين إيران ودول (5+1) يجب علينا إعادة تقييم أدائنا في كافة المجالات، وبالذات في المجال الإعلامي، الذي كان السبب الرئيس في تخديرنا طوال هذا الوقت.

لقد كان التخبط وانسداد آفاق الرؤيا والتناقض المنهجي، هي السمات الرئيسة لأدائنا الإعلامي قبل توقيع الاتفاق وبعد توقيعه. على سبيل المثال فإن معظم كتابنا وإعلاميينا (العباقرة) كتبوا بأن الاتفاق يمثل هزيمةً كبيرةً لإيران. في الوقت نفسه انتقد هؤلاء الكتاب الاتفاق لأنه سيتيح لإيران حسب وجهة نظرهم، توسيع دائرة نفوذها في المنطقة! يعني المطلوب أن نصدّق ودون مناقشة، أن الاتفاق أذلّ إيران، وقام في الوقت نفسه بمنحها القوة اللازمة لتوسيع دوائر وبؤر نفوذها!

هذا المنطق العجيب الذي يروّج لزواج النقائض والمتنافرات، هو ما فتح الله به على إعلاميينا، لمواجهة الواقع الجديد الذي أصبحت إيران بموجبه محل ثقة عدو الأمس. وهي ثقة أولاها الأميركي لإيران من باب الاضطرار، حيث أثبتت إيران قدرتها على لعب دور الشريك الفاعل في مهمة الحفاظ على أمن المنطقة!

لقد هُزِمت الدول الخليجية والعربية في فيينا، وخسرت مواقعها القديمة لدى أميركا والغرب، لصالح شريك جديد، كان حتى الأمس عدواً لدوداً. وإنني لا أشك للحظة، أن هذه الخسارة ستتفاقم فيما لو استمر إعلامنا على مواصلة النهج نفسه.

إن فشل الإعلام الخليجي في التعامل مع قضايا المنطقة، شمل جميع الملفات ولم يقتصر على الملف الإيراني وحده. في الملف السوري مثلاً، أخذ الإعلام الخليجي على عاتقه مهمة التعبئة ضد النظام بكافة الأشكال، بما في ذلك السكوت عن جرائم المنظمات الإرهابية كـ»النصرة» و»داعش»، عملاً بالمبدأ القائل «عدو عدوي صديقي»! والمشكلة أن هذا السكوت أخذ في معظم الأحيان شكل التبرير، لتكريس الطابع الطائفي للأزمة.

هذا الأداء الإعلامي العجائبي، لم يضع في الحسبان أن دولنا جميعاً، تقع ضمن قائمة الأهداف لدى المنظمات الإرهابية. كما أنه لم يضع في حساباته أن ما يقوم به، سيكون كفيلاً بتحويل النسبة الأكبر من المجتمع، إلى كتلة متعاطفة مع «داعش» باعتبارها المدافع الأول عن السنّة، في وجه الاضطهاد الشيعي والعلوي المزعوم.

وحتى بعد أن تم استهداف كل من السعودية والكويت، حيث تم تفجير ثلاثة مساجد خلال أسابيع، بالإضافة إلى اغتيال عدد من رجال الأمن، فإن الخطاب الإعلامي لم يتغيّر بالمرة! على سبيل المثال كتب رئيس تحرير سابق ومدير حالي لإحدى المحطات الفضائية العربية، مقالاً أوصى فيه بأن تتحالف دول الخليج مع أسماه بالجناح «المعتدل» في «جبهة النصرة» لإسقاط النظام السوري! كما أنه كتب بعض التغريدات التي توقع فيها توسيع دائرة عمليات عاصفة الحزم لتشمل سورية! وكأننا قادرون كخليجيين، من الناحيتين العسكرية والسياسية، على إنجاز ما عجز الأميركي نفسه عن إنجازه بسبب المقاومة العنيدة التي أظهرها المحور الدولي والإقليمي المضاد.

رئيس تحرير صحيفة دولية عريقة، كتب مقالاً أعقب توقيع الاتفاق النووي مباشرةً، مستهزئاً بمن أسماهم «الطابور الإيراني الخامس في دول الخليج»!. ولا أدري من يكون الطابور الخامس في نظر هذا الجهبذ الذي لا يدري أن اتهامه هذا يسيء لأجهزتنا الأمنية الخليجية، بنفس القدر الذي يسيء فيه للملايين من المواطنين الشيعة في دول الخليج!

أما «المفكران» الكبيران المعروفان بتوجهاتهما الحداثية والليبرالية، فقد أصرّا على اتهام إيران بعد العمليات الإرهابية التي استهدفت السعودية والكويت، في مباركة ضمنية لجهود التحريض التي يمارسها شيوخ التكفير الطائفيين!

هذه الخيبة التي ليس لها مثيل، كانت إحدى الأسباب الرئيسة في قرار الأميركي، بفتح صفحة جديدة مع إيران على حساب حلفائه الاستراتيجيين التقليديين في المنطقة. ذلك أن صناعة القرار في واشنطن، تعتمد على العديد من القنوات التي توفّر أدق المعلومات والتحليلات والتوصيات. ومن البديهي أن القوة الأعظم في العالم، لا تقيّم سياسات الدول الأخرى من خلال مواقفها الرسمية فقط، بل إنها تقوم على تحليل كل صغيرة وكبيرة تنشر في وسائل إعلامها. فما هو الانطباع المتوقع حدوثه لدى الأميركي، بعد مراقبة هذا الأداء الإعلامي الذي تجاوز مرحلة البدائية وافتقار المعايير المهنية، إلى مرحلة الانتحار المهني والفكري والسياسي؟

لا حل إلا بإقصاء جوقة الفاشلين والفاسدين والانتهازيين. لا حل إلا بإنتاج خطاب إعلامي جديد ينطلق من فلسفة «صديقك من صَدَقَك لا من صَدّقَك».

إقرأ أيضا لـ "أنس زاهد"

العدد 4701 - الثلثاء 21 يوليو 2015م الموافق 05 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 32 | 2:55 ص

      خلونا من ايران

      للأسف بعض الكتاب يصر على ان ايران خسرت وان ايران عدو وان وان ..الكلام الى اصبح سخرية عند الجميع..
      السؤال..نحن اين الان ..البحرين الخليج الدول العربية..فشل تخبط فساد تبعية عميا..قبل النفط وبعد النفط لا يوجود غير ابراج صناعة غربية وجز لسياحة .... ومصانع لألعاب الاطفال و إعلام وثقافة الكراهية..لنصلح عطبنا ونترك ايران

    • زائر 30 | 7:55 ص

      ماللذي يعجبك في إيران؟ لماذا تريدنا أن نقتدي بإيران؟ هل هو الإعجاب بالطالب المشاغب و المشاكس مثلا؟

      هل تعلم أن أغلب أرصدة إيران المجمدة هي في بلدان شريكة تجاريا لإيران كاليابان و الصين و كوريا و الإمارات؟ هل تعلم أن إيران دفعت مقدما لروسيا لشراء صواريخ سام 300 في 2007 و لم تتسلمها حتى الآن؟ هل هناك دولة أكثر عزلة و فشل في العالم؟
      إيران هي المثال السيء لأي دولة في العالم ... دولة بدأت مشوارها بعداء الجميع من جيرانها ... صارت الصين و روسيا يستغلون غباء إيران لبيعها بعض الخردة و استغلال نفطها الذي لا تستطيع بيعه على أحد في العالم ... لأنها ببساطة متخاصمة مع العالم كله!

    • زائر 26 | 6:32 ص

      ..................

      بكل بساطة....
      مع أن إيران فجرت في المعيصم وأرهبت الحجاج وفجرت في الخبر ولها مواقف خبيثة ....، مع هذا كله لم نجد لك موقفًا ضدها إطلاقًا!!!
      ...............
      الناس أصبحت على وعي ومعرفة

    • زائر 21 | 4:07 ص

      عزيزي الكاتب ... ما لي أراك تتكلم عن إيران و كأنك تتكلم عن دولة متقدمة كسويسرا أو النرويج؟

      فيماذا تريدنا أن نقتدي بإيران؟
      1) نعادي العالم كله مثلا؟ نصبح منبوذين من العالم المتحضر؟
      2) يصبح إقتصادنا متخلف مقارنة بدول الجوار على الرغم من مواردنا الهائلة من النفط و الغاز و الزراعة (تركيا 752 مليار دولار و ليس بها قطرة بترول و إيران 339 مليار دولار و هي من أغنى الدول في الموارد!)
      3) نصبح ظاهرة صوتية مزعجة نردد ليل نهار الموت لأمريكا و الموت لإسرائيل من على منابر خطب الجمعة و لا نفعل شيء سوى دعم الميليشيات هنا و هناك؟
      احمد الرب أنك لا تعيش في دولة كإيران.

    • زائر 23 زائر 21 | 4:43 ص

      البعض يتحدث عن هشاشة البنية وبعض دول الخليج زجتي مطر فضحتهم

      سلمنا بضعف ايران وفقرها لتكالب دول الظلم عليها. لكن ماذا عن ..... التي تملك اكبر كم من البترول انتاجا واحتياطا. ماذا حصل لها قبل سنتين او ثلاث بسبب زخات بسيطة من المطر؟ يكابرون وينشرون غسيلوو غيرهم وغسيلهم يتركوه يخيس

    • زائر 24 زائر 21 | 4:43 ص

      ....

      يضرب لك مثل بدول لم تصبها اي انواع الحصار ويقارن بدول منذ نشأتها الجديدة محاصرة ومع ذلك ولت للفضاء واجبرت الغر والشرق التفاوض معها ونجحت ، ...، الناس تضرب الأمثال فيمن يبدأ من لا شيء ويصل بعدها لكل شيء ولا تضرب الأمثال بمن كان في بحبوحة من العيش وكأنه يقول شعر اختي طويل الكاتب يتكلم عن .... ماذا فعلت في قبالة ايران المحاصرة والتي هي اليوم نووية بأعتراف العالم ي...

    • زائر 18 | 2:51 ص

      معلق رقم 1 و 2 مبروك على هذه المعلومات

      الحمد لله على حماقة ..... حين يتحوّلوا وتنقلب احوالهم وتصبح ايران عدوهم الاول بعد ان كانت اسرائيل . وحين يكون بعض من يملك بعض المعلومات عن ايران ويتفشخر بها بعض المثقفين الذين تناسوا عدوّهم الاول والذي وصفه القرآن بأشد الناس عداوة ومن دون النظر لما يقول القرآن والواقع ..
      مبروك عليكم معلوماتكم عن ايران واتخذوها عدوا فلن تهزموها بعد ان عجز العدو الصهيوني عن هزيمة فصيل يمثلها

    • زائر 17 | 2:34 ص

      عزيزي زائر1

      قوة الشعوب ليست في سلاح الجو ولا الصواريخ والاسلحه النوويه فالاتحاد السوفيتي انهار مره واحده مع انه كان يملك اكبر ترسانيه عسكريه في العالم عزيزي قوة الشعوب في ثقافتها وانسجامها وديمقراطيتها قوة الشعوب في العداله ومحاربة الفساد وعدم التمييز قوة الشعوب بصناعاتها وزراعتها وحفاض انظمتها على مالها قوة الشعوب بالمكاشفه والمصارحه واخد القرار واخيرا قوة الشعوب بالتفاهم والتعاون مع دول الجوار لتخفيف التوتر وهذا ماعمله الايرانيين للتفرغ للتنميه ولاعداوات دائمه بل مصالح شعوب

    • زائر 16 | 2:30 ص

      نطق البعض معلقا فانفضح الامر

      تعليق 1 و2 يرينا كم نجح الصهاينة في حرف اتجاه بوصلة العرب وجعل ايران هي العدول الاول بدل من ان تكون اسرائيل وهذا انقلاب لدى الامة العربية والاسلامية موعودون به

    • زائر 15 | 2:27 ص

      تعليق رقم 1 و 2 الجرم جرمكم

      يتحدث الاخ معلقا ان ايران بها بعض التخلّف في بعض المجالات ونسي وتناسى كما مارست دوله بالتعاون مع امريكا من حروب باردة وساخنة على الثورة الايرانية من اجل ضرب الجمهورية الاسلامية الفتية.
      لا تلامون ان تحاربوا كل شيء في ايران فهي تغيظكم وسم ضروسكم

    • زائر 11 | 1:30 ص

      رد لزائر 1 و 2 اثنانكم معا *حلالي*

      زائر 1 أتحدى شخص واحد فهم تريد ما تقوله !!! مجرد مصطلحات لا معنى لها بتاتا و هلوسه !! يوتيوب , اقتلاع منازل , سلاح , شاه , حزب الله , ميليشيات , حوثي , فوضى !! عباس على جباس , الصراحه انت اللي عملت فوضى في التعبير , وعلى فكره على قولتك اقتلاع منازل نسيت تدكر *اعصار كاترينا* ! وزائر 2 ليست المره الاولى تدكر هالخرابيط دكرتها من قبل , أعتقد معلوماتك عن تفاصيل الاتفاق جئت بها من احد المكتبات العامه بموزمبيق أو جزر فيجي!!...........

    • زائر 20 زائر 11 | 3:35 ص

      هناك فرق بين الإعصار و الفيضان

      في إيران فيضانات خفيفة كشفت الفساد المستشري في البنية التحتية ... اطمئن ليس هناك من يكتب عن الفساد المستشري في إيران .... أي صحفي يكتب عن ذلك يلقى مصير مراسل الواشنطن بوسن الذي أتهم بالتجسس لأمريكا و بث دعايات ضد النظام.

    • زائر 9 | 12:43 ص

      وصف دقيق

      لقد اصبت الهدف من خلال وصفك الدقيق لهذا الإعلام المزيف والمضلل ... وللأسف فأن الشعوب العربية وخصوصا عندنا في الخليج العربي تطرب وتصدق هذا الإعلام الكاذب .

    • زائر 3 | 10:49 م

      هستيريا

      هستيريا اصابت دول الخليجواعلامها

    • زائر 2 | 10:44 م

      هناك فرق شاسع بين الحقائق و البروباجندا! مبروك عليك الإنتصار.

      1) خفض عدد أجهزة الطرد من 19 ألف ألى 6000.
      2) عدم قدرة منشأة فوردو على انتاج مواد انشطارية و تحويلها مركز تكنولوجي و فيزيائي.
      3) الإحتفاظ بـ 300 كغ من اليورانيوم المخصب بدلا من 10000 كغ
      4) عدم التخصيب بنسبة تتجاوز 3.76% (المسموح بها لكل دول العالم) لمدة 15 عام.
      5) عدم بناء منشآت جديدة للتخصيب خلال الـ 15 عام مقبلة.
      6) تفكيك مفاعل آراك و إعادة تصميمه.
      منذ عام 2003 و حتى 2015 خسرت ما يقارب 800 مليار دولار بسبب العقوبات ... اليوم هي مضطر للموافقة على شروط أمريكا للحصول على أرصدتها المجمدة!

    • زائر 13 زائر 2 | 1:53 ص

      بسك كت اند بيس

      مساكين بعض الناس لا يقرأون ، بس همهم هو كت اند. بيس

    • زائر 14 زائر 2 | 2:13 ص

      العلاج

      تحتاج الى تحديث بيانات!

    • زائر 19 زائر 2 | 3:18 ص

      اذا هذا خسارة لإيران

      فلازم انت تفرح ليش زعلان ....

    • زائر 1 | 10:40 م

      نرد عليك بالحقائق ترد علينا بالكلام المرسل ... لا العرب انتصروا و لا إيران انتصرت ... الذي انتصر هو أمريكا

      لا أدري إن كنت زرت إيران أم لا ... كيف استقيت معلوماتك عن تطور و انتصارات إيران لا أدري ... إذهب إلى اليوتوب و انظر بعينك ما أحدثته الفياضات في شمال إيران ... إقتلعت المنازل كما لو كانت منازل من ورق.
      إيران فقدت أقوى سلاح لديها .. ليس سلاح الجو لأنه لم يتم تحديثه منذ أيام الشاه ... ولا سلاح البحر لأنه لا وجود له ... إيران فقد أقوى سلاح تمتلكه ... سلاح الفوضى ... سلاح الميليشيات ... حزب الله لن يخرج من سوريا ... حماس انتهت ... الحوثي تبخر ... الفصائل العراقية تفر و تكر.

    • زائر 10 زائر 1 | 1:03 ص

      مقال رائع جدا

      كاتب و محلل ناجح يقرأ الواقع بصورة دقيقة ........

    • زائر 12 زائر 1 | 1:51 ص

      صدقت يا كبير

      وهذا الرد ناتج من الاعلام المزيف،...

اقرأ ايضاً