العدد 4693 - الإثنين 13 يوليو 2015م الموافق 26 رمضان 1436هـ

عمر الشريف في البحرين

عصمت الموسوي

كاتبة بحرينية

في ديسمبر/ كانون الأول 1989، استضافت محلات الحوّاج التجارية الفنان العربي العالمي الراحل عمر الشريف، وذلك للمشاركة في ترويج العطر الجديد الخاص به في ذلك الوقت والذي حمل اسمه.

حينها كانت البحرين تعيش تحت ظلال قانون أمن الدولة، وكانت الصحافة البحرينية هي الأخرى محكومةً بقانون النشر والمطبوعات ذي القيود الكثيرة والشديد الارتباط بقانون أمن الدولة. المادة الصحافية كانت شحيحةً وهزيلةً ومؤطّرةً بالمحاذير والممنوعات والرقابة الذاتية الصارمة، لذلك تحوّلت زيارة عمر الشريف إلى حدث استثنائي ومادة صحافية دسمة.

عمر الشريف كان قد عاد إلى السينما المصرية بعد أن خفت بريقه العالمي، وخلال يومين هي فترة زيارته القصيرة، أجرى الممثل العالمي لقاءات كثيرة، لمجلة «البحرين» ومجلة «بانوراما الخليج» و»وكالة أنباء الخليج» و»جلف ديلي نيوز»، والتقى وزير الإعلام الراحل طارق المؤيد، إضافةً إلى لقاء ومصافحة مئات المواطنين الذين احتشدوا في مجمع الشيراتون التجاري للحصول على توقيعه أو التقاط صورة معه. لكن أهم بند على برنامج زيارته كان المؤتمر الصحافي الذي عقده للحديث عن عطره، فقد افتتح عمر الشريف المؤتمر بالقول «هذا أنا وهذا عطري، إنه روحي وذوقي وحسي»، إلا أن الصحافيين نحّوا العطر جانباً وراحوا يسألون النجم العالمي عن أفلامه وأداوره التي لعبها في الخارج والداخل، وكيف نزل النجم العالمي من برجه العالي إلى تجارة العطور؟ وكيف أخفق في دعم قضايا الأمة العربية في أفلامه الغربية؟

وقد كان عمر الشريف صريحاً وجريئاً، قال: أقدمت على تجربة العطور لأني كنت مفلساً ومحتاجاً إلى المال، فأنا مسرفٌ جداً وأضعت كل ما ملكته من مال! وذكر بأن السينما العالمية يسيطر عليها اللوبي اليهودي الذي لا يسمح بإبراز القضايا العربية، بل إن هذا اللوبي يتعمد تشويه العرب وقضاياهم، وذكر أنه نفسه لم يكن راضياً عن أغلب الأدوار التي قام بها سواء في الداخل أو الخارج. كانت هناك أسئلة كثيرة تضمنت نقداً لاذعاً لأدائه وأدواره، إلا أنه بدا مسترخياً في تلقيها أو بالأحرى معتاداً عليها.

واللافت إن عمر الشريف حلّ ضيفاً على عدد من الفضائيات العربية التي انتهجت في السنوات الأخيرة سياسة منح أكبر مساحة من البث للفنانين في برامج ومسابقات عديدة، وتعظيمهم والانشغال بتفاهاتهم وقسر المشاهدين على النظر إليهم كفلاسفة وساسة ومفكّرين وأبطال وأيقونات جديرة بالاحتذاء في كل شأن حياتي.

لكن النجم عمر الشريف الذي شاخ وانتهى وانصرفت عنه الدنيا والأضواء، ولم يعد يخشى خسارةً أو عقوبة أو ندماً أو لومة لائم.. كان الأكثر جرأةً، إذ اعترف أنه لعب أدواراً سياسية خطيرة، وأن استخبارات عبد الناصر كلفته ذات مرةٍ للقيام بمهمة قذرة، إلا أنه تخلّى عنها في اللحظة الأخيرة، وأنه توسّط بين الرئيس السادات ومناحيم بيجين لتوصيل رسالة أن السادات ينوي زيارة القدس، قال عن نفسه: «كنت من المناصرين لاتفاقيات السلام، وأحببت مبارك وأيَدت ثورة 25 يناير».

يبقى السؤال: لماذا حظي عمر الشريف دون غيره من الممثلين المصريين بتذكرة الدخول إلى السينما العالمية؟ أهي وسامته أم إجادته اللغات الأجنبية؟ أم أصوله المسيحية أو اليهودية؟ أم معاداته لعبد الناصر؟ أم لكل تلك الأسباب؟

بعيداً عن نظريات المؤامرة، ثمة سؤال آخر: ماذا أضاف نجم السينما العالمية عمر الشريف للعرب وقضاياهم من خلال هوليوود التي يسيطر اليهود على أكثر من 90 في المئة منها؟ الجواب: إنه لم يضف شيئاً.

فالأفراد مهما علا شأنهم ومكانتهم، يعجزون عن إحداث التغيير إلا فيما ندر. التغيير يحدث عندما يتحوّل الأفراد إلى مؤسسات ذات خطط واستراتيجيات، وفي الغالب حين يلتحق فردٌ بقطار العالمية في أي مجال، فإنه يصير جزءًا من المكان وثقافته وأهدافه، ينصهر فيه ويعبّر عنه ويتخلى عما تركه خلفه.

إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"

العدد 4693 - الإثنين 13 يوليو 2015م الموافق 26 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 8:13 ص

      عليه رحمة الله

      عمر الشريف فنان وفقط . انه ليس مفكرا ولا منظرا وليس صانع قرار حتى نتوقع منه الاسهام في حل قضايا العرب العويصة . رحم الله عمر الشريف لقاء ما امتع الناس حول العالم بأدواره المتميزة وأدائه الفني الفذ .ليس من المنطقي خلط السياسة بالفن .لن يجود الزمان بفنان مثله ثانية

    • زائر 11 زائر 10 | 9:20 م

      عمر الشريف في البحرين

      شكرًا لكم جميعا ولكن انا لم امجده ولا أتقيد بشخصية اي فنان ولكن الحق يقال له وفي ماضيه ان كان مفسدا لنفسه وان كان مخلصا نفسه انا هذا رأي الشخصي ومعجب به تماما لانه ابدع في افلامه العالميه والعربيه اذكرو محاسن موتاكم مع احترامي لرئ الاخر

    • زائر 6 | 3:11 ص

      في الصميم

      صراحة وما في احلى من الصراحة

    • زائر 5 | 2:32 ص

      مقال جميل

      تقييم جميل لشخصية وفن عمر الشريف ولكن ما شدني كثيرا هو الخاتمة التي تقول فيها الكاتبة المحترمة التغيير يحدث عندما يتحوّل الأفراد إلى مؤسسات ذات خطط واستراتيجيات، ومشكلتنا نحن العرب الجري خلف الأشخاص لا خلف الفكر المؤسسي ولذلك متراجعون في كل شي سواء في العلم او السياسة او الاقتصاد أو الفن والرياضة والقائمة تطول وتطول

    • زائر 4 | 12:36 ص

      اما.... او النفي

      مقال جميل سيدتي ...

    • زائر 3 | 12:33 ص

      عجبني

      ما دكر عن تعظيم الترفيهيون وتحويلهم الي قبلة للعامة عجبني و للعلم بان هذا لم يأتي عبثا. بل ورائه أيدي خفية تهدف الي تحويل البشر الي قطيع لا يعرفون اتجاههم الصحيح و يضيعون عمرهم بامور غير نافعة و يستغلون من قبل القوي المسيطرة. عملية بدأت بعد الحرب العالمية الأولي في امريكا لمنع المواطن من التدخل في امور الدولة.

    • زائر 1 | 9:53 م

      عمر الشريف في البحرين

      المسلم توجب عليه الرحمه ولكن ارحمنا من غيابك عمر الشريف هو من أفضل الممثلين العالمين وله ادوار كثيره على الصعيد على العربي والعالمي عمر الشريف والذي بالفعل أمتعنا بأفلامه. الاسود والابيض بالفعل افلامه الغراميه والقديمة ممتعه جدا الله يرحمه برحمته الواسعه

    • زائر 7 زائر 1 | 3:37 ص

      الله يرحمه

      انت حكمة بأنه من أفضل الممثلين العالمين ليش ما اختير بطل الي فلم عمر المختار واختير انتوني كوين

اقرأ ايضاً