توقع مختصون في قطاع السياحة والفندقة، أن تشهد المدينة المنورة في السنوات المقبلة نموا ملحوظا في اقتصادات العمرة، من 23 مليار ريال في السنوات الماضية إلى نحو 65 مليار ريال (17.3 مليار دولار)، منها 4 مليارات ريال لقطاع التجزئة، وذلك بعد الانتهاء من التوسعة الجديدة التي تستوعب قرابة 1.4 مليون مصلٍّ، وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأحد (12 يوليو/ تموز2015).
وقدر المختصون أن حجم الاستثمار في قطاع الفنادق سيشهد تطورا سريعا وارتفاعا في إنشاء الوحدات السكنية، بواقع 300 ألف غرفة لاستيعاب الأعداد المتزايدة في الفترة المقبلة من الزوار للمدينة المنورة، فيما ستتيح هذه الزيارة توفير أكثر من 100 ألف فرصة عمل جديدة للشباب السعودي.
وفي سياق متصل، يعول خلال هذه الفترة، بحسب المختصين، على المواطنين والمقيمين في السعودية بصورة نظامية، في رفع نسب الإشغال لفنادق المدينة المنورة في آخر أيام رمضان لتصل إلى قرابة 80 في المائة عما كانت عليه في السنوات الثلاث الماضية، التي طبقت فيها إجراءات تخفيض الكوتا على جميع الدول الإسلامية.
وأرجع المختصون أسباب ارتفاع عدد الزائرين للمدينة المنورة خلال هذه الفترة عما كانت عليه في الأيام الأولى من رمضان، لعدة عوامل، في مقدمتها تدفق الزوار للمدينة المنورة والمكوث قرابة 5 أيام لأداء الفروض.
وقال عبد الغني الأنصاري، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في المدينة المنورة ورئيس اللجنة السياحية، إن إجمالي عدد الفنادق الموجودة في الوقت الراهن داخل المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي، تزيد على 100 فندق، ونسب الإشغال تواجه مشكلة خلال السنوات الثلاث الأخيرة متوسطة، بسبب الانخفاض في السنوات الماضية للزوار من خارج البلاد، بسبب توسعة المطاف وتخفيض الكوتا للمعتمرين بنسب متفاوتة.
وأشار الأنصاري إلى أن قطاع الفنادق في المدينة يعول على السوق الداخلية في ارتفاع النسب، وتحديدا في الأسبوع الأخير من شهر رمضان، ومن المتوقع أن تصل النسب إلى أعلى درجاتها بنحو 80 في المائة، موضحا أن هناك مشكلة في عدم ترتيب الحجوزات، إضافة لعدم وجود قاعدة بيانات لعدد الغرف الخالية والمشغولة، وهي إشكالية لا بد أن تحل عبر مركز للمعلومات يوضح الغرف المشغولة للاستفادة العامة.
وأكد عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في المدينة المنورة، أن اقتصاد الحج والعمرة ضخم يصل إلى قرابة 57 مليار دولار، ويمكن مضاعفة هذه الأرقام في حال تعاملت جميع الأطراف المعنية من قطاع خاص وحكومي كشركاء حقيقيين في تطوير هذا القطاع إلى أكثر من 150 مليار ريال سنويا تدار في اقتصاد مكة المكرمة والمدينة المنورة، خاصة أن مستقبل الفندقة واعد في المدينة المنورة وهناك حجم نمو كبير.
وتطرق الأنصاري إلى أن سعة المسجد النبوي في الوقت الراهن تصل إلى قرابة 550 ألف مصلّ، ومع التوسعة التي أمر بها الملك عبد الله (رحمه الله) سيرتفع إلى 1.4 مليون مصل، وإن ارتفع الرقم فستتضاعف اقتصادات العمرة من نحو 23 مليار ريال، إلى أكثر من 60 مليار ريال، وتجارة التجزئة سترتفع في المدينة من هدايا وسبح إلى نحو 3.2 مليار ريال، وعدد الغرف الفندقية التي تحتاج إليها المدينة المنورة إلى نحو 300 ألف غرفة فندقية وأكثر من 100 ألف وظيفة.
وحول عملية مراقبة الفنادق قال الأنصاري إن هناك جهات معنية تقوم بهذا الدور، مع وجود نظام واضح وصريح يخفف نسبة التلاعب في الأسعار، لتصل إلى أدنى مستوياتها الذي قد يشكل 2 في المائة، وهو طبيعي، مشيرا إلى أن التسعيرة لا بد أن تكون معلنة في الاستقبال، وفي حال وجود عملية تلاعب في الأسعار فهناك غرامة فورية تصل إلى 10 آلاف ريال، مؤكدا على أهمية دور المواطن في هذه الشركات مع الجهات المعنية في مراقبة هذه المنشآت.
ودعا الأنصاري إلى ضرورة إنشاء جمعية لملاك الفنادق، والمشغلين، وتلعب هذه الجمعيات دورا محوريا في مراقبة ومعاقبة مخالفي الأنظمة المعمول بها من قبل الجمعية، قبل تحرك الجهات الرسمية في الدولة، لافتا إلى أن هذا القطاع به كم كبير من الوظائف في جميع التخصصات الفندقية التي يغيب عنها الشباب السعودي بشكل كبير.
وفي هذا السياق تقوم الهيئة العليا للسياحة والتراث في منطقة المدينة المنورة بدور حيوي في تصنيف الفنادق والوحدات السكنية، مطالبة العاملين والمسؤولين في هذا المنشآت بضرورة التقيد بالأسعار المحددة حسب فئة التصنيف، فيما تنفذ فرق الرقابة حملات تفتيش على كل المواقع للتأكد من توفر الاشتراطات وتطبيق الأنظمة المعمول بها في منشآت الإيواء.
هذه المعطيات وأعمال التطوير المستمر للمدينة دفعت دوائر اقتصادية إلى أن تتوقع أن السنوات المقبلة تعد مزهرة في حجم الاستثمار العام الذي قدر بحسب قراءتهم بأكثر من 500 مليار ريال، خلال السنوات المقبلة، معتمدين في رصدهم الاقتصادي للمدينة على حجم الأموال التي تضخ لمشروع التوسعة الكبرى للحرم النبوي الشريف والمشروعات المصاحبة لها.
وتعيش المدينة المنورة مرحلة تطوير بأساليب تخطيطية ذات كفاءة عالية، وثورة اقتصادية، يتوافق مع النمو المطرد في تعداد السكان الذي يتوقع أن يصل إلى 2.62 مليون شخص بنهاية 2040، فيما سترتفع أعداد الزائرين إليها إلى نحو 12.2 مليون زائر في العام الواحد، الأمر الذي اتخذت معه الجهات المعنية التدابير والإجراءات التطويرية كافة في البنى التحتية للمدينة، في حين تشير تقديرات هيئة تطوير المدينة المنورة، إلى أن توافد الزوار والإقامة لليلة واحدة في عام 2040 سيصل إلى أكثر من 500 ألف نسمة، فيما سيبلغ معدل الليلة (وقت الذروة) خلال موسم الحج نحو 440 ألفا للفترة نفسها، وهذه الزيادة ترتكز على طلب الخدمات والمرافق والسكان والفراغات بالقرب من المسجد النبوي.
وهنا يقول نزار العبد الله، متخصص في السياحة، إن المدينة المنورة تمتلك كل المقومات الأساسية لتكون وجهة الراغبين في زيارة المسجد النبوي والمواقع التاريخية والإسلامية التي تحتضنها المدينة، منها «البقيع» وهي المقبرة الرئيسية لأهل المدينة المنورة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى الجبال الثلاثة «الجماوات» التي تقع في الجهة الغربية من المدينة المنورة، والمساجد السبع، وهي من المعالم التي يقبل عليها القادمون من خارج المدينة.
وأضاف أن هذه المواقع وما تعيشه المدينة من تنمية في كل المجالات تجعلها الوجهة الأولى لعموم المسلمين بعد المسجد الحرام بمكة المكرمة، في الزيارة والاستمتاع بالأجواء الإيمانية، وهذه العوامل ستسهم في رفع عدد الإقامات في الفنادق والوحدات السكنية، التي ستشهد طفرة في السنوات المقبلة.