مرةً أخرى يحتدم المشهد في جنيف على ما يجري في البحرين من أزمة سياسية وإنسانية، وشرخ عميق بين الدولة وقطاع كبير من المواطنين والحركة السياسية والمجتمع المدني والحقوقي. مرةً أخرى لم تحرص وزارة الخارجية على دعوة ممثلي المنظمات الحقوقية إلى الاجتماع للتشاور والتباحث حول جدول أعمال الدورة الـ 29 لمجلس حقوق الإنسان. بل العكس هو الذي حدث، فقد عمد الجانب الحكومي إلى تشكيل وفد رسمي ضم نواباً وشوريين والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وجمعيات يصنفها المجتمع الدولي جمعيات «غونغو»، وهمها التشويش على الجهد الحقوقي الحقيقي.
كما جرى شن حملة في الصحافة والبرلمان ذات الغلبة للموالاة، ضد الوفد الحقوقي البحريني المستقل، مطالبين الحكومة باعتقالهم ومحاكمتهم ومنعهم من السفر مستقبلاً! ولا يعرف هؤلاء أن هناك ميثاقاً دوليّاً للمدافعين عن حقوق الإنسان والمتعاونين مع الأمم المتحدة، وقد سبق أن حذّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والمفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد الحسين، ورئيسة مجلس حقوق الإنسان السابقة لورا دوبوي، حكومة البحرين من المساس بهم وطلبوا ضمان سلامتهم، لكن هناك حكوميين أكثر من الحكومة!
في المقابل، شاركت منظمات حقوقية بحرينية، وهي: «المرصد البحرين لحقوق الإنسان»، «مركز البحرين للحقوق والديمقراطية»، «مركز البحرين لحقوق الإنسان»، في دورة مجلس حقوق الإنسان الـ 29، بفعاليات ونشاطات جرى التخطيط لها بعناية، ومنها ثلاث ندوات شارك فيها إلى جانبهم، ممثلون لمنظمات حقوقية دولية مرموقة مثل «العفو الدولية» و»مراقبة حقوق الإنسان» (HRW) و»الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان» (FIDH) و»مركز الخيام» و»الاتحاد الدولي للحقوقيين الديمقراطيين»، فضلاً عن شخصيات حقوقية وقانونية بارزة مثل المحامية البريطانية أبيجيل باخ وردولف القارح، وسجين الرأي السابق إبراهيم الدمستاني.
وعلى رغم الموقف المسبق للوفد الرسمي، فقد جرت دعوته بكل أريحية لحضور ندوات المرصد البحريني، وجرى الردّ على أسئلتهم وأفسح المجال لمداخلاتهم، لكن بعضهم لم يقدّر هذه الأريحية وعمد إلى مهاجمة المرصد ومنتديه في الصحافة المحلية ووسائط الإعلام، ناقلاً صورةً مشوّهةً عما يجري في جنيف. وإضافة إلى الندوات، فقد كان للوفد الحقوقي البحريني المستقل مداخلات تحريرية اعتمدت ضمن الوثائق الرسمية للدورة. كما ألقى ممثلوه مداخلات شفوية أمام المجلس عن مختلف بنود جدول الأعمال. وقد التقى وفد المرصد بعدد من ممثلي بعثات الدول الديمقراطية لدى مقر الأمم المتحدة بجنيف، حيث لقي كل تفهم. وقد انعكست الاتصالات المسبقة في كلمات عدد من الوفود، ومنها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتشيكيا وايرلندا وسويسرا والدنمارك أمام المجلس، والتي عبّرت عن قلقها عمّا يجرى في البحرين من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وعدم وفاء البحرين بالتزاماتها أمام المجلس.
لكن الحدث المدوي تمثل في الكلمة الافتتاحية للمفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد الحسين الذي أبدى قلقه للتقارير عمّا حدث في سجن جو من تعذيب وإساءة معاملة واستخدام مفرط للقوة، ودعا إلى التحقيق في ذلك من قبل لجنة تحقيق مستقلة. كما دعا لإخراج البلاد من أزمتها من خلال حوار جدي بين الحكومة والمعارضة.
رد السلطة والبرلمان اتسم بالتسرع والعصبية، فقد رد مندوب مملكة البحرين بحدّةٍ على كلمة المفوض السامي، باعتبارها تدخلاً في الشئون الداخلية وهو مرفوض. وعلى النهج ذاته ردّ على الكلمات الانتقادية لدول صديقة، هي الولايات المتحدة وتشيكيا وسويسرا وايرلندا، وكان ذلك لافتاً للنظر خصوصاً في انتقاده الأوضاع الحقوقية في الولايات المتحدة. أما وزارة الخارجية فأطلقت فيلماً وثائقيّاً عن أحداث سجن جو، سبق تداوله على «اليوتيوب»، في محاولة لإثبات أن المعتدين هم السجناء، وأن الضحايا هم قوات الأمن، ولم يكن ذلك مقنعاً لأحد.
أما البرلمان الذي من المفترض أن يمثّل الشعب، فقد سارع للحاق بالحكومة وأصدر بياناً يتهجم فيه على المفوض السامي لحقوق الإنسان، والدول الديمقراطية القلقة على أوضاع البحرين، وتسابق أعضاؤه في التهجم والتحريض ضد الحقوقيين البحرينيين المشاركين في جنيف.
لقد كانت أزمة البحرين التي تعصف بالبلاد منذ أربعة أعوام، حاضرة في جنيف بقوة، بما فيها الحقوق العامة والجوانب الحقوقية. وقد تردد صداها في البحرين وعبر العالم من خلال وسائط الإعلام والفضاء الالكتروني، وهي موثّقة بالصوت والصورة والكلمة، ولقيت تعاطف الدول الديمقراطية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وآليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومقرّريها، ومساندة قوية من المنظمات الحقوقية الدولية المرموقة، إلى جانب مشاركة الحقوقيين البارزين في الفعاليات الحقوقية البحرينية الأهلية، وفي تقاريرهم المقدمة إلى الدورة.
مرةً أخرى تضيع البحرين الفرصة، وتقوم بإجراءات تؤكد النهج الأمني والاستمرار في الانتهاكات بالحكم بالسجن ضد أكبر فضائل المعارضة (الوفاق) الشيخ علي سلمان قبل أيام من بدء الدورة، ما لقي احتجاجاً واضحاً من الدول الصديقة لحكومة البحرين، وهي الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، والأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان. ومادام النهج المطروح هو الإمعان في التعاطي الأمني واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان، ورفض الحل السياسي، فإن دورة حقوق الإنسان (30 سبتمبر/ أيلول 2015) ستشهد المزيد من الانتقادات من المجتمع الدولي للسلطة ومن قبل أصدقائها خصوصاً. وهناك مستفيدون من استمرار الأزمة، من الموالين والمصفقين ممن لا يريدون الاعتراف بهذا الوضع، بل يلجأون لزيادة التحريض والدعوة للانتقام من المعارضة والحقوقيين المستقلين، لضمان استمرار مكاسبهم الشخصية غير المشروعة، على حساب الوطن وأهله وسمعة النظام بالأساس.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4691 - السبت 11 يوليو 2015م الموافق 24 رمضان 1436هـ
شكرا لكم
شكرا لكم على هذا الجهد والنضال من اجل حقوق الانسان ومن اجل ببحرين لا يرجف فيها الامل
رد على زائر 10
اغسل قلبك من الاحقاد واترك عنك الشماعة ايران كلما دافعنا عن حقوقنا قلتون ايران مالنا ومال ايران نحن هنا فى البحرين نطالب عن حقنا المنهوووووب فهمت............والله ياخد الحق
ليش
ليش ....... تصر على عنادها ماذا استفادت يوم شبت الفتن والطائفيه هل قدرت ان توقف الحراك وسجنت 3000 معتقل هل قدرت توقف الحراك الى متى ستنزفين من اموال الشعب لقتل الشعب ليش ما تتجهين الى الله وشرعه للمعاملة ويه هاده الشعب المظلوووم انظرى الى حواليك الى دول الخليج عايشين بسلام وخير خصوصا الكويت لاتميز بين شيعى وسنى مهما تفعلي لن تقدر ان تنزعى العقيده من قلوب الشيعة انها عقيدة مولعبة والله ياخد الحق
البحرين
مشكلة البحرين انهم ما يطبقون احكام مثل ايران (المشانق فى ساحات عامة) ولا لو طبقو نفس النظام كل من بيعتدل ولا يفكر اسوى اى شيى لانه يعرف ان نشنقة تنتظره
هفكري
إسمع يا عكري
ما دام المظلة البريطانية موجودة لحمايتنا سنفعل فيكم ما نشاء ولن نلتفت لا لكم ولا للمنطمات والمواثيق الدولية. زين؟
تحية لكم
تحية لكم والى جهودكم
البحرين لا تعرف إلا القبضة الأمنية التي فشلت ولم تعد مؤثرة
يتهربون من الواقع
و الاخير
ماذا بعد الانتقادات
ألا ترون أننا كشعب قد تم حصارنا بهذه الانتقادات أكثر من أي طرف آخر؟
من سيئ الي اسوء
الوضع بائس جدا بدل البحث عن مخرج نراهم يبحثون عن تعميق الازمه بالحلول الامنيه والخطاب التحريضي فقط هم الملائكه والباقي شياطين فقط هم من يحب هذهي البلد وضع امني متدهور وضع اقتصادي صعب وضع حقوقي من سيئ الي اسوء
بارك الله فيكم ايها الاشراف.
وثقوا ووثقوا وحاججوهم با الدلائل والبراهين حتى يعترفوا بأنهم مخطئين واسلوبهم لن يبقى طويلا. وشكرا لكم.
تحيه لكم
الله يعطيكم العافية استاذ منصور .. ما گصرتوا ..