لعل التحالف العسكري الدولي المكوّن من جيوش 60 دولة مستقلة للحرب على تنظيم الدولة الاسلامية «داعش»، وبضمنها جيوش لدول خليجية وعربية، هو الأكبر في تاريخ الحروب والنزاعات العسكرية الحديثة بما فيها الحربان العالميتان الأولى والثانية، أياً كان حجم مشاركة كل منها. وعلى الرغم من مرور نحو عام على تشكل هذا الحلف الدولي الذي جاء في أعقاب اجتياح «داعش» الخاطف للموصل وتمدّده غير المسبوق في الأراضي العراقية والسورية، فإن حصاد ما تحقق على أرض الواقع من نتائج عسكرية مرجوة لإضعاف قدراته العسكرية فدحره النهائي مازال متواضعاً للغاية.
والحال أن ثمة ثغرات عديدة في الحرب الحالية التي يشنها التحالف الدولي على «داعش»، لا أحد يعلم إلى متى ستستمر، بل وللأسف أكثرها تمعن الأطراف الفاعلة في التحالف تجاهلها، وسنجتهد تالياً في تتبع أهم هذه الثغرات على مختلف محاور الحرب على الأصعدة العسكرية والأمنية والعقائدية والإعلامية والاقتصادية.
على الصعيد العسكري والأمني، مازال التحالف الدولي مقتصراً على الغارات الجوية ممتنعاً عن خوض الحرب البرية، وما ذلك إلا لتجنيب قواته البرية من خوض غمار هذه الحرب، ومازال التحالف أيضاً غير قادر على توجيه ضربات ساحقة لعتاد «داعش» الحربي. وأنت لا تفهم حتى الآن سرّ قدرة هذا التنظيم على الاحتفاظ بجل احتياطي عتاده العسكري، بل وتعويض ما دُمّر منه على الرغم من تنفيذ 15 ألف غارة جوية على مواقعه حتى الآن.
وعلى الجانب الأمني، مازالت الأجهزة الأمنية لغالبية الأطراف الخليجية المهدّدة من قِبل «داعش»، نظاماً وشعباً، تتعامل مع هذا الخطر وكأنه يحل في المرتبة الثانية من حيث الأولوية قياساً بما تعتبره خطر قوى المعارضة السلمية في بلدانها، فلا اعتقالات احترازية ولا تعقب للدواعش المعلومين. والأكثر مدعاةً للدهشة أن الكثير من المتورطين في تفجيرات انتحارية أو مساعديهم، تبين لاحقاً أنهم كانوا سجناء تم الإفراج عنهم، ما يعني سوء تقدير لهذا الإفراج أو ضعف رقابة على المفرج عنهم.
على الصعيد العقائدي الفكري، مازال هذا التنظيم الإرهابي قادراً على جذب الآلاف من الشباب والمراهقين إلى صفوفه، ليس في عالمنا العربي والإسلامي فحسب، بل وفي كنف دول غربية ديمقراطية حيث لا يتورعون عن المغامرة بهجرتها للوصول إلى أراضي دويلته «الإسلاموية» في العراق وسورية. ومع أن ثمة توافقاً عالمياً بأهمية تجفيف المنابع الفكرية في مكافحة الإرهاب، وهنا عبر تقويض وكنس الفكر الداعشي، إلا أن التحالف الدولي، وعلى الأخص الدول العربية فيه، أثبت فشله بامتياز في تقديم نموذج لخطاب آيدلوجي عقائدي قادر على مقارعة الفكر الداعشي وزعزعة إيمان أكبر قدر ممكن من أتباعه به. وإنك لتجد المنابر الدينية في بعض تلك الدول غارقة من الرأس إلى أخمص القدم، في الخطب الطائفية التفتيتية لشعبها أكثر من انشغالها بتشريح وتفكيك الخطاب الداعشي لتحصين الشباب مقدّماً من خطر فيروساته على عقولهم الطرية.
وعلى الرغم من تبرؤ الجميع من فكر «داعش» وبأنه لا يمت للإسلام ومذاهبه السمحاء بصلة، إلا أن ادعاءه بالانتساب زوراً وبهتاناً لأكبر تلك المذاهب انتشاراً وتوكيل نفسه للدفاع عنه، يدفع بعض النخب المثقفة والدينية المنتسبة لذات المذهب لتبدو وكأنها تخجل بلا مبرر، من نقد «داعش» نقداً قاسياً أو تتلمس له الأعذار، بل لا تتورع عن مساواة خطورته بما تدّعيه من خطورة قوى «إرهابية» تنتسب للمذهب الآخر الذي يضعه «داعش» علنياً على رأس أولوياته «الجهادية». كما تحاول عبثاً أن تقنع الرأي العام بأن الخصوم الإقليميين لدولها لا يقلون خطراً عن «داعش» حتى لو كان أولئك الخصوم يشتركون معها عملياً في الحرب على «داعش» وإن لم يكونوا شركاء في التحالف الدولي.
على الصعيد الاعلامي والاتصالي، مازالت الحملة على الوحش الداعشي دون الشدة والتكثيف المطلوب. وعلى العكس من ذلك، تبدو الدول العربية في التحالف الدولي، وعلى الأخص الخليجية منها، مشغولةً حتى النخاع بتعقب ومحاربة قوى المعارضة التي تناضل بوسائل سلمية ومشروعة من أجل إصلاحات جذرية تحصن الجبهات الداخلية من تفقيس القوى الإرهابية على أراضيها أكثر من انشغالها بتعقب «داعش» في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. ولعلها واحدة من المفارقات الساخرة أن يبرع هذا التنظيم الإرهابي المتحجر حضارياً، في توظيف واحدةٍ من ثمار الحضارة البشرية، وتحديداً الغربية، في هذه الوسائل الحديثة كالفيسبوك والتويتر وغيرها، لنشر فكره الظلامي الإرهابي عالمياً، في حين يعجز أصحاب هذا الانجاز العلمي، كالولايات المتحدة والدول الغربية في التحالف الدولي عن التصدي لـ»داعش» لمنع استفادته من هذا الانجاز العلمي بأي ابتكارات تجهض أو تحد استفادته منها.
وأخيراً، على الصعيد المالي والاقتصادي، لما كان اقتصاد التنظيم، سواءً من خلال تهريب النفط أو الآثار أو الفديات والأتاوات أو بيع السبايا... إلخ، لا يعيش بمعزل عن الاقتصاد العالمي، فإنك لتعجب حقاً أن النظام المالي الدولي الذي تمكن، ولو في حدود معينة، من التصدي لغسيل أموال الاتجار في البشر والمخدرات وفرض حصار اقتصادي علي الدول التي لا تروق سياساتها للغرب، يبدو وكأنه غير قادر على فرض حصار اقتصادي ومالي على هذه الدويلة «الاسلاموية» المسخ!
إقرأ أيضا لـ "رضي السماك"العدد 4679 - الإثنين 29 يونيو 2015م الموافق 12 رمضان 1436هـ
ا
داعش هي من افرازات الوضع القائم با.........في حال تغير الوضع ستختفي داعش حسب الوضع امريكا الشيطان الاكبر
من غير المعقول لمن أسس داعش يحاربها اليوم
داعش ورقة ثمينة للصهيوامريكان والغرب تم صناعتها لغرض الفوضة الخلاقة التي نحن فيها
المستقبل عند الله
باختصار الغرب و........هم صنعوا داعش وهم من يحافظ عليها لتبادل مصالح بين الطرفين ولكن قد تنقلب هذه المصلحة عليهم والله اعلم