يقضي الناس في المدن الساحلية وخاصة شرق السعودية ممارسة هواية صيد الأسماك خلال رمضان، حيث يجذبهم البحر لقضاء أوقات فراغهم، خاصة ممن تبدأ أعمالهم في أوقات مبكرة وتنتهي عند الظهيرة، أو من تبدأ أعمالهم في الفترات المسائية بعد الإفطار، فتجدهم يجلسون على الشواطئ في الفترة التي تعقب صلاة العصر، يمسكون بأدوات صيدهم وترتسم على وجوههم علامات الصبر انتظارا لما ستخرج به من البحر.
حمد النعيمي، سعودي الجنسية، وهو موظف في إحدى الشركات العاملة في مجال النفط، ينتظر انخفاض درجة الحرارة وبدء حركة الشمس نحو الغروب عصر كل يوم ليتوجه إلى أقرب الشواطئ بمدينة الخبر شرق السعودية لممارسة هوايته التي بدأها فعليا قبل خمس سنوات، والمتمثلة في صيد الأسماك من خلال «السنارة».
ويقول النعيمي، حسبما ذكرت صحيفة «الشرق الأوسط» عن هذه الهواية «هي من أجمل الهوايات التي أمارسها إضافة إلى رياضة المشي كل يوم، لكن في نهار رمضان تأخذ هذه الهواية وقتي قبل الأذان والإفطار على اعتبار أن هناك صعوبة في ممارسة المشي في نهار رمضان لارتفاع درجة الحرارة وأداء فرض الصيام».
ويضيف «لا أقوم بهذه الهواية من باب السعي إلى الكسب المادي أو حتى الاستفادة من الأسماك التي أقوم بصيدها بل إن الهدف هو إشباع رغبة في داخلي في استغلال الوقت في اكتساب مهارات جديدة، فأنا في الكثير من الأحيان وقبل أن أغادر موقعي أمام الشاطئ أعيد الأسماك إلى البحر لكي تعيش، خصوصا إذا لم تكن تعرضت لإصابات قوية نتيجة الصيد، وفي أحيان أخرى أقوم بتوزيع هذه الأسماك على من يكونون في الموقع، فبعضهم يرفضها وبعضهم يقبلها لدرجة أن هناك من يبدي استغرابا من كوني أجتهد في صيد الأسماك ومن ثم أستغني عنها بسهولة».
النعيمي يغادر عمله يوميا عند الساعة الثانية عشرة ظهرا، وهذا ما يجعل لديه فراغ كبير، يقضي جانبا منه في النوم والعبادة وممارسة هوايته قبل أن يحين موعد الإفطار، حيث يتوجه إلى منزله ويفطر بجانب الأسرة.
يتضاعف أعداد ممارسي هذه الهواية في شهر رمضان وتحديدا بعد صلاة العصر، حيث إن هذه الهواية كان يشتهر بها المقيمون من الجاليات الفلبينية والهندية لسنوات، ولكن بات السعوديون ينافسون المقيمين في ممارسة هذه الهواية على اختلاف الأهداف والمواد المستخدمة، حيث إن الآسيويين عادة ما يأخذون الصيد معهم ويتناولونه بعد طهيه سواء في منازلهم أو حتى بالقرب من الشاطئ، ولكن الغالب لدى السعوديين هو الاستمتاع بهذه الهواية وعدم الاستفادة مما يصيدونه إلا في أحيان قليلة، خصوصا أن الكثير من الأسماك التي يجري صيدها يكون حجمها صغيرا، وفي حالات نادرة يجري صيد أحجام كبيرة من الأسماك، ولكن يترتب على ذلك خسارة إحدى قطع أداة الصيد نتيجة محاولة الأسماك الكبيرة مقاومة صيدها بشتى الطرق.
على بعد خطوات يقف حسن الحبيب، وهو كذلك من هواة صيد الأسماك عن طريق السنارة، حيث يحضر إلى جانب عدد من أصدقائه من أجل التسلية بهذه الهواية.
يقول حسن «منذ الصغر كنت أرافق والدي - رحمه الله - إلى البحر وهذا ترك في نفسي الرغبة في التوجه إلى الجلوس أمام البحر حينما أتعرض لضيقة في النفس أو أي ظرف صعب، وفي أحد الأيام طرح أحد زملائي فكرة ممارسة هواية الصيد وتكفل بتعليمي الأساسيات حتى أصبحت أتنافس معه في كميات الصيد التي نقوم بصيدها، بل إنني تفوقت عليه في المهارة، خصوصا أنني ألجأ إلى هذه المهنة كلما حان وقت الفراغ حتى في أصعب الأجواء».
ويضيف «الصيد عن طريق السنارة لا يوازي الصيد عن طريق الشباك أو غير ذلك، ولكن مع ذلك لم أفكر يوما أن أبدأ تجربة جديدة بصيد الأسماك باستخدام الشباك لأنني في النهاية أعتبرها هواية، وهذا لا يعني أنني لا أستفيد من كميات الصيد التي تأتيني، فأحيانا أستفيد منها في منزلي، وأحيانا أخرى أبعثها إلى الأقارب والجيران، وأحيانا أخرى أمنحها لأحد المرافقين لي في هذه المهنة».
راشد القعود رجل ستيني متقاعد من القطاع الحكومي، يقضي الكثير من وقته بجانب الشاطئ، حيث يصفه بالصديق الوفي الذي ينثر بجانبه همومه.
ويقول القعود إنه قرر ممارسة هذه الهواية منذ عامين تقريبا، حيث اشترى أداة الصيد من البحرين، وتشجع في استخدامها حتى أنه يقضي نحو أربع ساعات يوميا في الصيد بغرض التسلية، ولكن مع دخول شهر رمضان والأجواء الحارة اختصر الوقت إلى ساعين أو أقل ولا يهمه إن نجح في الصيد أم لا، بل الأهم لديه هو أن يشبع الرغبة التي في نفسه بممارسة هذه المهنة أو الهواية.