أكد تقرير المخدرات العالمي لعام 2015 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (المكتب)، أن معدل انتشار تعاطي المخدرات مستقر في شتى أنحاء العالم، مشيراً إلى أن 246 مليون شخص تعاطوا المخدرات غير المشروعة عام 2013.
رغم ذلك، نوّه التقرير إلى أن «الحصول على العلاج، لا يتاح إلَّا لواحد من كل ستة من متعاطي المخدِّرات الإشكاليين»، كما شدد على دور التنمية البديلة كإستراتيجية طويلة المدى لمكافحة زراعة المحاصيل غير المشروعة.
وبحسب رئيس مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن عدد الوفيات المتصلة بالمخدرات عالمياً «غير مقبول؛ فمعدلات زراعة الأفيون العالمية الأعلى منذ أواخر ثلاثينيات القرن الماضي».
وتحدث التقرير، عن التفاصيل، مبيناً أن نحو 27 مليون شخص هم متعاطو مخدِّرات إشكاليون، يتناول نصفهم تقريباً المخدرات بالحقن، ويقدَّر أنَّ 1.65 مليون من المتعاطين بالحقن كانوا مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في عام 2013، منبّهاً في الوقت ذاته إلى احتمالية تعاطي الرجال للقنَّب والكوكايين والمواد الأمفيتامينية أكبر بثلاثة أضعاف من النساء، فيما النساء أكثر عرضة لإساءة استخدام شبائه الأفيون والمهدئات التي تصرف بوصفات طبية.
بدوره، قال المدير التنفيذي للمكتب، يوري فيدوتوف، في كلمته في اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها، «يبدو أن النساء بشكل خاص يواجهن العوائق التي تحول دون حصولهن على العلاج، ففي حين أن هناك امرأة واحدة بين كل ثلاثة من متعاطي المخدِّرات، فلا يوجد بين كلّ خمسة متعاطي المخدِّرات ممّن يتلقون العلاج سوى امرأة واحدة».
وطالب فيدوتوف ببذل المزيد من الجهود لتعزيز أهمية فهم ومعالجة إدمان المخدرات على أنه حالة صحية مزمنة، حاله حال الأمراض المزمنة الأخرى، كمرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم، الأمر الذي يتطلب علاجاً طويل الأمد ومستمراً. وأضاف «لا يوجد علاج سريع وبسيط لإدمان المخدرات، ونحن بحاجة للاستثمار في الحلول الطبية طويلة المدى ذات الإسناد العلمي».
كما قال: إن أعداد متعاطي المخدرات الذين يفقدون حياتهم قبل الأوان مستقرة على الصعيد العالمي لكنها مازالت مرتفعة ارتفاعاً غير مقبول، حيث إن أعداد الوفيات المتصلة بالمخدرات قدرت بـ 187.100 شخص في عام 2013.
وتضمن تقرير المخدرات العالمي بيانات تم جمعها بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة المشترك ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، بشأن انتشار فيروس نقص المناعة البشرية بين متعاطي المخدرات بالحقن.
في السياق ذاته، تطرق التقرير إلى أن في بعض البلدان، تكون النساء اللاتي يتعاطين المخدرات بالحقن أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية من الرجال وبإمكان معدلات انتشار هذا الفيروس أن تكون أعلى بين النساء اللواتي يتعاطين المخدرات بالحقن مقارنةً بنظرائهن من الرجال. وتحدث عن انخفاض عدد الإصابات الجديدة بالفيروس بين متعاطي المخدرات بالحقن بنحو 10 في المئة ما بين عامي 2010 و2013، ممّا يقدر بنحو 110.000 إلى 98.000 إصابة.
مع ذلك، يشير تقرير المخدرات العالمي إلى أن العديد من عوامل الخطر، بما في ذلك انتقال الأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية وفيروس التهاب الكبد الوبائي جيم أوC وحالات تعاطي جرعات مفرطة، تتسبب في ارتفاع معدل الوفيات بين متعاطي المخدرات بالحقن 15 مرة بالمقارنة ببقية السكان.
وتشير البيانات إلى أن تعاطي المواد الأفيونية (الهيروين والأفيون) ظل مستقراً على الصعيد العالمي وأن تعاطي الكوكايين قد انخفض عموماً، واصلت معدلات تعاطي القنّب وتعاطي المستحضرات الصيدلانية شبه الأفيونية لأغراض غير طبية ارتفاعها.
واستعرض التقرير، المخدِّرات غير المشروعة وأسواقها، مبيناً أن ثمّة 32.4 مليوناً، أو 0.7 في المئة من السكان البالغين في العالم، من متعاطي المستحضرات الصيدلانية شبه الأفيونية والمواد الأفيونية مثل الهيروين والأفيون.
وأضاف «في عام 2014، وصل الانتاج العالمي المحتمل للأفيون إلى 7.554 طناً، وهو ثاني أعلى مستوى له منذ أواخر ثلاثينيات القرن العشرين»، مرجعاً ذلك إلى الزيادة الكبيرة في زراعته في أفغانستان، وهو البلد الرئيسي لزراعته، بينما ارتفعت الضبطيات العالمية من الهيروين بثمانية في المئة، وفي الوقت نفسه انخفضت ضبطيات المورفين غير المشروعة بنسبة 26 في المئة من 2012 وحتى 2013 .
ولاحظ تقرير المخدرات العالمي لعام 2015 التحول الديناميكي في الدروب المستخدمة لتهريب المواد الأفيونية، بوصول الهيروين الأفغاني إلى أسواق جديدة، معتبراً أن الضبطيات التي تمت مؤخراً، تدل على أن تهريب شحنات كبيرة من الهيروين الأفغاني عبر المحيط الهندي إلى شرق إفريقيا والجنوب الإفريقي ربما أصبح أكثر شيوعاً.
واشتمل تقرير هذا العام، على الإشارة إلى استمرار تراجع زراعة شجيرة الكوكا في عام 2013، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1990. ومعدل الانتشار السنوي لتعاطي الكوكايين هو 0.4 في المئة للسكان البالغين، وتعاطيه مازال مرتفعاً في أوروبا الغربية والوسطى وأميركا الشمالية وأوقيانوسيا (أستراليا)، مع أن البيانات الأخيرة تؤشر إلى انخفاض هذا الاتجاه على وجه العموم.
وفي حديثه عن التنمية البديلة كإستراتيجية طويلة المدى لمكافحة زراعة المحاصيل غير المشروعة، ركز التقرير على التنمية البديلة، وهي «استراتيجيه طويلة الأجل ترمي إلى تطوير مصادر دخل بديلة للمزارعين الذين يعتمدون على زراعة المخدرات غير المشروعة».
وعقب «الدوافع وراء ممارسة هذا النشاط عديدة، مثل التهميش وانعدام الأمن والأوضاع الاجتماعية والسياسية في المجتمعات الريفية»، موضحاً أن التنمية البديلة تهدف للحدّ من مواطن الضعف هذه وبالتالي القضاء على زراعة المخدرات غير المشروعة.
وتابع «أظهرت الخبرة على مدار ما يربو عن 40 عاماً أنّ هذا النهج يكون ناجعاً لدى وجود رؤية طويلة الأجل وتمويل كافٍ ودعم سياسي لإدراج التنمية البديلة في جدول أعمال التنمية والحكم الرشيد».
تعليقاً على ذلك، قال فيدوتوف «لسوء الحظ، يُظهر تقرير المخدرات العالمي لهذا العام كذلك أنّ الدعم السياسي الواسع النطاق للتنمية البديلة لم يواكبه التمويل اللازم»، وحثّ على تحمل المسئولية المشتركة لمكافحة المخدرات غير المشروعة.
وأضاف «انخفض التمويل المخصص من منظمة التعاون والتنمية لدعم التنمية البديلة بنسبة 71 في المئة بين عامي 2009 و2013، ولم يبلغ سوى 0.1 في المئة فقط من مجمل المساعدة الإنمائية العالمية».
العدد 4675 - الخميس 25 يونيو 2015م الموافق 08 رمضان 1436هـ