قال مديرو برنامج المجس الفضائي الأوروبي «فيلة» بأنه استأنف الاتصالات اللاسلكية مع المركبة الفضائية المدارية الأم على سطح مذنب الجمعة الماضي ما ينعش آمال العلماء بمواصلة المهمة الرائدة لفك بعض الألغاز الكونية الخاصة بنشأة المجموعة الشمسية ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط أمس الثلثاء (23 يونيو / حزيران 2015).
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نجح المجس «فيلة» وهو مركبة فضائية تزن 100 كيلوغرام في الالتحام بالمسبار الفضائي «رشيد» ثم هبط أخيرا في إنجاز تاريخي على سطح المذنب 67 بي-تشوريموف - جيراسيمينكو.
وشرع المجس «فيلة» في سلسلة من التجارب المبرمجة سلفا استمرت 64 ساعة ثم توقف عن العمل وعجز عن جمع ما يكفي من أشعة الشمس لإعادة شحن بطارياته بعد أن انحرف ليهبط في منطقة ظليلة بدرجة كبيرة خلف صخرة ما تعذر معه تشغيل ألواحه للطاقة الشمسية، حسب تقرير لـ«رويترز».
لكن مع انطلاق المذنب نحو الشمس وزيادة درجة حرارته نجح المجس «فيلة» في الخروج من حالة الكمون الأسبوع الماضي ليبعث بإشارتين لاسلكيتين إلى المسبار «رشيد». كانت محاولات أخرى للاتصال بالمجس «فيلة» قد باءت بالفشل لأن المسبار «رشيد» كان منخرطا في مجموعة من التجارب والأنشطة العلمية المحددة سلفا.
وقالت وكالة الفضاء الأوروبية على موقعها الإلكتروني الخاص بالبرنامج بأن الإشارتين اللاسلكيتين يوم الأربعاء الماضي - التي استمرت كل منها دقيقتين - أكدتا مدى سلامة المجس «فيلة».
وسيقوم المسبار الفضائي «رشيد» الذي يحلق في مدار يبعد 180 كيلومترا عن سطح المذنب بخفض مستوى دورانه بواقع ثلاثة كيلومترات ليتسنى له اتخاذ موقع أفضل لاستقبال الإشارات اللاسلكية من «فيلة».
وقالت ايلزا مونتانون نائبة مدير رحلة المسبار «رشيد» بوكالة الفضاء الأوروبية خلال مؤتمر صحافي بمعرض باريس الجوي «من الأهمية بمكان أن نرى إن كان بوسعنا تأمين نمط اتصال مستقر بين المسبار والمجس».
وبمجرد استقرار عودة الاتصالات يعتزم مديرو الرحلة إعادة المجس «فيلة» للعمل ليشرع أولا في إجراء تجارب تستلزم القدر الأدنى من الطاقة مع عدم تحريك المركبة. وفي نهاية المطاف يريد العلماء إدارة المجس «فيلة» بزاوية 30 درجة حتى يتمكن مثقابه الصغير من الحفر لأخذ عينات من المذنب لتحليلها.
وتغطي المذنب مواد أصلها الكربون ربما تكون مشابهة للمركبات العضوية الموجودة على كوكب الأرض.
وقال فيليب جودون مدير مشروع «فيلة» بوكالة الفضاء الفرنسية «إنه أمر يمكننا إنجازه ربما ليس خلال الأسابيع المقبلة لكن يقينا سننجزه خلال الأشهر المقبلة». ويعتقد أن المذنبات ليست سوى متبقيات تخلفت عن الوحدات البنائية الأساسية التي نشأت عنها المجموعة الشمسية وربما تحمل في طياتها قرائن تهدي العلماء إلى كيفية وصول الماء والمواد الكيميائية التي تكونت منها الحياة إلى كوكب الأرض.
ويدور المذنب 67 بي-تشوريموف - جيراسيمينكو حول الشمس في مدار أهليلجي يمر بين مداري كوكبي الأرض والمريخ ويمتد حتى يمر بمدار كوكب المشترى.
ويقترب المذنب من أقرب نقطة من مداره حول الشمس في 13 أغسطس (آب) ما يثير أتربة قد تجعل المسبار «رشيد» يعجز عن الاستعانة بالمعدات الخاصة بتوجيهه وسيرافق المسبار «رشيد» المذنب حتى نهاية العام الجاري على الأقل قبل أن ينضم إلى المجس «فيلة»على سطح المذنب. ويأمل العلماء بأن تساعد العينات التي سيجمعها المجس «فيلة» من المذنب البالغ طوله خمسة كيلومترات وعرضه ثلاثة كيلومترات في الإفصاح عن تفاصيل كيفية نشوء الكواكب وربما الحياة نفسها. ويحتفظ المذنب المكون من جليد وصخور بجزيئات عضوية قديمة تمثل كبسولة الزمن. وتمويل مشروع «رشيد» مضمون حتى نهاية العام لكن فريق العمل طلب تمديد التمويل حتى سبتمبر (أيلول) عام 2016 حين يتجه «رشيد» إلى المذنب لالتقاط صور قبل أن يلتحم به. وبدأ هذه المشروع منذ عشر سنوات ويرى العلماء أن فرصة الهبوط ستسنح في 11 نوفمبر حين يكون المذنب على بعد 450 مليون كيلومتر من الشمس.
وسفينة الفضاء الأوروبية «روزيتا» هي الاسم الغربي لمدينة رشيد بدلتا نهر النيل بمصر التي عثر فيها على الحجر الذي فك ألغاز اللغة الهيروغليفية. أما «فيلاي» فهو مقابل اسم جزيرة فيلة بنهر النيل قرب مدينة أسوان بصعيد مصر حيث وجدت مسلة مصرية قديمة ساعدت أيضا على فك شفرة اللغة الهيروغليفية.