شكا فنانون ومنتجون عراقيون من شحة الإنتاج الدرامي المحلي للعام الحالي، بسبب سياسة التقشف الحاصلة في ميزانية الدولة، إذ لم تشهد استوديوهات التصوير إنتاج أي عمل درامي جديد في هذا الموسم الرمضاني، واكتفت شبكة الإعلام العراقي (القناة الرسمية في البلاد) بعرض الأعمال التي سبق إنتاجها في الموسم الماضي، فيما اتجه معظم الفنانين للبحث عن فرص أخرى للعمل كتقديم البرامج الاجتماعية ومسابقات رمضان ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط أمس الثلثاء (23 يونيو / حزيران 2015).
ولم تنفع مناشدات ومطالبات الفنانين باستثناء الدراما من سياسة التقشف أو محاولة إيجاد البديل لها لكي لا تثقل كاهل الممثل العراقي، خاصة ممن لا يتقاضون راتبا شهريا من أي جهة حكومية أو غير حكومية. وسبق أن نظم الفنانون وقفة احتجاجية عند مدخل مبنى المسرح الوطني وسط العاصمة بغداد، شارك بها عدد كبير من الفنانين والمنتجين والكوادر الفنية مطالبين الحكومة بإعادة النظر في حالة التقشف التي فرضت على الفن، كونها تسهم في تعطيل عجلة الفن وتزيد من بطالة الفنان في العراق.
يقول الفنان الكوميدي علي قاسم الملاك: «اعتاد الجمهور على مشاهدة عمل فني كوميدي كل موسم رمضان، لكن هذا العام لم استطع الوجود مثل غيري من الفنانين في المسلسلات الكوميدية بسبب سياسة التقشف في إنتاج الأعمال». وأضاف: «ستكون لي إطلالة على جمهوري من خلال البرنامج الفكاهي (زرق ورق) في جزئه الثاني».
أما الفنانة هناء محمد، فقالت: «أنتظر موسم رمضان من كل سنة لكي أشارك ببعض المسلسلات التي من خلالها وما يقدم لي من أجر يسير وبشكل بسيط أوفر متطلبات معيشتي، ولكن هذا الموسم اختلف، مما جعل الفنان في حيرة من أمره». وأضافت: «المشكلة في انعدام أو قلة إنتاج الدراما العراقية في القنوات غير الرسمية، والتي اعتمدت على شراء الأعمال العربية، مما جعل الفنان يبحث عن فرص أخرى غير التمثيل كتقديم البرامج وغيرها». وأشارت الفنانة هناء محمد إلى أنها ستطل على جمهورها في رمضان المقبل بشخصية أم جاسم في مسلسل «وادي السلام» الذي أنتج العام الماضي.
بدورها، ناشدت الفنانة عواطف السلمان الحكومة العراقية أن تستثني الدراما من التقشف أو إيجاد البديل لها لكي لا تثقل كاهل الممثل العراقي، خصوصا الذي لا يتقاضى راتبا شهريا من أي جهة حكومية أو غير حكومية. وعلى الصعيد الفني طالبت السلمان الجهات غير الرسمية بأن تمد لها يد العون في إنتاج عمل درامي يجسد شخصية الشهيدة بنت الهدى.
مسؤول قسم الدراما في مديرية الإنتاج الدرامي في شبكة الإعلام العراقي رضا المحمداوي، أكد قائلا: «لأن سياسة التقشف التي انتهجت في العديد من وزارات ودوائر الدولة لعام 2015 أثرت بشكل مباشر في عملية الإنتاج الدرامي، إذ لم يتم إنتاج أي عمل درامي للموسم الحالي، لذا فإنه تم التعويل على المسلسلات الدرامية التي تم إنتاجها للموسم الماضي، وهي: (وادي السلام) تأليف أحمد سعداوي وإخراج مهدي طالب، والذي تدور فكرته الرئيسية عن الأحداث التي رافقت قيام الانتفاضة الشعبانية، واتخاذ مدينة النجف الأشرف مسرحا لأحداثها، وفي مقبرة (وادي السلام) تحديدا، ويجسد شخصياته العديد من الفنانين، أبرزهم الفنان مقداد عبد الرضا. والمسلسل الثاني هو (رازقية)، تأليف باسل الشبيب وإخراج علي أبو سيف، وهو الجزء الثالث من مسلسل (أعماق الأزقة)، ويسلط الضوء على منطقة الكرادة وما جرى فيها من أحداث أيام النظام السابق. وتدور أحداث المسلسل في عام 1975، تلك الفترة التي كانت حبلى بالأحداث السياسية والاجتماعية وكانت آلة القمع البعثية تتحرك لتصفية الرموز الوطنية في جميع مناطق العراق، وتميزت الكرادة الشرقية في تلك الحقبة بوجود القوى الوطنية التي قارعت النظام آنذاك، وهي كانت محور الأحداث في الجزء الثالث من خلال بيت بغدادي قديم تسكنه أربع عوائل مختلفة في المستوى والاتجاهات ومن خلال تلك العائلات تنسج الأحداث التي ستنتقل من بيئةٍ إلى أخرى في أزقة البصرة، ومن ثم إلى أهوار الناصرية، وفي هذا الجزء ستختلف الحكاية عن الجزءين الأول والثاني من خلال الشخصيات التي ظهرت في الجزءين السابقين عدا شخصيتين هما محور الحدث الدرامي الذي يبدأ في لندن لتظهر شخصية رازقية (آسيا كمال) وهي المحور الرئيسي والبطلة المطلقة لهذا العمل الدرامي، يرافقها في الحدث زوجها فؤاد (باسل الشبيب). رازقية التي هاجرت مع زوجها فؤاد إلى لندن بعد مقتل ولدها والبطش الذي تعرضت له وزوجها من قبل الأجهزة الأمنية، يراودها حلم بأن ابنها (خليل) في محنة.. ابنها (خليل) الذي قتل في الأهوار مع أعمامه تشعر بأنه لا يزال حيا. وشكل هذا الحلم مشكلة كبرى بين رازقية التي تدهورت حالتها النفسية وزوجها فؤاد الذي نعتها بالجنون، حيث لم يكن مؤمنا بالحلم. لذا قررت العودة للعراق والبحث عن ابنها».
ويواصل المحمداوي: «هناك كذلك مسلسل (دنيا الورد)، تأليف عبد الأمير شمخي، وإخراج جلال كامل، وهو مسلسل اجتماعي يناقش قضية الإرث من خلال الصراع حول من يمتلك العمارة السكنية. والمسلسل الرابع هو (دولاب الدنيا)، تأليف مشعل عذاب، وإخراج جمال عبد جاسم، وهو مسلسل كوميدي اجتماعي يجسد شخصياته العديد من نجوم الفن العراقي أبرزهم عبد الستار البصري ومحمد حسين عبد الرحيم وسحر محمد وكريم محسن وميلاد سري وفاطمة الربيعي».
أما على صعيد البرامج الرمضانية، فهناك العديد منها، حيث يقول مدير إذاعة «راديو العراقية» جبار عبد الكريم عن دورة برامج رمضان: «هناك العديد من البرامج الجديدة التي ستقدم طوال أيام الشهر الفضيل مثل (ومضات رمضانية) إعداد وتقديم نجلاء محمد، وتتناول فكرة البرنامج تقديم النصائح والإرشادات للصائمين. إضافة إلى برنامج (رمضان في كل مكان)، إعداد وتقديم زمن أحمد، وإخراج حيدر الخفاجي، ويسلط الضوء على العادات والتقاليد الرمضانية في الدول الإسلامية، وبرنامج (ليل وشعر) إعداد وتقديم جبار رشيد، وإخراج محمد البغدادي، وهو برنامج مباشر».
وهناك برنامج «دروس رمضانية» إعداد موج اللامي، تقديم علي عبد الرحمن، وتتحدث فكرته عن الأخلاق والمثل الإسلامية التي يتحلى بها الصائم. فضلا عن برنامج «أحلى صباح» إعداد أحمد المهندس وسماء عبد الكريم، وتقديم زمن أحمد. ومن البرامج التي تتسم بإضفاء الترفيه «كهوة علاوي»، إعداد شعبة المنوعات، تقديم علي القطراني وعلي حسين، ويتناول الأخبار الخفيفة والطريفة ومسابقات شبيهة بلعبة المحيبس.
أما برامج إذاعة جمهورية العراق، فمنها برنامج «أنجم العطاء» إعداد وتقديم نبيل مسلم، وإخراج قتيبة إبراهيم، ويسلط الضوء على خاصية الكرم والعطاء في كل زمان ومكان، وأن رمضان هو خير الأشهر للعطاء، وبرنامج «مسابقات رمضانية» إعداد وتقديم علي الصاحب، ويتناول طرح بعض الأسئلة الدينية والعامة على المستمعين وتخصيص جوائز نقدية للفائزين.
الفنان العراقي والمنتج جلال كامل، والذي أطل على جمهوره، ممثلا ومخرجا، من خلال مسلسل «دنيا الورد»، تأليف عبد الأمير شمخي، وتمثيل نخبة من الفنانين منهم سناء عبد الرحمن ومحمد حسين عبد الرحيم وعزيز كريم ومحمد هاشم ومازن محمد مصطفى مع وجوه شبابية عديدة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «المسلسل اجتماعي صرف، يتحدث عن مشكلة لأسرة عراقية عادت من الخارج وتريد أن تعيش في بلدها، لكنها تداهم بالكثير من المشاكل، إلا أنها لا تجد خيارا أمامها سوى أن تعيش رغم كل الظروف، حالها حال أهل البلد». وأضاف عن الشخصية التي يمثلها: «أُجسِّد شخصية دكتور (مهندس معماري) اسمه (أحمد الورد)، وهو مغترب يعود من الخارج بعد أن قرر العيش في وطنه الأم. فيعيش الحياة بكل تفاصيلها في بغداد. ولكونه مؤمنا بأنه لا بد من أن يحقق شيئا لنفسه وأهله ووطنه، يدخل في صراعاتٍ عدة. فالفكرة الأساسية للعمل هي اختلاف نمط الحياة التي كان يعيشها هو وأولاده في الخارج الذين فوجئوا بحياة أخرى مختلفة بطبيعتها، لتبدأ الصراعات».
وعن الصعوبات التي واجهها خلال تصوير العمل، قال: «أحيانا نعمل بجهدٍ عال لنُظِهر كل شيء بشكلٍ مثالي، ولكن الظروف المحيطة ليست ملكنا كأصوات المولدات الكهربائية وغيرها. وهذه معضلة أي عمل عراقي. لكن المعضلة الرئيسية أننا صورنا سينما، وذلك لأن العمل كان يحتاج إلى زمن كبير للتحويل (من الـ2k إلى الـhd وإلى الـDigital الرقمي). يعني أن التفاصيل التقنية قد أخذت منا زمنا كبيرا جدا، الأمر الذي أرهقنا لأننا غير معتادين على أن نشتغل سينما ومن ثم نحول إلى تلفزيون».