«استراتيجية المحيط الأزرق»، عبارة طرحها كتاب يحمل عنوان Blue Ocean Strategy. المؤلفان للكتاب (من جامعة انسياد الأوروبية) طرحا أن الشركات تعمل بصورة تقليدية في ظروف تشبه «المحيط الأحمر»، حيث يتواجد المنافسون الذي يتقاتلون بشراسة ضد بعضهم البعض للحصول على حصة من السوق. ويطرح المؤلفان استراتيجة بديلة تتحدث عن «المحيط الأزرق» حيث تخلق الشركة سوقاً خاصة بها خالية من المنافسين، وهذا النوع من السوق يتطلب منتجات أو خدمات مميزة وذات كلفة منخفضة.
ولكي تتشكل مثل هذه الاستراتيجية، فإن على الشركة أن تعرف ماذا يميّز وضعها الحالي عن الآخرين، أو أن تخلق استراتيجية تميزها بشكل مختلف عن الآخرين. فمثلاً تعتبر شركة «ايكيا» السويدية مميزة جداً في طريقة صناعتها وتسويقها للأثاث، ما يجعلها تبحر في محيطها الأزرق الخاص بها والبعيد عن المنافسين الآخرين.
ولكي تنجح استراتيجية المحيط الأزرق، فإن على الشركة أن تجذب أعداداً كبيرة من الزبائن، وفي الوقت نفسه ترفع كلفة المنافسة إذا حاول أحد الدخول عليها. ولكن ما هو المختلف في هذا الطرح عن غيره بالنسبة لإيجاد ما يميز منتجات أو خدمات شركة ما على أسس استراتيجية التمايز التقليدية differentiation؟
لعل أهم ما يميّز هذا الطرح أنه يسعى إلى تحقيق التمايز عبر طرق منخفضة الكلفة، إذ تقوم استراتيجية المحيط الأزرق على مفهوم ابتكار القيمة value innovation بدلاً من مفهوم الميزة التنافسية competitive advantage. ابتكار القيمة يتطلب تحديد ما يطلبه الزبائن عبر عدة تقسيمات للسوق، ثم إعادة بناء العوامل الرئيسية لعبور حدود السوق التقليدية، ومن خلال ذلك يمكن تحقيق كل من التمايز وانخفاض الكلفة لكل من المشترين والشركة.
من أجل ذلك، فإن المؤسسة التي تنتهج استراتيجة المحيط الأزرق ستسعى إلى خلق مساحة جديدة من السوق لا منازع فيها. بمعنى آخر، فإن الشركة هنا لا تبحث عن ميزة تنافسية على الآخرين في السوق نفسها، وإنما تغيّر مساحة السوق لكي تسبح في محيط لا يوجد فيه منافسون آخرون. مثلاً، قد تسعى شركة إلى صناعة سيارة تنافس الآخرين على الأداء والسعر والسرعة والصيانة... إلخ، بحسب النهج الاستراتيجي التقليدي، ولكن لو اتبعت الشركة استراتيجية المحيط الأزرق فستجدها تخرج من الحدود المقبولة التي تحدد كيفية المنافسة إلى خلق مساحة جديدة وبلا منازع، مثل صناعة سيارة ذاتية القيادة.
وفي هذا المجال، نجد أن شركة «غوغل» تطرح نفسها بصورة مختلفة جداً عن صناعة السيارات التقليدية، ومستقبلاً ستكون هناك سيارات غوغل الذكية التي قد تبحر في محيطها الأزرق من دون ان يتمكن أحد من منافستها بسهولة.
مثال آخر، خطوط الطيران Southwest Airlines التي تتفوق على الخطوط الأخرى في أنها تقدم مرونة بين استخدام حافلة السفر عبر الطرق، وتربطها بسرعة السفر الجوي عبر استخدام المطارات الثانوية، وهي حالياً شركة الطيران الأميركية الرئيسية وأكبر شركة طيران اقتصادي في العالم، ولدى الشركة ما يقرب من 46 ألف موظف، وتدير أكثر من 3400 رحلة يومياً.
ومثال آخر، شركة Curves المتخصصة في اللياقة البدنية، والتي استطاعت أن توفر للنساء أندية صحية مصحوبة ببرامج تمرينات منزلية، وتم تصميم خدمات اللياقة البدنية بما يحقق فقدان الوزن مع التركيز على النساء بصورة مختلفة عن الآخرين، ما يجعل الشركة تسبح لوحدها في محيطها الأزرق.
هذه الشركات وغيرها تطرح منتجات وخدمات مميزة وغير تقليدية يصعب على الآخرين منافستها فيها، لأنهم يعتمدون منهجية ابتكار لقيمة وإعادة بناء الحدود التي تؤطر صناعة ما، ومن ثم خلق مساحة السوق بلا منازع، تحد من المخاطر وتزيد من احتمالات النجاح، وكل ذلك من خلال مواءمة القيمة، مع الربح، ومع التأكيد على خدمة الناس بطرق غير معتادة في السوق.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4668 - الخميس 18 يونيو 2015م الموافق 01 رمضان 1436هـ
شكراً دكتور
تعجبني كتاباتك الإدارية ... وللإمام
شخصياً استفدت من المقال
بصراحة مختصر
في علم السياسية يذكر ان الازمة لا يمكن حلها الا بإفتعال أزمة اخرى
صناعة الرغبة من صناعة القيمة!
وأضيف أن صناعة الرغبة هي أس جاذبية الشركات والمؤسسات لزبائن جدد لم تكن ف قائمتها من قبل. لأن الرغبة desire قد تحققها الشركات إذا ما كانت تلك الرغبة موجودة لدى الزبائن. إلا أن ما يميز نجاح الشركات هي ف صناعتها لرغبة غير ظاهرة ع السطح، فتبحث وتجهد ف إخراجها ع السطح وتقدم حلا لإرضائها من خلال منتج او خدمة. تتم صناعة الرغبة desire أولا ومن ثم يتم تغليفها بما يسمونه "القيمة" value ليتم تقديمها للجمهور ع انها كذلك. ومن الجيد الاطلاع ع أسلوب AIDA ف التسويق لمزيد من التفاصبل , ,
الناس في زلزلة والعروس تبي رجل
سؤال الي الدكتور كيف البحرين تستطيع ان تبحر في محيطها الأزرق وهي واقع بين وحل الفساد و الوعود الكذابة أرجوك يا دكتور مثل هذي التمازج تحتاج عقول واعية و ومتفتحة وليس عقول احتكارية متسلطة
المنافسة لا بديل عنها
هناك شركات تنافس غوغل في السيارات و ايكيا في الاثاث و شركات طيران تجارية في كل مكان
المنافسة ضرورية لايجاد البدائل و كسر الاحتكار و الدفع للتطوير و الاهم الخوف من المنافس يدفع الشركات لتجاوز المنافس باسعار تنافسية
كلنا يذكر نوكيا عملاق الهواتف و سيطرته المطلقة على سوق الهواتف لكن لانه اتجه لنظامه الاساسي و رفض الانظمة الجديدة اعطى فرصة للايفون و اعطى فرصة للاندرويد بقيادة السامسونغ لانهائه من هذا السوق
عزيزي الي مسوي روحك دكتور في الرد
أقرأ الموضوع مرة أو مرتين وبعدين عطنا التعليق. ... تعليقك ماليه علاقة بالموضوع نهائياً