في برنامج تلفزيوني بثته إحدى الفضائيات العربية، اختلف ضيفا الحلقة حول من يقف وراء تنظيم «داعش»، قال الأول: «داعش» صناعة سنية تخلقت من رحم ثورة العشائر في 2011 بهدف محاربة إيران والشيعة، ومنع تمددها في العراق والمنطقة. وقال الضيف الآخر: بل هو مخلوق جرى تصنيعه من قبل النظام الاستخباري للرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، بالتعاون مع الأميركان والإيرانيين و«إسرائيل»، بهدف تقويض الثورتين السورية والعراقية. وكانت هذه الفضائية هي أول من أعلن عن سقوط مدينة الموصل وفرح الأهالي بقدوم الدواعش بوصفهم «ثوار العشائر». بل وجرى تصوير هذا المشهد وكأنه فتح مكة.
التعريف الأكثر شيوعاً وتداولاً لـ «داعش» هو «تنظيم سلفي مسلح يرمي إلى إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة، وقد انبثق من تنظيم القاعدة بالعراق».
طوال الأسابيع الماضية وعلى إثر تفجيرات المساجد في المملكة العربية السعودية والتي تبنّاها «داعش» بشكل صريح وواضح، كما تبنى سابقاً تفجير مبنى السفارة الإيرانية في بيروت وتفجير مساجد اليمن سابقاً، لا يتوارى عن الأنظار بل يعلن عن نفسه بشكل سريع وسافر، ويتبنى التفجيرات وحده دون شريك، على عكس المدافعين عنه، بل ويؤكد على خطواته المقبلة وتحديد وتوصيف أعدائه الأساسيين وتطهير الأرض العربية الإسلامية منهم ومن أتباعهم، ومن ثم الالتفات إلى بقية الأعداء الذين ليس من ضمنهم «إسرائيل» بالطبع. بل إن هناك فلسطينيين تركوا الجهاد في بلادهم المحتلة (فلسطين)، وانضموا إلى صفوف «داعش» لتحرير أرض عربية أخرى!
وقد احتل التنظيم الأكثر دموية في التاريخ العربي الإسلامي، المشهد الإعلامي والسياسي مؤخراً، ونال شهرة مضاعفة بعد جرائم حرق الأسرى وذبح الصحافيين الأجانب، والتطهير العرقي والإبادة الجماعية، والتوحش في التعاطي مع المكوّنات الدينية المختلفة في المدن والمناطق التي استولى عليها، فأوجد لنفسه سمعة وسط الشباب العربي المعجب بالفنتازيا الإرهابية والراغب في تطبيق أفلام الـ «دراكولا» على الأرض العربية.
«داعش» وضع طبيعي وتعبير عن حال الأمة العربية الإسلامية التي تعيش أسوأ مراحل عهودها، بعد أن أخفقت على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والتنموية طوال ستين عاماً في تأسيس وبناء الدولة الوطنية على أسس عصرية، وإقامة الديمقراطية بما تمثله من مساواة وعدالة وحقوق إنسان وتداول سلطة وعلوم حديثة ومناهج متقدمة.
لكن لماذا ترى الشعوب أن محاربة «داعش» هو شأن الدولة وليس شأن الجماهير أو كلاهما معاً؟ لأن هذه الشعوب كانت ومازالت غائبة ومستبعدة، ليس عن القرار الأمني فحسب بل عن أبسط قرار يتعلق بحياتها. إنه إخفاق آخر للدولة العربية التي عجزت عن بناء الدولة الحقيقية، ورفضت التشارك مع شعوبها في إدارة الدولة وفي التصدّي للمشاكل والحروب وغيرها، بل أنشأت سلطة شمولية استبدادية ابتلعت الدولة في جوفها، فهل تطلب اليوم من شعوبها مساعدتها في التصدي لـ «داعش» وأمثالها؟
لا غرابة أن يحتار المراقب في تحديد من صنع «داعش»؟ رغم أنها نبت طبيعي وسط أحزمة الفقر والبؤس ومخيمات اللاجئين والكثافة السكانية العالية وخيبات التنمية. إن هذا الفقر هو وقود «داعش» الأساس، فالفقر في أي مكان مهدّد للاستقرار في كل مكان، ومن لم يتحصل على جنة الأرض فالوعد هو جنة السماء، تليها الحرب الإقليمية والتنافس على اقتسام النفوذ في المنطقة، فكلٌّ يتمدد بطريقته، مستعيناً بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وعلى حساب الضحايا المدنيين في ظل مناخ شديد التوتر، وأوطان تعيش على فوهة بركان مستعر، وتختبر منعطفاً تاريخياً وسياسياً لم تتحسب له ولم تهيّئ العدة لاستقباله.
«داعش» فيروس يفترس الجسد العربي الفاقد للمناعة منذ زمن طويل، والغارق في الجهل والفساد والاستبداد والتخلف العلمي والمعرفي، وغير القادر على ولوج العصر وفق قيم العصر الحديث السياسية والحضارية، لذا لا غرابة أن تجد أعلام «داعش» ترفرف حتى في تلك البلدان التي تبدو مستقرةً في الظاهر، أما المستفيد من «داعش» فهم كثر، في الداخل والخارج، ولعلها مفارقة أن التحالف الدولي العاجز عن القضاء على «داعش» منذ عدة أشهر، كان قد أسقط العراق ونظامه في ثلاثة أسابيع!
ثمة مقولة مهمة وقديمة للقائد العسكري الصيني سن تزو في كتابه «فن الحرب»: «إذا وجد الخصم نفسه أمام ظرف غير ملائم أو لا يتفق مع استراتيجيته ووجهته الحربية والسياسية، فيجب أن يوظّفه لصالحه»، وهكذا تحسب ضربات «داعش» مرةً لصالح الأعداء، وأخرى لصالح الحلفاء، وأحياناَ تخدم الطرفين!
«داعش» تبدو كعجينة قابلة لمختلف أنواع الطبخات من البيتزا الإيطالية، إلى الخبيصة العربية، فالكيكة الأفرنجية، والقصة كلها تعتمد على ملكة الفن والذكاء والخيال المبدع للطباخ أو الطباخة.
إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"العدد 4658 - الإثنين 08 يونيو 2015م الموافق 21 شعبان 1436هـ
ولعلها مفارقة أن التحالف الدولي العاجز عن القضاء على «داعش» منذ عدة أشهر، كان قد أسقط العراق ونظامه في ثلاثة أسابيع!
«داعش» فيروس يفترس الجسد العربي الفاقد للمناعة منذ زمن طويل، والغارق في الجهل والفساد والاستبداد والتخلف العلمي والمعرفي، وغير القادر على ولوج العصر وفق قيم العصر الحديث السياسية والحضارية، لذا لا غرابة أن تجد أعلام «داعش» ترفرف حتى في تلك البلدان التي تبدو مستقرةً في الظاهر، أما المستفيد من «داعش» فهم كثر، في الداخل والخارج، ولعلها مفارقة أن التحالف الدولي العاجز عن القضاء على «داعش» منذ عدة أشهر، كان قد أسقط العراق ونظامه في ثلاثة أسابيع!
كلا يغني علي ليلي
كلا يغني على ليلي هذا حال العالم كله من له منصيب من داعش يخلق داعش ايران والعراق وسرايا الاشترا وغيرها هذة هي الحقيقه وكفا
داعش ليس اسما واحدا
من كفر غيره و استباح دمه فهو داعشي زرقاوي و لو كان من أنصار الزعيم ماو تسي تونغ. لا نركز على السماء ؛ بل المفاهيم و الأفكار
داعش نتيجة
هذه الافة (داعش) هي نتاج العجز والفساد وبيع الاوهام والارتماء في احضان تاريخ لا نعلم عنه الا ما قيل وكل بهواه وكيف نشأ. هذه الافة نتاج العته والضياع والجشع والأنانية. هي نتاج سقوط منظومة اخلاق باكملها، منظومة أسقطتها مجموعات من الافاكين والمحتالين ممن يدعون الشرف والنبل تارة لعلم في حقيقته لا ينفع وتارة اخرى بسبب الدماء الزرقاء المزعومة..... ليتنا ما خلقنا
يشقى بنوها والنغيم لغيرهم
هكذا دائما تكون التقارير اما الحقيقة فلن يعرفها احد ......لقد قدر الينا و بشكل مستحكم ان نعيش هذه الاوضاع ألى اجل لا يعلم الا الله مداه
رائع
ورائحة احتراق الطعام... فاح...واصبحت العروبة عار على جبيننا
اللاوعي البشري
المشكلة هي نقص العناصر اللازمة للتفكير في العقل البشري و الاعتماد علي اللاوعي الذي هو الفاعل في التصرفات و الناتج من تراكمات التربية و النشأة التي تترسب في المخ و لا يمكن الخلاص منه. الخلاف علي الأمور حتي الملموسة ينتج من نشاط اللاوعي البشري. لا يمكن الخلاص من اللاوعي الا نادرا. لا عجب من التضاد في النقاش.