العدد 4652 - الثلثاء 02 يونيو 2015م الموافق 15 شعبان 1436هـ

المستقبل الرقمي.. مليارات المستشعرات وتدفق لا محدود للبيانات

الوسط – محرر المنوعات 

تحديث: 12 مايو 2017

 يتطلع عالم التكنولوجيا إلى التوصل لطرق تضمن فعالية وكفاءة كل شيء. والسؤال هو: هل سيكون هذا في صالح الكثيرين، أم في صالح القلة القوية؟ في بداية الشهر الحالي، أعلنت شركة «جنرال إلكتريك» عن خطط تتعلق بتوصيل الصمامات الثنائية الباعثة للضوء «إل إي دي» (LED) المنصوبة في الشوارع، بالكومبيوتر، بحيث تتمكن المدن من جمع وتحليل بيانات الأداء بتكلفة أقل مع تحقيق درجات أعلى من الأمان. وهذه المصابيح الغنية بالمستشعرات، ستصل في النهاية إلى المكاتب والمنازل ،وذلك وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط أمس الثلثاء (2 يونيو / حزيران 2015).

وقال رئيس مركز برامج «جنرال إلكتريك» ، بيل رو: «لدى الجيل القادم من المصابيح دورة حياة مدتها 20 عاما. ويمكن تركيب كاميرات، والمزيد من المستشعرات عليها، ونظم قياس الحركة، والحرارة، وجودة الهواء». وأوضح أنه قد يريد تجار التجزئة مثل تلك الوحدات الخاصة بالإضاءة من أجل توجيه المتسوقين، في الوقت الذي يمكن فيه للمستهلكين أن يعرفوا المزيد عن استهلاكهم للكهرباء.

 

* مليارات المستشعرات

ولا تزال موجة المستشعرات في بدايتها، حيث تقدر شركة «هاواي» الصينية، التي تعمل في مجال تصنيع أجهزة الكومبيوتر، والاتصالات، وتحقق عائدات قدرها 47 مليار دولار، أن أكثر من مائة مليار جهاز وأداة من بينها الهواتف الذكية، والمركبات، والأجهزة المنزلية، والمعدات الصناعية، سيتم توصيلها بنظام الحوسبة السحابية بحلول عام 2025.

وسيكون الإنترنت أكثر اندماجا وتفاعلا مع العالم المادي. وسوف تصبح طريقة متابعة شركة «غوغل» حاليا للنقرات على الإنترنت من أجل معرفة الإعلان التالي الذي ستضعه أمامك هي الطريقة التي تتمكن بها الشركات من تحديد أنماط الطبيعة والمجتمع التي كانت خفية في وقت من الأوقات.

وتتوقع كل من «جنرال إلكتريك»، و«غوغل»، وغيرهما من الشركات أن تصبح معرفة تلك الأنماط واستغلالها جوهر عهد جديد للفعالية العالمية، التي ترتكز على الآلات القادرة على التعلم وتوقع ما يمكن أن يحدث بعد ذلك. وقال إريك شميت، الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل» حديثا في فعالية تتعلق بهذا المجال، إن «الأمر الأساسي الذي تقوم به (غوغل) هو (طريقة) تعلّم الآلة». وأوضح قائلا إن سيارات ذاتية القيادة، وغنية بالمستشعرات، متصلة بأجهزة تحكم في درجة الحرارة، أو أجهزة كومبيوتر يمكن ارتداؤها، جزء من خطة «غوغل» التي تستهدف «القيام بأمور من المرجح أن تصبح مهمة في غضون فترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات. ويبدو أن الحركة الذاتية، والذكاء الاصطناعي، تزيد قدرة البشر على الإنتاج ومعدل ذكائهم.

 

* بيانات متوالية

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالشركات الكبرى التي تعمل في مجال التكنولوجيا ترى أن توفير الوسائل لآخرين من أجل تحليل البيانات سيكون مجال عمل مزدهر وكبير أيضًا.

شركة «أمازون»، مثلا التي فاجأت «وول ستريت» أخيرا بالتصريح بأن مبيعات أجهزة الكومبيوتر الخاصة بها على الإنترنت أصبح مجالا قيمته 5 مليارات دولار، ومربح أكثر من باقي أنشطة الشركة، بدأت في بيع وسائل تحليل بيانات كجزء من الخدمات التي تقدمها. أما شركة «مايكروسوفت»، التي استثمرت مليارات الدولارات لسنوات طويلة في تقنيات تعلّم الآلات، فقد عرضت الصيف الماضي تقديم خدمة يمكن للآخرين استئجارها على سحابة «مايكروسوفت». وفي محاولة للحاق بها، وضعت شركة «آي بي إم» «واطسون» وهو جهاز كومبيوتر يجيب عن أسئلة برنامج مسابقات «جيوباردي» على السحابة ليتاح للآخرين استخدامه.

ربما ما نراه هنا هو تكرار لما حدث في مجال البحث على الإنترنت، أي البحث عن الأنماط والأنساق في هذا العالم الرقمي. ومن أسباب فوز «غوغل» بهذا المجال هو الاستثمارات الضخمة التي ضختها تقريبا في كل جانب من جوانب علوم الكومبيوتر، إلى أن تمكنت شركة «مايكروسوفت» من اللحاق بها. وسيكون لدى الشركات الضخمة، التي تعمل في مجال علم البيانات، في عالم يعج بالمستشعرات خبراء في غموض علم الإحصاءات، وعلوم الكومبيوتر، والشبكات، واللغة البصرية، وأنظمة قواعد البيانات، وغيرها من التخصصات. وهناك طلب كبير بالفعل على خريجي تلك التخصصات.

ولم يعد تحليل البيانات مسألة مهارات تتعلق بالكومبيوتر، فالدخول على البيانات لا يقل أهمية. وبوجه عام، فكلما كانت مجموعة البيانات، التي تمتلكها شركة ما، أكبر وأكثر ثراء، كانت توقعاتها أكثر دقة. وإذا حصلت شركة «جنرال موتورز» على الكثير من البيانات الخاصة بكيفية استخدام الناس للإضاءة، سوف تتمكن من تأسيس أنظمة إضاءة أفضل المرة القادمة. وتستطيع سيارات «غوغل» تنزيل برامج كومبيوتر جديدة تطور أدائها على أساس ما يتعلمونه. وتستطيع «أمازون» بيع برامج إحصائية، لكنها قد تمتلك أيضا معرفة لا تقهر بسلوكيات التسوق على مستوى العالم.

 

* التعلّم العميق

وقال مايكل تشوي، شريك في معهد «ماكنزي العالمي»: «تقوم الكثير من التقنيات على امتلاك عدد كبير من أجهزة الكومبيوتر والكثير من البيانات. إذا كنت ستعمل على نطاق واسع، ستحتاج إلى الكثير من الأصول والوسائل المساعدة». هل يعني هذا أن وسائل الحساب بالكومبيوتر، التي كان من المفترض أن تمنحنا القوة والسيطرة، سوف تزيد الشركات الثرية ثراء؟ يعتقد تشوي أن الكثير من التحليل، مثل التحليل في مجال الفضاء الخارجي أو الزراعة، سيتطلب أيضا معرفة تخصصية لما تعنيه البيانات المهمة وكيفية استغلال الأنماط الجديدة. وأضاف: «سوف تتحسن الوسائل والأدوات وهذا من شأنه أنه يرفع المعايير ويزيد التوقعات، لكن ستظل هناك حاجة إلى معرفة المجال والنشاط».

وقال جيريمي هوارد، عالم بيانات أسس شركة علوم بيانات طبية باسم «إنليتيك»، إن هناك مجالا ناشئا من تحليل الكومبيوتر يعرف باسم «التعلم العميق» سوف يطيح بالمجالات الأقدم. وفي الوقت الذي التقطت فيه كل من بوابتي «فيسبوك» و«غوغل» الخبراء المختصين في مجال التعلم العميق، على حد قول هوارد، فإنهما «استثمرتا كثيرا في مجالات الكومبيوتر التقليدية. إنهما مثل (كوداك) في مجال التصوير الفوتوغرافي».

ويتفق هوارد مع رأي تشوي بشأن التخصص، حيث قال إنه يعتقد أن الطرق الجديدة تتطلب الفهم الجيد لمجالات محددة من العمل. بطبيعة الحال من الممكن أن يكون الأمران صحيحين، فالشركات الكبيرة مثل «غوغل» و«أمازون» سوف يكون لديها كثير من العمل في تحليل بيانات السلع، وسوف يجد المتخصصون فرص عمل مناسبة لهم. ويعني هذا لأكثرنا أن الحل في المستقبل سيكمن في معرفة كيفية طرح الأسئلة الصحيحة.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً