تمر بنا في الحياة الكثير من المواقف الصعبة والآلام والأحزان، كالأفراح واللحظات السعيدة تماماً، ولكن ولأن المواقف الصعبة قد تصيب بعضنا بالجزع تبقى في الذاكرة ويبقى التركيز عليها دون لحظات الراحة.
كلما أصاب امرأً ألمٌ او عارض شعر أن الدنيا اسودّت في عينيه وأنه لا يمتلك حظا وافرا من الحياة وبقي في انتظار المصيبة القادمة، وكأنه يقول للألم تعال فيجيء إليه طائعاً، برغم أن كل ذلك مقدر من لدن جليل رحيم يدرك مقدرة كل فرد منا ويدرك كيف ستكون ردة فعله تجاه ما آتاه من ضيق أو سعة، فإذا ضاقت كل الحلقات واستحكمت فرّج الله هم وضيق صاحبها.
ولعل القصة التي رواها استشاري وجراح أمراض القلب الدكتور خالد بن عبدالله الجبير، خير دليل على صبر بعض البشر ليقينهم بأن الله لا يخبئ لهم إلا السعادة والفرج، إذ قال: أجريتُ عمليةً جراحيةً لطفلٍ عمره سنتان ونصف، وبعد يومين أصيب بنزيفٍ في القصبة الهوائية وتوقف قلبه لمدة 45 دقيقة فأخبرتُ أمه بأن ابنها قد توفي دماغياً، فردت عليّ: الحمد لله! ودعت الله أن يشفيه إن كان في شفائه خير. وبعد 10 أيام بدأ ابنها يتحرك، لكنه أصيب بذات الحالة بعد 12 يوماً، فكان جواب الأم نفسه حين أخبرتها بوضعه الصحي، وذهبت لتقرأ له آيات من القرآن الكريم من غير نواحٍ أو بكاء، وتكرر هذا المنظر 6 مرّات. وبعد شهرين ونصف، وبعد أن تمّت السيطرة على نزيف القصبة الهوائية أصيب بخرّاج في رأسه لم أرَ مثله، ولم تكن حرارته تنخفض عن 41 درجة. حينها ذهبت للأم لأخبرها أن ابنها قد يموت في أية لحظة فأجابتني بالجواب نفسه: الحمد لله، اللهم إن كان في شفائه خير فاشفه يا رب العالمين. وبالفعل تشافى ابنها من هذا المرض لكنه أصيب بفشل كلوي كاد يقتله، وكان جوابها نفسه، كما حدث حين أصيب بعد 3 أسابيع بالتهاب شديد في الغشاء البلوري حول القلب، وصديد لم أرَ مثله، ففتحت صدره حتى بان قلبه ليخرج الصديد. وبعد 6 أشهر ونصف خرج ابنها من العناية المركزة لا يرى ولا يتكلّم، ولا يسمع، ولا يتحرّك كأنه جثة هامدة وصدره مفتوح، وقلبه يُرى إذا نُزِع الغيار، ومع كل هذا لم تغيّر جوابها أبداً ولم تسألني عن حال ابنها. لكن وبعد شهرين ونصف خرج ابنها من المستشفى يسبقها ماشياً سليماً معافى، كأنه لم يُصب بأذى.
وبعد سنة ونصف جاءت المرأة نفسها ومعها الطفل نفسه وزوجها وطفل آخر، فسألت ممازحاً عن الطفل الصغير: هذا الطفل رقم 10 أم 12؟ وكم فوجئت بما سمعت؛ إذ اكتشفت أن مريضي جاء لأبويه بعد انتظار 17 عاما ومع ذلك لم تجزع الأم من كل ما أصاب طفلها!
لا يخذل الله عبداً يلجأ إليه أبدا، ولابد أن يوفى كل صابر خيراً. وكل ما نحتاج إليه هو النظر بعينٍ لا تعتمد على رؤية كل شيء باللون الأسود، وبعقلٍ واثقٍ من الخلاص من أية حالة سلبية، لأنها ستكون حتما وسيلةً للوصول إلى الخير دائما ولعبور خضم الآلام والمواقف الصعبة والوصول لساحل النجاة والراحة، وقديما قال الشاعر:
دع المقادير تجري في أعنتها
ولا تنامنّ إلا خالي البال
ما بين طرفة عين وانتباهتها
يغير الله من حال الى حال
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4648 - الجمعة 29 مايو 2015م الموافق 11 شعبان 1436هـ
الحمد لله
ذكر الله هو منهاج حياة متكامل ، وليس مجرد كلمات تحرص على عددها أكثر من معناها !
قد تكون طريقاً لتلك الحياة التي تطمئنّ فيها القلوب ..
تحياتي لك
سلمت
سلمت اختي فعلا هذا هو الايمان الحقيقي بالله
رائع
لا فض فوك طالبتي العزيزة سوسن مقال رائع يبعث الطمأنينة في النفس
خُلوّ البال !
مقال فتّان من لدُن قلمٍ فنّان مسراه نثر مسربل بجمال، و مأواه شعر منغّم و خيال ، في النثر تفصيل و بيان ، و في القريض إجمال و جُمان . و لشدّ ما راقني الشعر سيّما صورةَ المقادير الآخذة في التماثل مع السابحات من الأفراس مُرسَلَة أعنّتها جامحة خطواتها نكاد أن نسمع وقع سنابك حوافرها ، دونما كابحٍ يَحدّ من انطلاقها ، أو فارس يُهدّىء من غلوائها ، تكرّ و تفرّ ، ثم تُقبل فتُدبِر معا ، كلّ هذا مقابل ابن آدم الذي دُعي إلى أن ينعم بوداعة و هدوء بال و راحة منام .
يا سلام
مقال رائع اشعرنى بالراحه والطمانينه
مقال رائع
جزاش الله خير أختنا سوسن على هذا المقال الرائع.
الله كريم
علينا ان نشكر ربنا في جميع الاحوال في السراء والضراء، وعلينا ان نتذكر غيرنا من هم يمرون بحالات أسوء منا ونحمد الله على النعمة التي نحن فيها،وكل من يمر بحالة ضيق عليه ان يكون قريبا من الله تعالى وان يردد ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
اللهم اشف كل مريض، اللهم رد كل غريب، اللهم فك كل أسير، اللهم اشبع كل جائع، اللهم اكسو كل عريان، اللهم زوج كل أعزب، اللهم ارزق كل صابر من فضلك، اللهم اقض حوائج المؤمنين والمؤمنات في الدنيا والآخرة، اللهم غير سوء حالنا بحسن حالك وثبت قلوبنا على دينك ما احييتنا
الحمد لله
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه