تتأثر المرأة السورية واللبنانية والفلسطينية بشكل كبير من العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس. وقد أكدت التقييمات الجديدة أن العنف المنزلي والتحرش الجنسي والاستغلال بالإضافة إلى الزواج القسري والمبكر، يبقى من شواغل الحماية الرئيسية للنساء والمراهقات.
غير أن الصراع السوري زاد الطين بلة.
في التقرير التالي تلقي الزميلة مي يعقوب الضوء على هذه المشكلة من خلال جولة ممثلة الأمين العام الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في الصراعات المسلحة، زينب بانغورا، على لبنان. التفاصيل فيما يلي:
رفعت تداعيات الصراع السوري على البلدان المجاورة من نسب الاستغلال الجنسي، خاصة في حالات الفتيات غير المصحوبات من ذويهن وربات الأسر اللواتي يعلين الأسرة بمفردهن، والنساء من ذوي الإعاقة.
في هذا السياق، انطلقت ممثلة الأمين العام الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في الصراعات المسلحة، زينب بانغورا، إلى منطقة الشرق الأوسط للوقوف على بينة من وضع النساء والفتيات المتأثرات بالصراع السوري. لبنان كان إحدى المحطات من بين البلدان الخمسة التي زارتها بانغورا في المنطقة.
ومن بين الأماكن التي جالت عليها بانغورا في لبنان، كانت مراكز الإيواء غير الرسمية حيث التقت باللاجئات السوريات واستمعت إلى مشاكلهن ومطالبهن بالإضافة إلى مراكز لمساعدة النساء ودعمهن بما فيها مركز "إنترسوس" حيت تمكنت من التعرف عن قرب على الخدمات المقدمة والحديث إلى ممثلي منظمات الأمم المتحدة المعنيين بمكافحة العنف الجنسي، بمن فيهم لورينزا ترولي، منسقة فريق العمل المعني بالعنف القائم على نوع الجنس لوكالات الأمم المتحدة العاملة في لبنان: "الطريقة التي نقدم بها الخدمات للمجتمع محايدة للغاية. نحن نقول للنساء، يمكنكن المجيء إلى هنا، حيث ستتعلمن أشياء جديدة، وتتواصلن مع زملائكن، وذلك بطريقة لا تثير حفيظة الرجال على الإطلاق ولا تهدد النساء أنفسهن، لأنهن سلامتهن هي الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لنا."
هناك استراتيجيات أخرى تتبعها المنظمات الأممية مثل اليونيسف وهي خلق مساحات صديقة للطفل حتى تتمكن النساء من القدوم مع أبنائهن وتتمكن المراهقات من اصطحاب أشقائهن الصغار.
وفي حديثها مع الممثلة الخاصة أكدت لورينزا أن النساء لا يفصحن بسهولة عن الانتهاكات التي تعرضن لها. مما يجعل عمل الوكالات صعبا ودقيقا للغاية: "شيء آخر مهم وهو أن الإفصاح عن العنف هو واحد من أصعب الأشياء بالنسبة للمرأة. نحن بحاجة إلى هياكل مثل هذا المركز حيث يمكن للمرأة أن تأتي وترتاح، لأن الإبلاغ عن العنف يستغرق وقتا طويلا. قد يستغرق أكثر من شهر لتضع المرأة ثقتها في العاملين الاجتماعيين بالمنظمة، ومن ثم لتصبح المرأة قادرة على القول "نعم هذا ما يحدث لي"."
وتحاول الوكالات الأممية اللجوء إلى العديد من الوسائل للتواصل مع النساء والفتيات، بما فيها مراكز الرعاية الصحية الأولية. ولكن هناك أيضا مراكز التنمية الاجتماعية، كما شرحت جيهان لاتروس، خبيرة العنف الجندري في مكتب اليونسيف بلبنان: "هناك أيضا مراكز التنمية الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية. ولدى الوزارة شبكة تضم أكثر من 200 مركز في أنحاء البلاد. وهناك خطة لدعم 57 من هذه المراكز ومنح موظفيها المهارات اللازمة لتقديم الخدمات للنساء والفتيات في المجتمعات الأكثر ضعفا، بما فيها مراكز الإيواء غير الرسمية، والملاجئ الجماعية، والبلديات التي نعمل معها قدر الإمكان وكذلك المدارس، من أجل تنويع، قدر الإمكان، وسائل الاتصال بالمجتمعات المحلية."
لا يزال التواصل مع اللاجئات واحدا من أكبر التحديات، حيث يوجد في لبنان 1700 بلدية بها لاجئون وهي منتشرة في جميع أنحاء البلاد. وبالنسبة للمنظمات الأممية، يعتبر الوصول إلى كل منها عملا معقدا وواسع النطاق ويتطلب موارد وموظفين للنقل. وتحاول المنظمات حاليا توسيع نشاطها بقدر المستطاع لأنه لا توجد طريقة أخرى للوصول إلى النساء والفتيات غير تقديم الخدمات لهن.
وقالت جيهان لاتروس:"نحن نحاول أيضا الوصول إلى اللبنانيين، لأن اللبنانيين الضعفاء بحاجة أيضا إلى هذا النوع من الخدمات. قبل الأزمة، كانت الخدمات نادرة جدا. لذلك من المهم جدا أيضا ألا نجتذب فقط النساء والفتيات السوريات ولكن أيضا نساء المجتمع المضيف. وهذا تحدٍ كبير نواجهه."
غير أن لورينزا ترولي، منسقة فريق العمل المعني بالعنف القائم على نوع الجنس في لبنان، أشارت إلى تقدم في مجال توفر الأطباء الذين يقدمون التدابير السريرية والعلاج في أعقاب الاغتصاب، موضحة أنه حاليا هناك حوالي 20 منشأة في البلاد تقدم هذا النوع من الخدمات. وبذلك يكون فريق العمل الأممي قد قطع شوطا لا بأس به... غير أن الطريق مازالت طويلة..