أغلب الأديان طرحت هذه الفكرة «معتقداتنا تحدّد تصرفاتنا وسلوكنا»، ومنذ الأزمنة الغابرة تناول البشر هذه المقولة «الحياة هي انعكاس لأسلوب التفكير»، والعلم الحديث تناول تطور «منهاج التفكير» الذي يحتاج إلى العديد من العوامل الداخلية «الذاتية» والعوامل الخارجية.
هناك العديد من الأشخاص يعيشون حياتهم ويتعرضون لمواقف صعبة جداً، وهذا قد يؤدّي إلى التعقيد في مراحل تطور «منهاج التفكير»، ما ينعكس «إيجاباً أو سلباً» على سلوكياتهم وتصرفاتهم، لذا وجب أن نعي التفرقة بين «السلوك/ التصرف» و»الإنسان/الفرد».
إن «الإنسان/الفرد» حتماً أكبر من تفكيره وجسده «السلوك/ التصرف»، وحدوث الألم أياً كان مصدره، يتجسد في صورة سلوكيات سلبية، وبالتالي فإن فكرة تجاهل هذا «الإنسان/ الفرد» الذي صدر منه هذا «السلوك/ التصرف» السلبي، والذي يقابله بالتوازي، تطوير قوتك الداخلية باتباع مسلك تجاهل هذا «السلوك/ التصرف» عن طريق التركيز على التفكير الإيجابي داخل ذهنك، تجسدها بشكل عملي في الابتسامة، أو الصلاة والدعاء، أو المحافظة على الشحنات والطاقة الإيجابية بداخلك، وهو محور هذا المقال.
نطرح هنا وبشكل مبسط جداً، بعض «السلوكيات/ التصرفات» لدى الآخرين، التي وجب أن نتعرف عليها ونعيها ذهنياً من أجل تجاهلها، تطبيقاً للفكرة المذكورة أعلاه، مثالاً: أولاً التصرفات الدرامية؛ ثانياً التصرفات المذلة أو الحاطة بالكرامة تجاهك وهذا يتمثل في سماع رأي الآخرين فيك أو افتراضاتهم تجاهك؛ ثالثاً التلاعب بالعواطف من قبل الآخرين تجاهك؛ رابعاً العناد والتصلب في الرأي الذي يتكوّن عادةً في المراحل الأولى من عمر الطفل نتيجة النزاعات العائلية والتجارب السلبية التي يعايشها الطفل؛ خامساً نفاد الصبر والذي قد يتمثل في السلوك المتوتر نتيجة التأخير في عمل ما أو الانفعالات الحادة وما يصاحبها؛ سادساً الانزعاج والغضب من سلوكيات الآخرين تجاهك؛ سابعاً وأخيراً نقد الذات أو «جلد الذات» المستمر وبالشكل والمضمون الخاطئ، لأن هذا الفعل لا يحدّد أو يعرّف هويتك الداخلية الأصلية لأن عيوبك هي جزء من شخصيتك وتربيتك وتجاربك على مر السنين، وأن الكمال هو خرافة وليس حقيقة واقعية، لأن الكمال لله سبحانه وتعالى فقط وليس للإنسان.
والآن وبعد التطرق لبعض «السلوكيات/ التصرفات» السلبية، والتي حتماً ستحدث لك وستعايشها يومياً، وجب ذكر بعض الآليات والإرشادات التي تحتاج إلى تدريب من أجل تطبيقها بوعي، لعدم الدخول في متاهات سلب طاقتك الإيجابية والتي قد تؤدي إلى مسلكيات وتصرفات قد لا تحسد عليها. وهنا نذكر بعضها.
أولاً: كن خير مثال للتواصل والتعبير عن نفسك وآرائك بشكل سلمي وابتعد عن التصرفات الدرامية.
ثانياً: تحلّ بالثقة بالنفس والإيجابية رغم قباحة وسوء الحدث الذي يصادفك.
ثالثاً: تحلّ بروح اليقظة والحذر الواجب من أن يتلاعب الآخرون بعواطفك وأحاسيسك الحقيقية.
رابعاً: الإبتعاد عن روح العناد السلبي والتحلي بروح التفهم الإيجابي للمواقف المفاجئة.
خامساً: التحلي بالأخلاق العالية والأدب في ردودك وتصرفاتك مع الآخرين، وتفادي الحوارات الجدلية البيزنطية.
سادساً وأخيراً: محاولة السيطرة على الانفعالات الغاضبة وذلك باتباع تقنية تنظيم التنفس العميق، وتقنية تهدئة النفس والأعصاب كترديد كلمة «إهدأ»، مع إغلاق العينين واسترخاء الجسد بالتزامن مع تنظيم التنفس.
حتماً الفكرة تحتاج إلى مزيدٍ من البحث والتمعن والتدريب التدريجي المتواصل، لكي تصبح «نمط حياة»، والنظر في المسلكيات الإيجابية واتباعها، ومن أجل التعرف على المسلكيات السلبية وتجاهلها للحفاظ على صحتنا الذهنية والوجدانية والجسدية، ولنعتبر من قول الله تعالى: «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا» (سورة التوبة، 51).
للتذكير: شاركونا أطفالاً وكباراً، نساءً ورجالاً، فعالية المشي في يوم الناجين من السرطان من أجل مساندة المحاربين للمرض لرفع روحهم الإيجابية، مساء الجمعة 5 يونيو 2015 من الساعة 7:30 مساءً في مضمار نادي الشباب على شارع البديع.
إقرأ أيضا لـ "نبيل حسن تمام"العدد 4628 - السبت 09 مايو 2015م الموافق 20 رجب 1436هـ
موضوع مهم في زمن مناسب
فعلا كلام سليم و دقيق و مفيد . أتمنى أن نسير على هذا النهج ليصبح نمط حياة منتشر في مجتمعاتنا ، شكرا لك دكتور .