هل تطبيق قانون الحد من التدخين في الأماكن العامة يعتبر صحيحاً أم لا؟ هذا السؤال لطالما تم تداوله بين الأوساط المجتمعية وبأن التدخين هل يعتبر حرية شخصية أم لا؟. قمت بنفسي بطرح هذا السؤال على عدد من المدخنين وغير المدخنين. لقد تفاجأت بالإجابات واستغربت من بعضها، حيث كانت مغايرة للواقع.

بعض المدخنين قالوا فعلاً يجب علينا ألا ندخن في الأماكن العامة والخاصة، وذلك بسبب الأذى الذي يلحق بالناس جراء التدخين وبأنهم هم أنفسهم متضررون من التدخين ولا يريدون أن يضروا غيرهم.

في الناحية المقابلة فإن فئة قليلة منهم اصروا بأن هذه حرية شخصية ولا يجب منعها شأنها شأن اللباس حيث إن كل شخص له مطلق الحرية أن يلبس أي لباس يراه مناسباً. انتقلنا لسؤال غير المدخنين وقالوا إنه يجب منع التدخين في الأماكن العامة والخاصة، لأن هذا الشيء غير سليم ويؤذي أطفالهم في المقام الأول ويجب عليهم أن ينظروا بعين الاعتبار للصالح العام.

كما ترون بأن أغلب الآراء انصبت بأن التدخين لا يجب أن يكون مفتوحاً للعوام ويجب أن يكون حكراً في أماكن معينة حتى لا تنتشر هذه الظاهرة وأيضاً تؤثر صحياً واجتماعياً على المجتمع.

في هذا السياق، يطرح سؤال مهم للمدخنين أنفسهم الذين أجابوا بأن هذا القانون يقيد الحريات الشخصية: ما هو شعورك عندما ترى طفلاً صغيراً واقفاً في وسط المجمع التجاري ويدخن السيجارة؟ ما هو شعورك عندما ترى أباً حاملاً طفله على يده الأولى ويدخن باليد الأخرى؟ ما هو شعورك وأنت ترى امرأة حاملاً وتدخن سيجارة في غرفة الانتظار في المركز الصحي؟ ما هو شعورك وأنت ترى أباً في سيارته ومعه زوجته وأطفاله وهو يدخن؟ هل يعتبر هذا السلوك متحضراً أو لا؟

طبعاً من خلال خبرتي لا أعتقد بأن أي مدخن سوف يؤيد السلوكيات السابقة، حيث إنه في قرارة نفسه سوف يعترف بأنه هذه التصرفات لا تنم عن مسئولية الشخص ويجب عليه أن لا يمارسها وأن يحد منها. فمن هذا المنطلق، جاء قرار المنع في المصلحة العامة بعد سنين طوال ودراسات مستفيضة لهذه المشكلة، حيث تم منع التدخين بكل أشكاله في الأماكن العامة والخاصة.

ونود أن نلفت عنايتكم بأن أي قرار يصدر من منظمة الصحة العامة من شأنه المصلحة العامة يأتي بعد أخذ رأي المجتمعات بكل أشكالها وأيضاً بناء على دراسات أوصت بها، حيث إن مثل هذه القرارات يجب أن تساند من قبل المجتمع حتى يتم تطبيقها بشكل سلس ولتفادي ردة الفعل غير المرغوبة من المجتمع.

نصيحة ذهبية للمدخنين قبل أن تشعل السيجارة، تمهل قليلاً وأمسكها بين يدك وتأمل بها. لو كانت هذه السيجارة هي السبب الرئيسي في جعلي منبوذاً بين الناس وأتحمل المشقة في سبيل تدخينها وذلك في الوقوف خارجاً في الحر أو البرد، هل أستمر في تدخينها ؟ هل تتحمل عصبية الناس واشمئزازهم عندما يشمون رائحة الدخان؟ مجرد تساؤلات سوف أكون شاكراً لكم عند الرد عليها.