بتاريخ 25 سبتمبر/ أيلول 2002، كتبت مقالا بعنوان «امنعوا الكارثة» في احدى صحفنا المحلية. بعد أسبوع، وذلك بعد أن تبين أن قرار مقاطعة الانتخابات النيابية من قبل جمعيات لها ثقلها الشعبي لم يكن مناورة سياسية كما اعتقدت، وتناولت فيه تحديدا ثلاث نقاط أولها التحذير من خطورة الأزمة التي كنت أتمنى ألا نقع فيها بسبب ما عبرت عنه بتصلب الموقف الرسمي بشأن التعديلات الدستورية، وقرار عدم المشاركة في الانتخابات من قبل الجمعيات المقاطعة. فالانتخابات لم تؤجل كما طالب البعض، ولم تفشل بدرجة تجبر الحكم على التراجع ولم تنجح أيضا بما يكفي لتجاوز الأزمة.
عدد منا توجه لجميع الاطراف لانقاذ الموقف، وكانت هناك مساع خيرة لحلحلة الوضع وكان هناك من تحدث عن خطة طوارئ تتضمن أربعة بنود كالآتي:
أولا: أن يستدعي جلالة الملك رؤساء كل الجمعيات السياسية ويطلب منهم إعداد قوائم من أعضاء جمعياتهم ليتم اختيار عدد من كل جمعية يتناسب وعدد أعضائها لعضوية مجلس الشورى.
ثانيا: تقوم الجمعيات السياسية باختيار 40 عضوا الأنسب من المترشحين، وتتبنى دعمهم بعد إعلان قبول الجميع المشاركة في الانتخابات.
ثالثا: يؤسس صندوق تعويضات لتعويض من يرغب من المترشحين الآخرين في سحب ترشيحه.
رابعا: يعاد النظر في التعديلات الدستورية وفق ما يقرره المجلس الوطني بغرفتيه.
وحديثا تم تقديم ورقة تقترح حلا للأزمة من خلال مجلس الشورى، وأشار مقال محمد العثمان المنشور في «الوسط» بتاريخ 9 ديسمبر/كانون الأول 2003، وما أورده استنادا إلى مصدر مقرب من دوائر القرار إلى أن هناك اتجاها للتعاطي مع اقتراحات حل الأزمة من خلال التغيير في تركيبة مجلس الشورى في الدورة الانتخابية المقبلة، وتذكرت مثلا شعبيا يتردد في بيئتنا في المحافظة الشمالية ونصه «صبري يا حريقة سار لين ايجيش ماي لحنينية»، ولعل في الأيام المقبلة مستجدات تتطلب كشف المزيد.
ورب قائل يقول ما الذي دعاني للحديث عن هذا الموضوع، فقد كنت مقاطعا ثم مرشحا، مع ملاحظة أن جميع من ترشحوا للانتخابات النيابية ولم يوفقوا انسحبوا من الحياة السياسية باستثناء بعض رؤساء الجمعيات السياسية. والجواب ببساطة في أبجديات العمل السياسي، فالمبادئ ثابتة، أما المواقف فمتغيرة بحسب ظروفها، وهذا ما يميز السياسي الملتزم عن السياسي بالمصادفة، فقد كنت مقتنعا تماما بإعلان موقف المقاطعة كمناورة حتى استوفى وقته وشروطه، وبالدرجة نفسها وأكثر قناعتي بأهمية المشاركة، وأعتقد تماما بأنها ضرورية كضرورة المقاطعة، فالسياسة في كل حالاتها يمارسها عادة البشر
العدد 462 - الخميس 11 ديسمبر 2003م الموافق 16 شوال 1424هـ