هناك البعض في دولنا الخليجية والعربية، ممن يُدَثِّر عقله وقلبه، وقلمه ولسانه، ليحيل الإيمان كفراً، والكفر إيماناً، ويغيّر معاييره من الضد إلى الضد، حسب حاجة الزمان والمكان، فيصمت أو ينشغل عن حال أهل بلاده، إن أصابهم من السلطات المحلية أو حلفائها الإقليميين والدوليين، أي أذى أو تمييز. فهو في هذه الحال، يؤمن بالسلطة السياسية الحاكمة المحلية في بلاده، حدّ التأليه، طالما هي السلطة الحاكمة، تملك المنح والمنع، فلا يجد لديها من ممارسات، ما يستثير نقده، ويحفّزه على التضامن، مع المغلوب على أمره من مواطنيه. وبوصلته في ذلك، المسموح والممنوع الذي تعلنه هذه السلطات، ودليله للرأي والموقف، ما تبثه وسائل إعلام الدولة الرسمية، وحسابات وزاراتها وإداراتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً تلك المعنية بالتصدّي للحراكات الشعبية، وللمطالبات الإصلاحية.
فأول أساسات فكر هذا البعض، هي التمسك بما هو قائم، والبعد هرباً إلى المريخ، عن تحميل السلطات القائمة أية مسئولية، وإن لاح منه مطلب، فإنه يترجّاه من مانعه، أي السلطات، عبر هرطقات نقاشية، ليطلب إضافة النص إلى النصوص الأخرى غير المعتبرة، من قبل السلطات بالتطبيق والتنفيذ، مثلها مثل النصوص الدستورية والقانونية، فهو يرى جلّ الحلول لأسباب قصور السلطات، في تأدية واجباتها تجاه المواطنين، أو سلوكها التمييز ضد بعضهم، وسيلتها النص، متغافلاً بذلك عن القيمة النصية القائمة، الفاقدة للقيمة والأثر، بفعل السلطات.
فهوية هذا البعض السياسية، ومواقفه الحقوقية والإنسانية، تحمل عدة أوجه ومفاهيم ومعايير، تتناقض واحدتها التي تختص بالوطن، مع تلك التي تختص ببلد من بلدان العالم الأخرى. ففي حين يستنكر على مواطنيه مطالبتهم بالحرية والعدالة والمساواة، من حيث رؤيته ومرامه، في عدم التمكين لدولة إقليمية بعينها، تراه يجلجل بالمساندة والتأييد، للمطالب ذاتها لدى شعب بلاد أخرى، تحت ذات الرؤية والمرام في عدم التمكين لتلك الدولة الإقليمية أيضاً! فهو ليس مع الحرية والعدالة والمساواة للشعوب، بقدر ما هو ضد تلك الدولة الإقليمية بالذات، وهي عقدته التي سنرى لاحقاً أسبابها.
وهكذا يُفَصِّل هذا البعض مواقفهم تجاه قضايا الشعوب، لا بحقوقية المطالب، وشرعية وجوب تحقيقها، لشعبٍ هنا وشعبٍ هناك، ولكن يرون شرعيتها وعدم شرعيتها، من خلال الربح والخسارة لهذه السلطة أو تلك، حسب ميل مزاجهم السياسي إلى جانب هذه السلطة أو ضد تلك، أما الشعوب، فليست هي إلا مطية لمآربهم السلطوية.
وإلا فكيف يأنف هذا البعض مطالب شعب بلاده، ويؤازر السلطات ضدها، في حين يجمع التبرعات ويجهّز الغزاة في البلاد الأخرى، وصريح القول منهم أن نصف الشعب هنا مشكوكٌ في دينه، والشعب هناك صحيحٌ دينه، والشك في دين السلطة الحاكمة، هذا هو صريح قولهم، أما صحيحه، فإنهم سلطويون حتى النخاع، حيث بقاء تمييزهم ضد الآخرين قائمٌ ما قامت السلطات.
لذا تجدهم ينقادون ليس كما الأنعام، بل بالقرار، ليُعَظِّموا مواقف السلطات ويروّجوها، ولشدة الخوف، يعتقدون أن السلطة لن تمسّهم، إذا تبرأوا مما وممن تبرأت هي منه، سواء محلياً أو إقليمياً أو دولياً، إلى درجة أن واحدهم يرى في أصله ربما لجدّه المئة، بحكم صلات الإسلام وتعاليمه، فيخشى ملامة السلطات جراء ذلك، فتراه يَجِدُّ في البحث في بحور الكذب والتلفيق وتزوير الأخبار، ما بين قنوات الصوت والفيديو، وحسابات التواصل المتخصصة في الإعلام المكذوب، عن ما يَعلَمونَه بالمنطق والتجربة، أنه كاذب، فيروّجونه ضد الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، بما يخدم السلطات، لعل وعسى أن يشفع لهم عندها، فيكونوا من المقربين.
فالحال هنا ليس خلافاً طائفياً مذهبياً، بل هو سياسي مغلّف بذلك، فمن الطبيعي في الحراكات الشعبية، أن تبدأها فئةٌ من المواطنين، ليلحق بها باقي الركب لاحقاً، ومن الطبيعي أيضاً، أن تختلف المجموعات السياسية حول السقوف المطلبية، ولكن ليس من الطبيعي أن تتحارب وتتكاره، إلى درجة أن يمتنع أهل مذهب، عن التواصل والحوار السياسي مع أهل المذهب الآخر، لتبدو الحال بالفرقة الطائفية، ثم يرضخ من امتنع، تلبية لأمر السلطات، بحضور الحوار الوطني، من أجل تحقيق الأجندة الرسمية، لإظهار الحراك بمظهر حراك طائفة، بتحريض من دولة إقليمية، أثبت تقرير بسيوني بخصوصه خلاف ذلك. ويستمر هذا البعض في الرواية ذاتها، ويبخسوا تاريخ نضالات شعب البحرين المطلبية السلمية، طوال عقود، ويبتسروا تاريخ البحرين السياسي، منذ الاستقلال العام 1971 وما قبله، في استجابة شعب البحرين للتحريض الخارجي.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4610 - الثلثاء 21 أبريل 2015م الموافق 02 رجب 1436هـ
الواضح كلشمش الجمعيات الدينية كلها طائفية وبمتياز 1410
وماذا يعني هي سياسية بس مغلفة بالطائفية هل هذا القول يقلل من شطر الوطن وتفتيت الحالة الاجتماعية وكيف نؤيد الدولة المدنية ونقف مع مايناقضها تماماً وننادي بالديمقراطية التي أصلها ليبرالي ونقف مع يقحم الدين والمذهب في السياسة وانت خير العارفين بكارثة هذا التدخل
مقال رائع جدا
(( خير الكلام ما قلَ ودلَ ))
نعم أستاذي الفاضل لقد وضعت النقاط على الحروف في مقالك الجدير بالشكر والتقدير
فالشمس لا تغطيها السحاب .... ونورها يكشف الظلام
ولكن هناك قوم ذُكروا في القرآن بآيه واضحه وهي "" ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وأبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ""
صدق الله العلي العظيم
هؤلاء
هؤلاء استادى المنافقين لايخافون الله من اجل مصالحهم يفعلوون اى شى حتى لو يطعم اولاده حرام عنده شى عادى قاتل الله الجهل
حقيقة انك
ليست كلمات نفاق حقيقة انك مواطن شريف بحريني اصيل لا من يلهث وراء المصالح والنفاق والمكياج والتجميل من باب المصلحة والوصول شكرا لك من الأعماق وربي يكثر من امثالك
بل الحال ليس خلافاً سياسياً، بل هو طائفي مذهبي مغلّف بذلك
لللأسف كنت أظن أنه كذلك؛ لكنه الآن كشر عن أنيابه وأبان عن نفسه، الجميع تحركه الطائفية؛ من ... إلى كرة القدم!
العجب منكم معشر الكتاب و الصحفيين و المثقفين، توجهون الكلام إلى من لا يملك الحل، و تهربون ممن تعلمون أنه يملك الحل و هم العلماء! فمتى تخاطبون العلماء وجهاً لوجه؟
شكراً استاذ يعقوب
كفّيتَ و وفّيتَ يا استاذ
مأساة البلد ليست طائفية بل مغلفة بها 0835
فالحال هنا ليس خلافا مذهبيا طائفيا بل هو سياسي مغلف بذالك وهذا المنطق الأعوج نطبق على جمعياتنا هي سياسية مغلفة بالطائفية وكذالك هي تطالب بالدولة المدنية وتكوينها ليس دينيا مذهبيا بل مغلف بذالك
العلمانية هي الحل
العلمانية و فصل الدين عن الدولة و منع قيام جمعيات سياسية طائفية و حظر تدخل رجال الكهنوت السنة و الشيعه من التدخل في الشأن العام هذا هو الحل الوحيد و لكن للأسف ما دام جمعياتنا التي تدعي العلمانية تتحالف مع جمعية سياسية تمثل فكر ولاية الفقيه فلن يتحقق هذا الشيء أبداً
من أروع مقالات اليوم
رائع رائع ،، سلمت أناملك أيها الشريف
أحسنت أخي الكريم وفقك الله يعقوب سيادي
كل ماقلته صحيح فمن ذكرتهم جوقة العميان
الحق واضح
كيف يأنف البعض مطالب الشعب !! هل تريد ان تقول ان لم تكن معي فأنت ضدي ؟ المطالب في البدايه كانت للجميع ولكن عندما اختلفت البوصله انفض المكون الآخر والسبب معروف وذكرته الدكتوره منيره فخرو ،، علينا ان نبدأ بجلد النفس ومراجعة الكثير من الاغلاط التي وقعنا فيها حتي نتمكن ان نوصل اصواتنا للداخل اولآ ثم نفكر للخارج،،شكرآ للوسط
عبد علي البصري (قل الحق ولا تسكت )
لان الساكت عن الحق شيطان اخرس , شكرا جزيلا لاخينا يعقوب سيادي فالموضوع جدا جميل ، فالبراميل المتفجره على البيوت والمنازل ليس مشروعه و الصوازيخ على البيوت الآمنه ليست مشروعه و وانتهاكات حقوق الانسان و تهديد امنه وأمانه ليس مشروع , والغريب أن بعض الطبقات الاجتماعيه سوى كانت دينيه أو سياسيه أو حقوقيه , نراهم يشروع الاجرام تحت مسميات شتى بعضها دينيه وبعضها فلسفيا .... يبقى الاجرام اجرام و الاصلاح اصلاح .