اتخذت منظمة الصحة العالمية لهذا العام شعار «من المزرعة إلى الصحن، احرص على سلامة الغذاء»، لما للغذاء من أهمية قصوى في ديمومة صحة الإنسان ووقايته من الأمراض. لقد بينت الإحصاءات الصحية بحسب منظمة الصحة العالمية أن هناك أكثر من مليوني وفاة سنوياً مرتبطة بتناول الغذاء غير المأمون، ومعظم تلك الحالات من بين الأطفال، إضافة إلى العلاقة المباشرة بين الغذاء الملوث بمختلف الميكروبات أو المواد الكيميائية وحدوث حالات تتراوح بين البسيطة، مثل الإسهال والنزلات المعوية والتي تصل في أقصاها إلى الإصابة بالسرطان.

إن الاهتمام بالتسلسل الصحي والسليم في مراحل اختيار وتخزين ونقل وإعداد وتجهيز وطبخ وتقديم الغذاء يمثل العامل الفارق في ضمان صحة ما يتناوله الإنسان يومياً من مكونات غذائية، بل وذلك ما يحافظ على القيمة الغذائية في أنفع حالاتها.

لقد أوصت منظمة الصحة العالمية في هذا المجال بخمس وصايا لضمان مأمونية الغذاء، وهى المحافظة على النظافة الشخصية والفصل بين الطعام النيء والطعام المطهو وطهى الطعام جيداً وحفظ الطعام في درجة حرارة مأمونة واستخدام المياه والمواد الخام المأمونة.

لقد ذهبت وأسهبت منظمة الصحة العالمية في بيان الاحتياطات الواجب اتباعها للإبقاء على الطعام في درجة حرارة مأمونة، منها عدم ترك الغذاء في درجة حرارة الغرفة لأكثر من ساعتين، ووضع جميع الأطعمة المطبوخة والقابلة للفساد في الثلاجة فوراً، والأفضل حفظها تحت درجة حرارة 5 مئوية والمحافظة على سخونة الطعام المطبوخ في درجة حرارة في حدود 60 درجة مئوية حتى موعد تقديمه وعدم اللجوء الى تخزين الطعام الى مدة طويلة حتى وإن كان في الثلاجة، وأخيراً عدم محاولة إزالة التجميد بالنسبة للطعام المجمد في درجة حرارة الغرفة، كل تلك الاحتياطات بسبب بسيط هو أن مقدرة الجراثيم على التكاثر في حالة التخزين في درجة حرارة الغرفة العادية، ولكن بإبقاء درجة الحرارة بين 5 و60 درجة مئوية يتباطأ أو يتوقف نمو تلك الجراثيم تماماً، ومع ذلك هناك أنواع من البكتيريا الضارة التي تبقى قادرة على البقاء حتى في ظل حرارة تحت مستوى 5 درجة مئوية.

إن ضمان منظومة غذائية آمنة هو ما وضعته دوائر الصحة العامة نصب أعينها عندما رسمت السياسات العامة للصحة الوقائية بشكل عام وصحة وسلامة الغذاء على وجه الخصوص، ولكن تبقى الشراكة المجتمعية العامل الحيوي والمحفز والدافع الأساسي في المضي قدماً في تفعيل الآليات والخطط والبرامج التي تعنى بالغذاء والصحة، وتبقى الشراكة المجتمعية كذلك وعلى الأصعدة كافة الحكم الأهم في تقدير وتقويم كفاءة ما يبذل من جهود في سبيل ضمان جودة وسلامة ما يصل إلى الموائد، ومنها إلى معدة الإنسان فهى بيت الداء والحمية هي رأس الدواء.

لقد اتخذت منظمة الصحة العالمية يوماً في العام لإبراز أهمية الغذاء وسلامته وهو يصادف يوم السابع من أبريل/ نيسان، وما نحتاجه هو تضمين السلوك الصحي السليم في غذائنا الذي نتناوله في ثلاث وجبات رئيسية على مدار اليوم الواحد وربما خمس وجبات عند البعض، ولنا في ذلك أن نعرف أن جانباً مهماً من صحة الإنسان ينبع مما تتعرض له أجهزة الجسم المختلفة وعلى رأسها الجهاز الهضمي من وجبات ومكونات غذائية تتفاوت جودتها من حين لآخر ومن مكان إلى آخر وتبقى معرفة ما نأكل ومتى نأكل وكيف نأكل وكم نأكل هي ما تحدد صحة وسلامة أبداننا.

نخلص مما سبق أن المعرفة والثقافة الصحية أحد أهم وأبلغ وسائل الوقاية من الأمراض والاعتلالات، وهو ما يعرف في وقتنا الحاضر كأحد تطبيقات اقتصاد المعرفة التي تسعى إليه الأنظمة الصحية في موجة جديدة ومتصاعدة من التطور والتحديث والإبداع في الخدمة الصحة.