تعقيبا، وتأييدا لما اثاره رئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري في عددها 452 بتاريخ 2 ديسمبر/ كانون الأول 2003 بشأن الدعوة التي ستقدمها وزارة الاعلام للنيابة العامة ضد جمعية الوفاق بمناسبة عرضها الأول لمسرحية «أبوالعيش»، وتدخل جلالة الملك بايقاف الدعوة. فمنصور الجمري ذكر فرضيتين لسبب الايقاف، وهاتان الفرضيتان متداخلتان في رأيي، فالفرضية الأولى ان سبب الايقاف دليل على قدرة «جمعية الوفاق الوطني الاسلامية»، والفرضية الثانية هي «الشارع الشيعي» فمعظم شباب الشارع الشيعي منتسب إلى جمعية الوفاق، فاذا ما استدعي رموز الوفاق من قبل النيابة العامة فستكون هناك مواجهة بين الشباب وبين وزارة الاعلام والقضاء، وهذه فرصة ذهبية كما ذكر الجمري للشباب للتنفيس عن الاحباط الذي يعاني منه الشباب العاطلون عن العمل، فتعود الحوادث إلى مجراها التي اكتوت بها البحرين حكومة وشعبا، فنالت هذه الحوادث جميع القطاعات الاقتصادية، والتعليمية، والاجتماعية، وسيكون الخاسر الوطن، وليس لدى كثير من الشباب ما يخسره، ولكن العقل البصير تدخل في حل هذه المشكلة قبل ان تطل برأسها على حوادث لا يعلم نتائجها إلا الله. فالملك قلّب الأمور، ودرس النتائج دراسة مستفيضة عما تؤول إليه مثول رموز الجمعية امام القضاء، فقد وجد جلالته ان قرار هذه الازمة يكمن في استخدام العقل والحكمة، بدلا من سل السيف والسوط، وبذلك فان قراره جاء على عكس ما قاله أبوتمام: السيف اصدق أنباء من الكتب.
وقراره هذا امتداد للقرارات الجريئة التي اتخذها حين اعتلى سدة الحكم في البلاد، وقد وجد ان استمرار استخدام القوة، ليس في صالح البلاد والعباد، وقد لمس جلالته عندما فتح ذراعيه لشعبه بالحفاوة والترحيب، بل الحب الصادق من لدن الشعب، وحمله على الاعناق في زيارته لسترة في فبراير/ شباط العام 2001م مثلا. فالقوة التي استخدمت اثناء سنوات الحوادث جاءت بنتائج عكسية على المجتمع البحريني، وبذلك وجد ان القوة لا تحل المشكلات، والحكيم من استفاد من الحوادث الجارية، فأميركا استخدمت قوتها المتمثلة في جيوشها الجرارة. وتكنولوجيتها العسكرية المتطورة ضد الشعب الفيتنامي فخرجت خاسرة، وها هي الآن مع حلفائها تسبح غارقة في المستنقع العراقي، و«إسرائيل» لم تستطع بترسانتها العسكرية ان تحقق نصرا على الشعب الفلسطيني الاعزل، كل هذه نتيجة القرار غير الرشيد، وكان بالاخرى من وزارة الاعلام ان ترحب وتشجع أمثال هذه المسرحية التي تعالج مشكلات يعاني منها المجتمع البحريني. والشعب البحريني ينتظر من جلالة الملك ان يحل كثيرا من المشكلات العالقة، والازمات الطارئة، ليست هذه فحسب، فالمجتمع البحرين يعاني من مشكلات مزمنة وطارئة، بعضها جاءت نتيجة الحوادث الماضية، فمشكلة العاطلين عن العمل الذين يتجاوز عددهم 30 ألفا أو يزيدون كما ذكر الجمري، ومشكلة التمييز وما ادراك ما مشكلة التمييز في قطاعات الدولة ومؤسساتها، ومشكلة التجنيس المستحدثة ما هب ودب من دول عربية وأجنبية، فامكانات البحرين الاقتصادية، ورقعتها المحدودتان لا تتحملان تلك الاعداد المتدفقة من جميع الجهات. كما أن أهالي قرى البحرين يتطلعون من جلالة الملك ويتشرفون بزيارة قراهم بين الفينة والفينة ليطلع بنفسه على ما تعانيه قراهم من نواقص في الخدمات الحياتية المطلوبة، ولا ريب في ان جلالة الملك حريص ان تكون البحرين في مصاف الدول المتقدمة بخدماتها الحديثة
إقرأ أيضا لـ " عبدعلي محمد حسن"العدد 460 - الثلثاء 09 ديسمبر 2003م الموافق 14 شوال 1424هـ