لابد لضمان نجاح أي مشروع من الإعداد الجيد له مقرون بخطة تسويقية فعالة ومتميزة قبل وأثناء تنفيذ المشروع. وقد تكون هذه المقومات بديهية ولكنها مصيرية لنجاح المشروع، فعلى سبيل المثال يجد قارىء الصحف اليومية انها مليئة بالاعلانات ابتداء من الصفحة الاولى حتى الصفحة الاخيرة مروراً بصفحات اعلانية داخلية كاملة لمنتج قد يكون جديدا او معروفا للمستهلك، هذا غير الوسائل الاعلانية الاخرى مثل الاذاعة والتلفزيون وإعلانات الشوارع وعلى الباصات ودور السينما. كل هذا بهدف وصول او ايصال الرسالة التسويقية الخاصة بالفكرة او المشروع إلى المتلقي قد يكون مستخدما أو مستهلكا او قارئا او مشاهدا. وقد يكون هذا المشروع منتجا استهلاكيا او مشروعا اقتصادياً او سياسياً او ثقافياً او حربيا كما نعيشه هذه الايام من ترويج لحملة عسكرية قلّ مثيلها من حيث التحضير القانوني والحشد السياسي والاعلامي، كل هذا في النهاية لتبريرها وايضا لضمان نجاحها. اذاً التهيئة تعتبر ضرورية لتقبل وبالتالي نجاح المشروع، وفي هذا السياق يعتبر التسويق لثقافة تكنولوجيا المعلومات من الامور الملحة والمطلوب البت فيها بشكل عاجل لأهميتها وعمق تأثيرها في مختلف دروب حياتنا المعاشية . عندما نتطرق إلى التسويق لثقافة تكنولوجيا المعلومات لا نقصد بذلك الجانب التجاري البحت فهناك من يتكفل به، اي الشركات المتخصصة في هذا المجال. فالمقصود بالتسويق هنا، هو استحداث الآليات المناسبة من قبل اصحاب الشأن والقرار ومن مختلف المواقع (الجهات الحكومية والقطاع الخاص وجمعيات النفع العام) لتفعيل نشر ثقافة معلوماتية هادفة في مختلف الوسائل الاعلامية المتاحة المقروءة والمسموعة والمرئية كمشروع وطني متكامل للنهوض تمثل الثقافة المعلوماتية أحد جوانبه المهمة. فالمشاهد لبرامج التلفزيون يلحظ شحة وندرة في البرامج المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات ان كان من حيث الكم او النوع هذا ان وجدت، فهناك محطات فضائية لا تعرض هذا النوع من البرامج وتخيل كم هو الخلل في خريطة البرامج التلفزيونية عندما تنعدم مثل تلك البرامج الهادفة والمطلوبة لرفع الوعي المعلوماتي لدى المشاهد، فاذا لم يستخدم التلفزيون احدى اهم الوسائل الاعلامية والاعلانية للتسويق لتلك الثقافة، فلا نتوقع من جيل الشباب اي اهتمام، فهو متلق لمعلومة ويترجمها بعد ذلك في سلوكه وقبل ذلك في فكره. وبلغة الارقام فمن بين عشر محطات فضائية عربية نجد ان نسبة البرامج المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات تصل الى صفر. نعم صفر أي لا يقدم أي برنامج. فكيف نطمح إلى النهوض في بالاقتصاد الرقمي والاعتماد على هذا الاقتصاد كدخل مساند لبقية ايرادات الدولة. ومن مجموع المجلات العربية اي تلك التي تصدر عن الدول العربية، نجد انه لا توجد مجلة متخصصة في تكنولوجيا المعلومات سوى واحدة او اثنتين والثانية ما هي إلا ترجمة لمجلة غربية ، وهذا مؤشر آخر يدل على عدم الاهتمام ، وان تطرقنا الى البرامج الاذاعية المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات فهي ليست بأفضل من حيث الندرة والشحة من التلفزيون، اما مواقع الانترنت العربية المتخصصة في هذا المجال فهي محاولات فردية ومن هواة، وقد يدشن موقع اليوم ويموت بعد شهر او أسبوع كما مات منها العشرات وقد تكون المئات من المواقع العربية
إقرأ أيضا لـ "أنور الحربي"العدد 46 - الإثنين 21 أكتوبر 2002م الموافق 14 شعبان 1423هـ