القرارات التي صدرت عن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية تعد تعبيراً صادقاً عن مستوى الاحتقان الذي نتج عن التعنت الصهيوني، وعدم التزامه بقرارات الشرعية الدولية.
بعد انقطاع طويل لمنظمة التحرير الفلسطينية وللمجلس المركزي المنبثق عنها، عاد عنوانها مجدداً إلى الواجهة إثر انعقاد الدورة العادية السابعة والعشرين للمجلس التي حملت عنوان «دورة الصمود والمقاومة الشعبية»، والتي عقدت في رام الله عاصمة السلطة الوطنية الفلسطينية في الرابع من مارس/ آذار 2015.
كان انعقاد الندوة والعنوان الذي حملته مؤشراً على ضغوط شعبية كبيرة، داخل وخارج منظمة التحرير، للخروج من نفق السكون الراهن، حيث لا تقدم في المفاوضات النهائية مع العدو يفضي إلى تحقيق الحدود الدنيا من صبوات الشعب الفلسطيني المظلوم. وكانت القرارات التي صدرت عن المجلس تعبيراً صادقاً عن مستوى الاحتقان الذي نتج عن التعنت الصهيوني، وعدم التزامه بقرارات الشرعية الدولية، وجملة المبادرات التي طرحت عربياً ودولياً، لما يقرب من خمسة عقود لتسوية الصراع العربي الصهيوني، وحل المسألة الفلسطينية.
فبالإضافة إلى تأكيد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في هذه الدورة على التمسك والالتزام المطلق والثابت بالحقوق الوطنية وبإعلان الاستقلال وحق دولة فلسطين في ممارسة سيادتها على أرضها، أكّد أن طريق الأمن والسلام والاستقرار في فلسطين لن يكون سالكاً إلا بقيام دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس، وضمان حق اللاجئين في العودة وفق القرار 194، ومبادرة السلام العربية، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
لم تكن هذه الصيغة المألوفة في البيانات الصادرة عن السلطة ومنظمة التحرير سوى المقدمة، لتحميل سلطة الاحتلال مسئولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة، كسلطة احتلال وفقاً للقانون الدولي. ووقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع المحتل الإسرائيلي في ضوء عدم التزام الكيان الصهيوني بالاتفاقات الموقعة بين الجانبين.
السؤال الذي نطرحه في هذه القراءة السريعة هو: هل نحن أمام انتقال استراتيجي في سياسة السلطة الفلسطينية تجاه الاحتلال الصهيوني؟ وهل هو قرار ملزم للسلطة الفلسطينية، أم أن مصيره سيكون مصير القرارات والتوصيات الأخرى، بما فيها المبادئ الأساسية لمنظمة التحرير، والميثاق الوطني الفلسطيني، والتي طواها جميعاً النسيان؟
إذا ما أحسنّا النية في التزام السلطة الفلسطينية بهذا القرار، فإن ذلك يعني أن السلطة قرّرت طي صفحة اتفاقية أوسلو التي على أساسها وجدت السلطة الفلسطينية في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. والأهم هو ما سيترتب على إلغاء التنسيق الأمني مع العدو من تداعيات على الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية معاً. فليس لتبني إنهاء التنسيق الأمني الفلسطيني مع الكيان الصهيوني سوى إطلاق يد المقاومة، بشقيها الشعبي والمسلح، من أجل طرد الاحتلال. والتهيؤ لما يترتب على ذلك من منازلة مع الكيان الغاصب. ليس ذلك فحسب، بل والمطالبة بإطلاق سراح القادة الفلسطينيين الذين تم تسليمهم من قبل السلطة للكيان الغاصب، بناء على نص في اتفاق أوسلو أمسى من الماضي.
لقد كان التنسيق الأمني مع الكيان الغاصب هو حصيلة اتفاق أوسلو الذي وقع في 13 سبتمبر/ أيلول 1993 في واشنطن من قبل ياسر عرفات عن الجانب الفلسطيني، بصفته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وعن الجانب الإسرائيلي إسحاق رابين بصفته رئيس الحكومة الإسرائيلية. وحضر حفل التوقيع الرئيس الأميركي بيل كلنتون. وقد حمل الاتفاق عنوان: «إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي».
قضى الاتفاق الذي عرف في حينه بـ «اتفاق غزة - أريحا أولاً»، بقيام سلطة فلسطينية على أراضي الضفة والقطاع، مهمتها انتقالية، وتدير شئون الفلسطينيين في تلك المناطق. وأن هذه الفترة لن تتجاوز الخمس سنوات، تجري بعدها المفاوضات النهائية التي يعلن على إثرها قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
مضى على توقيع الاتفاق قرابة 22 عاماً، وخلالها استثمر العدو حالة الاسترخاء الفلسطيني الذي نجم عن توقيع اتفاق أوسلو، ليوسع من بناء المستوطنات ويصادر الأراضي والممتلكات، وليسنّ القوانين المعوقة لحق العودة. هذا مع سعي حثيث ومتواصل إلى تهويد المدينة المقدسة، مع تنكر لنصوص اتفاقية أوسلو التي تشير إلى أنه مجرد اتفاق مؤقت، يهيئ لنقل السلطة كاملةً إلى الفلسطينيين بعد خمس سنوات من توقيع الاتفاق.
وعلى الجانب الفلسطيني تمسّكت السلطة الفلسطينية ببنود الاتفاق، بما فيها البنود التي تمثل تجاوزاً صريحاً لحق الفلسطينيين في المقاومة. ومن أسوأ تلك البنود ما عُرف بالتنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية. وهو تنسيق من جانب واحد يلزم الفلسطينيين وحدهم بتنفيذه، ولا يتحمل الإسرائيليون شيئاً من جرائه.
لقد أسهمت ترتيبات التنسيق الأمني بين السلطة والكيان الصهيوني في لجم الحراك المقاوم للاحتلال. وكان أسوأ ما فيه هو إناطة دور الشرطي والحارس للاحتلال، إلى السلطة. ومن خلاله تم تسليم قادة فلسطينيين كان لهم دور ريادي في قيادة الكفاح الفلسطيني.
في الوقت ذاته، حظي القتلة من الصهاينة بحماية ورعاية الكيان المغتصب، ولم تتم محاسبة أي منهم قانونياً وقضائياً على جرائم القتل التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين. وقد شهد العقد الأخير تصاعداً مضاعفاً في الممارسات الصهيونية، ومصادرة الأراضي، وبناء الجدران العازلة، والمعابر من حصة الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تديرها السلطة الفلسطينية.
أسئلة كثيرة تدور حول تبني المجلس المركزي لهذا القرار. هل ستلتزم به السلطة المركزية، وتتحمل تداعياته التي يمكن أن ترقى إلى حل السلطة ذاتها؟ وهل يمكن تحقيق ذلك في ظل الانقسام الفلسطيني؟ أم أن ذلك ربما يكون مدعاةً للتسريع في تحقيق الوحدة الفلسطينية.
أسئلة كثيرة، ستتكفل الأيام القادمة بالإجابة عنها، لكن المؤكد أن ما بعد تبني القرار بإنهاء التنسيق الأمني مع العدو، سيكون مختلفاً بشكل جوهري عما قبله.
إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي "العدد 4589 - الثلثاء 31 مارس 2015م الموافق 10 جمادى الآخرة 1436هـ
لماذا كل هذه
....اذهب الى فلسطين وقاتل هناك بدلا من ان تهمبل علينا في الانترنت او الصحف . ثم من قال لك ان ما تسميه بالكيان الصهيوني كيان مجرم قاتل ؟ هل زرت اسرائيل واطلعت على الوضع هناك ؟ انصحك وانصح كل من يهمبل مثلك ان يزور اسرائيل و يطلع على الحقيقة بنفسه حينها سيكتشف الكذب الذي يمارسه عليكم اعلامكم العربي وصحفيوه وانت منهم .
من اضاع القضية هم الفلسطنيون
باعوا الأرض عسعس للمخابرات الاسرائيلية حرب بين بعضهم البعض واخيرا مواقف سياسية لا تستقيم مع الواقع وهو تحرير الأرض بقوة السلاح وليس بالمفاوضات لوحدها ولكم بمواقف حماس والسلطة من قضية سوريا واخيرها اليمن الخلل فيهم